"فى مناسبة عيد الأم كان يهدى والدته حاجات بسيطة إما ملابس أو طرحة، أو يعطيها فلوس ويقولها هاتى اللي نفسك فيه واشترى اللي يعجبك".. وكان يجلس بجانب والدته وهو يضحك، ويقول لها: "أنا قاعد جنبك يا أمي علشان أخد معاكى هدايا عيد الأم ومتنسيش تديني حاجة.. وياريت الأب كمان يكون ليه عيد زى عيد الأم".. بهذه الكلمات الحزينة بدأت زوجة الشهيد تواضروس يوسف تواضروس تحكي لنا كيف كان يقضي عيد الأم. في مشهد حزين تحلى بالصبر والإيمان استرجع أهالى شهداء مذبحة داعش في ليبيا ذكريات الشهداء في المناسبات ومواقفهم التي تحلت بالشهامة والوقوف بجانب أصدقائهم، وأقاربهم ومساعدتهم في الأزمات الصعبة، فضلاً على جهودهم في إدخال الفرح على نفوس من حولهم وحرصهم على تقديم الهدايا لذويهم رغم تدنى الأحوال المعيشية وقلة دخولهم. مواقف كثيرة وذكريات بسيطة وجميلة عاشها الشهداء مع أقاربهم كان لها الأثر الكبير في استشهاد ذويهم برواية أدق تفاصيل هذه الذكريات أثناء حديثهم مع "بوابة الأهرام" التي انتقلت إلى مسقط رأس الشهداء الذين ذبحوا على أيادي عصابة "داعش" في ليبيا حيث فقدت قرية العور التي تبعد حوالي 10 كيلو مترات غرب مدينة سما لوط 14 شاباً من أبنائها. يروي أقارب الشهداء لنا.. "البهجة كانت تسيطر على نفوسنا بعد علمنا بقرب موعد عودة الشهداء من غربتهم في ليبيا التي كانوا يسافرون إليها بحثاً عن لقمة العيش وسد احتياجات أمهاتهم وأشقائهم وتعليم أولادهم للحصول على مؤهلات عليا لتجنب مرارة المعيشة، وسوء الأحوال المادية وكذلك تلبية متطلبات أطفالهم وتأمين مستقبلهم وإنشاء منزل لتفادى مشقة الحصول على مسكن يأويهم". بدأت زوجة الشهيد تواضروس يوسف تواضروس حديثها ل"بوابة الأهرام": يا بخته في السما.. زوجي كان بسيط وطيب وحنين جداً ولو معاه "بلحة" كان يقسمها مع أى حد فى البيت.. وفى مناسبة عيد الأم كان يهدى والدته حاجات بسيطة أما ملابس أو طرحه أو يعيطها فلوس يقولها هاتى اللى نفسك فيه واشترى اللى يعجبك.. وكان يجلس بجانب والدته وهو يضحك يقولها: انا قاعد جمبك يا أمى علشان اخد معاكى هدايا عيد الأم ومتنسيش تدينى حاجة.. وان يتمنى أن الأب يكون له عيد زى عيد الأم. وأشارت زوجة الشهيد إلى قيام زوجها بإرسال 7 معالق و 6 كبايات شاى مع أحد زملائه وفى مكالمة تليفونية طلب منها الحفاظ على المعالق والكبايات وشراء شاى لوالدته وبعد أن قامت بالرد عليه أن المعالق والشاى متوفر فى البلد قال لها: لو رجعت هنشرب الشاى مع بعض ولو مرجعتش خلوها بركة منى.. واللقا نصيب.. وابقوا صلولنا. وأضافت الزوجة التى لديها 3 أطفال: "هو كان عشمان يعملنا أوضة لينا ولولادنا علشان العيال كبروا شنودة 15 سنة، وإنجى 13 سنة، ويوسف الصغير 5 سنين وكان دايما بيهزر مع العيال ويقولى أنا عايز شنودة يطلع ظابط وانجى تطلع دكتورة وكان بيهزر مع يوسف ويقوله وانت هتطلع إيه يا عم الحلو إنت؟ وكان فى كل مكالمة يقولى سلميلى على إخواتى وجيرانى وفى آخر مكالمة كانت في ليلة رأس السنة يوسف قاله: ربنا يجعلها سنة سعيدة عليك يا بابا ورد عليه وقاله: ربنا يدبرها ياأبنى" واختتمت زوجة الشهيد حديثها: "الفرقة صعبة بس هو عند ربنا وربنا اختاره.. كان عايز بس يوفر حياة كويسة للعيال ولأمه". وفى منزل الشهيد هاني عبد المسيح صليب، استعرضت والدة الشهيد الذكريات مع نجلها قائلا: "هانى كان كل حاجة في حياتي كان بيجيبلى لبس في عيد الأم، وكان يشيلنى يودينى عند الدكتور لو لقاني تعبانة.. مكنش يتحملعليا أي وجع وكان لازم احضره الأكل بنفسي ومكنش يرضى ياكل غير من أيدى ويقول لمراته لو الاكل مش من ايد امى مش هاكل". وأضافت زوجة الشهيد: "هانى كان يحب يساعد الفقرا وكان معين للكل ويحب يسعد غيره ومكنش يفرق فى معاملته بين المسلمين والنصارى وكان بيحب الصلاة فى الكنيسة وقراية الكتاب المقدس ولما اتخطف كان صايم، وهو كان متغرب علشان يوفر لولادنا الأربعة مارينا 12 سنة، ورفقة 10 سنين، وفيولا، وباخوميوس توأم 6 سنين عيشة نضيفة، وتعليم كويس وكان يقولى: العيال مذنبهاش حاجة علشان تعيش العيشة الصعبة اللى احنا عايشينها.. وأصحابه المسلمين من أيام الجيش جاءوا من بلدهم فى أسيوط علشان يعزونا دا دليل إنه كان محبوب من الكل". وفى سياق متصل أضاف شقيق الشهيد يوسف شكرى يونان: "الشهيد سافر ليبيا يشتغل علشان يساعد أخوه الكبير "اسحاق" فى جهازه علشان يتجوز وكان يضحك معانا ويقولنا: "خلى اسحاق يتجوز ويخلص علشان ارجع اتجوز.. يوسف أصغر واحد فى اخواته وكان بسيط وطيب وبيساعد البيت بكل اللى كان يبقى فى جيبه". وأضافت الشقيقة الكبرى للشهيد يوسف: "كان بيبعت لكل اللى فى البيت هدوم فى كل المناسبات وكان بيبعت لأمه لبس كتير فى عيد الأم، ومكنش بيفكر فى نفسه خالص ولما كان حد يتعب كان لازم يوديه للدكتور يكشف عليه ولما كان ينزل إجازة كان بيسيب محفظته فى البيت علشان ناخد منها الفلوس ونصرف منها.. وقالت: "الشهدا قبل ما يتخطفوا كانوا قاعدين فى السكن ومش بيخرجوا منه.. كان أصحابهم المسلمين بيجبولهم الأكل وكل اللى كانوا يحتاجوه".