في أحدث إصداراته حول تنامي ظاهرة قدوم مقاتلين أوربيين في صفوف "منشقي القاعدة" أكد تقرير لمرصد الفتاوي التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية أن ظاهرة الجهاد العالمي في سورياوالعراق أصبحت محور اهتمام العديد من مراكز الفكر والرأي العالمية، والتي حاولت استكشاف أبعاد الخطاب الجهادي وتداعيته على المنطقة والعالم. وشدد التقرير على أن الخطاب الجهادي يلقي رواجًا في عدة بلاد أوروبية، مما يعد استنساخًا لحقبة الثمانينات والتسعينات في حروب أفغانستان والشيشان وغيرهما. وأشار التقرير إلى أن أغلب التحليلات تؤكد أن الجانب الديني هو الدافع الرئيسي لانضمام المقاتلين في صفوف داعش، وظهر ذلك من خلال تحليل خطاب العناصر الجهادية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي رصدها مرصد دار الإفتاء والذي بيَّن أن الجانب الديني كان محفزًا أساسيًا للانضمام لصفوف الجماعات المسلحة حيث يعتقد الكثيرون أن القتال في سورياوالعراق هو قتال شرعي في سبيل الله وتحقيق لحلم الخلافة الإسلامية. وأضاف التقريرأن البعد المذهبي للصراع في المنطقة كان أحدأهم دوافع انضمام المقاتلين في صفوف الجماعات الإرهابية، وأن تسارع وتيرة تدفق بعض الجهاديين من أوروبا والدول العربية كان مرده إلى تدخل حزب الله اللبناني صاحب الإنتماء الشيعي، ومن ثم رصد مرصد دار الإفتاء المصرية تنامي الفتاوى الدينية الداعية إلى الجهاد داخل سوريا. كما أوضح التقرير أن تنامي تدفق المقاتلين من عدد من الدول الأوروبية على سورياوالعراق وانضمامهم لصفوف "منشقي القاعدة" يمثل تهديداً حقيقياً لهذه الدول، وهو ما انعكس في تصريحات المسئولين في هذه الدول وتخوفهم من قيام بعض هذه العناصر الإرهابية بأعمال عنف داخل أوروبا حال عودتهم. وقال التقرير إن العناصر المقاتلة في صفوف منشقي القاعدة، والتي جاءت من دول أوروبية كثيرة اعتمدت على وسائل الإعلام الاجتماعية للترويج لأفكارها، حيث رصد ازدياد عدد الصفحات التي تم أنشاؤها للترويج لما يسمى الجهاد في العراقوسوريا على مواقع الفيسبوك وتويتر واليوتيوب باللغات الأوروبية. وأشار التقرير إلى صعوبة الرقابة والتضييق على الفضاء الإلكتروني نظراً لانتشاره الشديد، وكذلك القوانين التي تُعلي من فكرة حرية العمل والحركة داخل هذه الدول. واقترح التقرير أنه مع تنامي ظاهرة تدفق المقاتلين الأوروبية فإن الحلول الأمنية لن تجدي على المدى الطويل، مشددًا على ضرورة تبني إجراءات وقائية والقيام بحملات توعية منظمة لمنع انخراط الشباب الأوروبي والوقوع فريسة لمثل هذه التنظيمات الدموية. وشدد التقرير على ضرورة وضع استراتيجية فكرية متكاملة لمواجهة التنظيمات الإرهابية يتم التركيز فيها على فتح حوارات مباشرة مع الذين وقعوا في براثن التطرف سعياً لإعادة تأهيلهم، مع ضرورة الاستفادة من التجربة المصرية في التعامل مع هذه العناصر الإرهابية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ونجاح هذه التجربة بشكل كبير في إعادة قطاع كبير من العناصر الإرهابية إلى صفوف الاعتدال. وأكد التقرير ضرورة إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باللغات الأجنبية للرد على دعاوي هذه الجماعات الإرهابية وتنفيذها بشكل علمي، وهو ما قامت به دار الافتاء المصرية مؤخراً سعيًا منها لمواجهة التحدي الأكبر المتمثل في تحصين الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر المنحرف.