"الهالوين" يبدو من المسمى أنه اسم دخيل على الثقافة العربية والإسلامية والمسيحية أيضا، حيث انتشر فى السنوات الأخيرة إقبال المصريين على الاحتفال به، على نطاق يزداد اتساعا عاما بعد الآخر، حتى بات عادة أساسية فى بعض البيوت والمدارس المصرية. وعلى مواقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك وتويتر"، تباهى كثيرون بنشر صورهم وصور عائلاتهم، وهم يرتدون الملابس المرعبة، ويضعون على وجوههم "ماكياج" مُرعب. وقد استقبل البعض هذا الاحتفال بشكل ساخر وتهكمي، وعلى سبيل المزاح، بينما استقبله آخرون بالرفض الشديد، ورأوه أنه يتنافى مع العادات والقيم المصرية الاجتماعية والدينية. وتسلط "بوابة الأهرام" الضوء على ما هو احتفال "الهالوين"، ونشأته، وما هو حكم الدين الإسلامي والمسيحي فيمن يحتفلون به، وكذلك رأى خبراء علم الاجتماع. بداية احتفال "الهالوين"، أو "عيد القديسين"، هو احتفال يقام بتاريخ 31 أكتوبر من كل عام، ويعد احتفالا خاصا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، وأيرلندا، وبريطانيا، وأجزاء أخرى من العالم. وتعود جذور الهالوين إلى أيرلندا، وامتدت إلى إقامة مهرجان يسمى "السلتيك" فى سامهاين، وصدف أن موعده يأتى مع احتفال المسيحيين بعيد يوم "جميع القديسين". ويعتبر "الهالوين" احتفالا رسميا فى الدول الغربية التى تحتفل به، وتشمل الأنشطة المرافقة لعيد الهالوين الخدع، وارتداء الملابس الغربية والأقنعة، وتروى القصص عن جولات الأشباح فى الليل، وتعرض التليفزيونات ودور السينما بعض أفلام الرعب. ويحتفلون به فى أمريكا بأن يرتدى طفل صغير ملابس مرعبة، و يدور على المنازل لجمع الحلوى والنقود، حيث يردد جملة خُدعة أم حلوى (بالإنجليزية)، ويحتفل بالهالوين الأمريكيون من مختلف الثقافات والأديان، ويقوم العامة بتزيين البيوت والشوارع بالقطين والألعاب المرعبة والساخرة. ويتنكر الجميع من كبار وصغار لكى لا تعرفهم الأرواح الشريرة، حسبا لاعتقادهم، حيث تقول الأسطورة إن كل الأرواح تعود فى هذه الليلة من البرزخ إلى الأرض، وتسود وتموج حتى الصباح التالي، ويتنقل الأطفال من بيت إلى آخر، وبحوزتهم أكياس وسلال يملؤها بالشيكولاتة والحلوى، ومن لا يعطى الأولاد المتنكرين الحلوى والشيكولاتة فعقابه أن الأرواح الشريرة تغضب منه. وهوليوود، لم تتأخر عن هذا، فقد أنتجت عشرات الأفلام عن الهالوين، منها أفلام الرعب، و الكوميديا السوداء، إضافة إلى أفلام كرتون للأطفال، كما تنشط مصانع الألعاب والحلويات والمحال التجارية به، حيث تحقق مناسبة الهالوين نشاطا تجاريا وزيادة الإنتاج. قال الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر سابقًا، إن ما يسمى "احتفالات الهالوين" هو عادة غربية لا علاقة لها بالدين الإسلامي أو المسيحي من بعيد أو قريب، والتى تحرم مثلها وتجرمه، مشيرا إلى الدين الإسلامي لا يعرف سوى عيدين، الفطر والأضحى. وأضاف عاشور، أن هناك قطاعا كبيرا من المصريين يقلدون الغرب بشكل مبالغ فيه، مشيرًا إلى أن البعض لديه اعتقاد أن الغرب أكثر تطورا من العرب، لذلك فهم يجنحون دائمًا إلى العادات الغريبة المستوردة من الغرب. من جانبه، قال الدكتور جمال أسعد المفكر القبطي، إن الاحتفال بعيد"الهالوين"، مجرد مظاهر احتفالية كتقليد للغرب، ولا تتنافى مع العقيدة المسيحية. وأشار أسعد، إلى أن المسيحيين الذين يهاجرون إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ويختلطون بالأمريكان فى ثقافتهم وعاداتهم هم الأكثر تقليدا لتلك العادات الغريبة على المجتمع المصري، مشيرا إلى أن قطاعا كبيرا من المسيحيين فى مصر لا يحتفلون بهذا العيد الغربي. وأضاف المفكر القبطي، أن من يحتفل بمثل هذه الأعياد الغريبة هم مجموعة من "البرجوازيين" الذين يعشقون تقليد الغرب فى كل شىء، مشيرا إلى أن الأمر ليس له علاقة بجوهر العقيدة المسيحية، أو بالعادات والتقاليد. وفى سياق متصل، قالت الدكتورة عزة كُريم أستاذ علم الاجتماع مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن تلك الاحتفالات الواردة إلينا من الغرب ما هى إلا عادات غريبة ودخيلة على عاداتنا وأخلاقياتنا، وتتنافى مع شعائر الدينين الإسلامي والمسيحي. وأضافت كُريم، أن المشكلة أن تلك الاحتفالات تقام فى المدارس، مما يؤثر على ثقافة وعقيدة أطفالنا، والتى تبعدهم مثل تلك الأمور عن جذورهم المصرية والعربية، مؤكدة أن الجهات المسئولة عن التربية والتعليم فى مصر يجب أن تحرص كل الحرص على منع ذلك. وأكدت، أن هناك اعتقادا خاطئا لدى البعض ممن يقلدون الغرب فى تلك الاحتفالات، بأن الغرب أكثر تطورا من العرب والمصريين، حتى فى الأمور الخاطئة، مؤكدة أن البعض يعتبر ذلك "شياكة" ورفاهية، وهى فى حقيقة الأمر فراغ فكرى.