قال الناقد د.صلاح السروي: إن المجموعة القصصية "تاكسي أبيض" للكاتب شريف عبد المجيد، هي ضربة جديدة فيما يطلق عليه بالنزعة الكفكاوية عند القاص شريف عبد المجيد، وهي تلك النزعة التي تسخر من الواقع باستخدام الفانتازيا. وأضاف السروي، خلال مشاركته في مناقشة المجموعة القصصية الصادرة أخيرًا عن الدار المصرية-اللبنانية، والتي استضافتها دار العين، أن شريف عبد المجيد دائمًا ما يجعل الفرد البسيط المنتمي للطبقة الوسطى -غير المتحقق فيها- محور اهتمام قصصه، بينما تلفت "تاكسي أبيض" إلى عنصر جديد في عناصره "المجهول المميت"، ففي المجموعة هناك شيء ما غامض لا يدري القارئ ماهو، ولكنه يلهث خلفه عبر صفحات السرد. تتضمن المجموعة القصصية 14 قصة، تدور كلها حول الواقع المصرى المعاصر بأسلوب اجتماعى بسيط وشائق، وتنقسم إلى قسمين، الأول بعنوان "القبض على سمكة"، والثانى بعنوان "جرافيتى". وأوضح السروي، أن الفانتازيا هي المدخل المناسب لقراءة تلك المجموعة، وبالرغم من ذلك، فإن هناك تنويعًا صاغه المؤلف على فكرة الثورة، عبر تلك العدمية المسيطرة على كل القصصية، وهي عدمية تدفع إلى التغيير في حد ذاته. اتفق القاص والسيناريست وليد خيري مع السروي في تنويع شريف عبد المجيد على فكرة الثورة، وقال: إن المجموعة ملتصقة جدًا باللحظة الراهنة، وهي بإيقاعها اللاهث تشبه السنوات الثلاث السابقة، وإن كانت لم تذكر الثورة تحديدًا إلا في قصة واحدة، وأكثر القصص تمثيلًا لذلك هي قصة "تاكسي أبيض" التي تعتبر توثيقا تاما ل25 يناير بالرغم من أن القصة لا تتحدث عنها. ولفت خيري إلى أسلوب عبد المجيد في بناء قصصه، حيث ينطلق الأخير من مدخل كلاسيكي في السرد لينتقل بعده إلى عالم سحري محبب. "تاكسي أبيض" هي المجموعة القصصية الخامسة في رصيد الكاتب، بعد أربع مجموعات قصصية، هي: مقطع جديد لأسطورة قديمة، وخدمات ما بعد البيع، وفرق توقيت، وجريمة كاملة. وهو ما يصفه خيري ب"ولاء" شريف عبد المجيد للقصة القصيرة، حيث إنه لم يخن القصة القصيرة وينقلب إلى غيرها من الفنون السردية، مثلما فعل كتاب القصة غيره، وهو ماجعله يطلق عليه لقب "راهب القصة القصيرة"، بحسب قوله. من جانبه قال الروائي فتحي سليمان: إن الرؤية الأدبية التي ينحاز إليها "عبد المجيد" في كتابه تذكره بقصة "العتب على النظر" ليوسف إدريس، حيث يختار شريف عبد المجيد "زاوية شوف" خاصة به، ليطلع القارئ من خلاله على اللقطات التي يريده أن يراها. وأكمل: قصص شريف عبد المجيد تشبه سلوكه، حيث إنني أتذكره الآن في أيام الثورة، يحمل كاميراه الخاصة، وفي حين انشغل جميع المصورين بتصوير الحشود، اهتم هو بتصوير الحوائط وما تحويه من رسومات، وكأنه يشعر بأن تلك الحوائط زائلة، ربما كان يسجلها، لتخرج لنا في النهاية محفوظة في مجموعته القصصية "تاكسي أبيض".