اتخذت مصر إجراءات استباقية للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، والحفاظ على الأمن الغذائي المصري وذلك من خلال عدة محاور هامة؛ هي التوسع الأفقي في الرقعة الزراعية وفقًا لخطة موضوعة لإضافة 4 ملايين فدان خلال 3سنوات، والتصدي بقوة للممارسات غير القانونية على الأراضي الزراعية ومنع التعدي عليها، والتوسع في الزراعات الذكية التي تتضمن أحدث الأساليب في الزراعة والري والحصاد وتجهيزات التربة واستخدام الميكنة، وأيضًا التوسع في استخدام محطات الأرصاد الجوية الزراعية والتي تعطي بيانات دقيقة عن حاجة النباتات والأشجار للمياه والأسمدة والمخصبات، وتعطي مؤشرات وتحذيرات للمزارعين وأصحاب الحقول عن اقتراب هطول الأمطار أو هبوب الرياح وموجات الحرارة الشديدة والصقيع، مما يعطي فرصة للمزارعين للتعامل المسبق للحد من الآثار الضارة لهذه العوامل. موضوعات مقترحة 21 رمضان.. مواقيت الصلاة في القاهرةوالمحافظات اليوم الجمعة 21 مارس 2025 "الزكاة والصدقات" بين الفريضة والتطوع.. أين يكمن الفرق؟ دعاء الإفطار اليوم الخميس 20 رمضان.. لا يرد الله دعوة صائم
وتؤثر التغيرات المناخية على مواعيد الزراعة بالنسبة لمختلف المحاصيل، وهو ما يعني، تغير كامل لمواعيد الخريطة الزراعية، مما يستوجب سرعة العمل على تربية تقاوي محاصيل زراعية قادرة علي التأقلم مع هذه المتغيرات المتسارعة، حفاظًا على الإنتاج الزراعي ومعدلاته، كما يجب أن نضع في الاعتبار تأثير التغيرات المناخية على التربة الزراعية مما يعرضها إلى التصحر وهو ما يستوجب دور فعال للمعاهد البحثية المتخصصة، وعلى رأسها معهد بحوث الأراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية لإيجاد حلول واقعية وفعالة لهذه المشكلات. «الأهرام التعاوني» تستعرض أبرز تأثيرات التغيرات المناخية على إنتاجية بعض المحاصيل الزراعية مع توضيح جهود الدولة للحد من تلك التأثيرات على قطاع الزراعة من استراتيجيات واتفاقيات، ومشروعات ومبادرات من أجل تحسين فرص مستقبل الإنتاج الزراعي في ظل تلك المخاطر، باعتباره واحدًا من أهم الموضوعات المُلحَّة ذات التأثير المباشر على الأمن الغذائي المصري، مع تحليل عوامل القوة والضعف والفرص وتناول سياسات الحد من مخاطر التغيرات المناخية، وأدوات تطوير المنظومة الزراعية للتكيف مع هذه التغيرات، وأيضًا أهم الآليات المستخدمة في هذا التطوير؛ كالزراعات المحمية وتطبيقات الزراعة الذكية مناخيًّا. إجراءات وزارة الزراعة أكد الدكتور محمد علي فهيم مستشار وزير الزراعة ورئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن مصر تعاملت مع قضية التغيرات المناخية وفقا لرؤية خاصة بها، وأساس هذه الرؤية هو اختلاف طبيعة التغير المناخي في مصر فهو «تغير صامت» لا يظهر منه إلا تأثيره على النواحي الاقتصادية وغيرها وعلى ملف الأمن الغذائي، ولكن مصر وجهت اهتمام غير مسبوق بقطاع الزراعة من القيادة السياسية والحكومة، حتى بلغنا مستويات مطمئنة بالنسبة للأمن الغذائي؛ من حيث الإتاحة والسلامة والاستدامة. وأشار الدكتور محمد علي فهيم، إلى الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الدولة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، ومنها مشروع المليون ونصف مليون فدان لزيادة الرقعة الزراعية، واعتماد منظومة الزراعة التعاقدية، وإطلاق المشروع القومي للزراعات المحمية (الصوب الزراعية) الذي ساعد في زيادة تنافسية المنتجات الزراعية وزيادة الإنتاجية وإتاحة السلع الغذائية بالأسواق؛ ولولا الصوب لوقعت مشكلة كبيرة بالأسواق المحلية، كما لفت إلى إجراء استباقي شديد الأهمية وهو توفير المياه من مصادر غير تقليدية، بإنشاء عدة محطات ضخمة لمعالجة مياه الصرف الزراعي. وشدد مستشار وزير الزراعة، على أهمية الابتكار في التعامل مع المشكلات المناخية التي لا تكفي معها الخبرات السابقة؛ منها مشكلات تغير شدة الرياح وارتفاع درجة الحرارة، وأنه لا يمكن الاعتماد على الابتكار لتحقيق التكيف في مجال الزراعة من دون تمويل غير حكومي؛ ومن هنا جاء برنامج «نُوفي» للتمويل والاستثمار في مشروعات المناخ وهو أحد أهم نتائج مؤتمر المناخ بشرم الشيخ ومن ضمن مشروعات هذا البرنامج التسعة، خمسة مشروعات لقطاع الزراعة تركز على تعزيز الإنتاج الزراعي للتكيف مع تغير المناخ في منطقتي الوادي والدلتا، وإعادة تأهيل المناطق الزراعية في شمال الدلتا المتضررة من تداعيات ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة قدرة المناطق الهشة مناخيًا على الصمود من خلال مكافحة التصحر وجمع المياه وإعادة تأهيل المراعي المتدهورة في المناطق الهامشية. التأثير على الإنتاج الزراعي ومن جانبه، أضاف الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي بوزارة الزراعة، أن التغيرات المناخية لها تأثير كبير على مواعيد الزراعة والحصاد ومعدلات النمو والإنتاج، وإن الدولة قامت باتخاذ خطوات استباقية على خلفية التوسع في المساحات المزروعة، وزيادة إنتاجية الأراضي والمياه لمواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها، إضافة إلى مجموعة من المشروعات العملاقة التي تم تنفيذها لتلاشي تلك التأثيرات السلبية مثل مشروعات «الزراعات المحمية كالصوب الزراعية – توشكي – الريف المصري الجديد – مستقبل مصر – الدلتا الجديدة – تعمير وتنمية سيناء». وأكد متحدث «الزراعة «، أنه على الرغم من انخفاض نسبة الانبعاثات الكربونية في مصر مقارنة بالدول الغربية والدول الصناعية الكبرى، إلا أن مصر من أكثر الدول التي تأثرت بالتغيرات المناخية وخاصة قطاع الزراعة، مما أدي إلى اهتمام الدولة غير المسبوق بهذا القطاع من خلال تنفيذ عدد من المشروعات؛ تتضمن استنباط أصناف قصيرة العمر يمكنها مواجهة التغيرات المناخية وتتحمل الظروف الجوية المختلفة، إضافة إلى استنباط أصناف جديدة من بعض المحاصيل كالقمح الذي يتحمل الأصداء، ويتم عمل خريطة صنفية متوافقة مع التغيرات المناخية والظروف الجوية لكل منطقة وبالتالي يتم مواجهة عملية الإصابة نتيجة لذلك وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على زيادة الإنتاجية وهو ما أدى بالفعل إلى مضاعفة الإنتاجية في ظل تلك التحديات والارتفاع من 10 أو 12 أردبا للقمح إلى 18 أو 20 أردبا، أيضًا لدينا مشروع إنتاج تقاوي الخضر والفاكهة محليًا الذى تم إطلاقه بالفعل، وهو جزء من تكوين الصوب الزراعية التي أنشأتها الدولة كزراعات محمية من خلالها نستطيع الإكثار من تلك التقاوي تحت ظروف يمكن التحكم فيها، بالإضافة إلى تقاوي المحاصيل الحقلية التي تعمل الوزارة علي تطويرها باستمرار لاستنباط أصناف جديدة قادرة علي مواجهة التغيرات المناخية. وأشار الدكتور محمد القرش، إلي إن الدولة قامت بالعديد من الإجراءات التي تتصدى للآثار السلبية الناجمة من التغيرات المناخية، عن طريق تطبيق حزمة من البرامج التي تستخدم التقنيات التكنولوجية الحديثة، مثل الإنذار المبكر للمزارعين بشأن التقلبات الجوية وعمل التوصيات الفنية والإرشادات وإرسالها للفلاح، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للمحافظة علي معدلات الإنتاج الزراعي وتطويره، بالإضافة إلى الزراعة علي المصاطب التي أثبتت كفاءة عالية في مواجهة التغيرات المناخية، وإن الزراعة الذكية واحده من الأدوات المهمة التي تتوسع الوزارة في تطويرها وتطوير أساليب الميكنة الزراعية، والتطوير من تقنية التحول الرقمي لتدقيق البيانات وإدخال بيانات حديثة مثل الحيازة الزراعية، ومشروع حوكمة الأسمدة لمراقبة عملية تداول الأسمدة لدي المزارعين، أيضًا استخدام صور الأقمار الصناعية في عملية تحليل البيانات ورؤية نماذج تطبيقية، في استخدام النظم الزراعية الذكية ونظم الري المطور. وأوضح الدكتور محمد القرش، إن الدولة تبذل جهود كبيرة لتعظيم الإنتاجية وتزويد مساحة الأراضي المنزرعة من خلال إضافة 4 مليون فدان للرقعة الزراعية وهذا يكلف الدولة نحو تريليون جنيه، وهذه الزيادة تساهم في المزيد من التنمية الزراعية وتوفير الإنتاج المحلي بالإضافة إلى الخروج من الوادي الضيق إلي إحداث تنمية زراعية صناعية متكاملة وشاملة، أيضًا اهتمام الدولة بشبكة الطرق من الأدوات التي ساهمت بشكل فعال في زيادة معدلات الإنتاج الزراعي، واستخدام الأساليب الحديثة في الري وعمل محطات تحليه مثل محطة «المحسمة» ومحطة «الحمام» ما أدي إلى توفير الكثير من مياه الري المهدرة وإعادة معالجة المياه واستخدامها مجددًا. ولفت متحدث «الزراعة»، إلى أن المراكز البحثية التابعة للوزارة تبذل جهود كبيرة لمواجهة التغيرات المناخية من خلال القيام بدورها الارشادي، واستخدام الأساليب الحديثة لتوعية الفلاح لزيادة معدلات الإنتاج، بالإضافة إلي التنسيق مع محطات الأرصاد الجوية الزراعية التابعة للوزارة والجهات المعتمدة الأخرى بالدولة، لعمل الإنذار المبكر للمزارعين والتوصيات الفنية اللازمة لمواجهة تلك الظواهر التي تتعرض لها البلاد، حتي يستطيع المزارع التكيف والتأقلم مع هذه التغيرات، مشدد على أن مصر تولي اهتماما ملحوظا بملف التغيرات المناخية من خلال تنظيمها واستضافتها مؤتمر المناخ cop 27 الذي انعقد في فبراير الماضي ومشاركتها بمؤتمر المناخ الذي سيقام في دبي العام الجاري 2023. الأمن الزراعي المصري وفي السياق ذاته أكد الدكتور حمدي الموافي رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز الهجين والسوبر، أن الهدف الذي يسعى له دائما مركز البحوث الزراعية هو استنباط أصناف جديدة من الأرز، تتحمل التقلبات والتغييرات البيئية، بالإضافة إلى ملوحة التربة وقلة المياه، وتعطي إنتاجية عالية من الأصناف والهجن السوبر والبسمتي، وإن محصول الأرز غذاء استراتيجي في مصر تنعقد عليه آمال كبيرة في حل مشكلة نقص الغذاء، علاوة على دوره الحيوي في إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتوفير فائض للتصدير، ويزرع الأرز في الحزام الشمالي في محافظات«كفر الشيخ والدقهلية والشرقية ودمياط والبحيرة والغربية وبورسعيد والإسماعيلية والإسكندرية». وقال رئيس المشروع القومى لتطوير إنتاج الأرز الهجين والسوبر، إن الصنف سخا سوبر 300 والذى يستحوذ على 40% من مساحة الأرز المزروعة في مصر، يتميز بالجودة العالية ونسبة تصافي تبييض 65% إلى 68%، كما يتميز بكونه موفرا في استهلاك المياه وعالي الإنتاجية ويستخدم القش في إنتاج السيلاج حيث يتميز بلونه الأخضر عند الحصاد ونسبة البروتين العالية. تأثر المحاصيل الإستراتيجية وفي سياق متصل، قال الدكتور بسيوني عبد الرازق زايد أستاذ إدارة الأرز تحت ظروف الإجهادات البيئية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، إن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي سوف تتأثر سلبيًا بالتغيرات المناخية، ومن المتوقع أن تؤثر التغيرات المناخية على إنتاجية الأرض الزراعية بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية ومرورًا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل وانتهاء بالتأثير على المحصول المنتج، وأن التأثير المتوقع على الإنتاجية والاستهلاك المائي للمحاصيل الزراعية، فقد أظهرت نتائج التجارب التي أجريت في وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية والتغير في المناخ التابعة لمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية أن نتائج التنبؤ بعيد المدى باستخدام نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة أن التغيرات المناخية وما تسببه من ارتفاع في درجة حرارة سطح الأرض سوف تؤثر سلبيا على إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية المصرية. وأضاف الدكتور بسيوني زايد، أن من أهم نتائج تلك الدراسات؛ هي إنتاجية محصول القمح سوف تقل حوالى 9% إذا ارتفعت درجة الحرارة 2°م ، وسوف يصل معدل النقص إلى حوالى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة حوالى 3.5°م، وسوف يزداد الاستهلاك المائي لهذا المحصول حوالى 2.5%، وإنتاجية السكر من محصول قصب السكر سوف تنخفض حوالى 25%، كما أن استهلاكه المائي سوف يزداد. وأكد الدكتور بسيوني زايد، أن التغيرات المناخية سوف تؤثر إيجابيًا على بعض المحاصيل ومنها القطن، ومن المتوقع زيادة إنتاجيته حوالى 17% عند ارتفاع درجة حرارة الجو حوالى 2°م، ويرتفع معدل الزيادة في هذا المحصول إلى حوالى 31% عند ارتفاع درجة الحرارة 4°م. وأوضح أستاذ إدارة الأرز تحت ظروف الإجهادات البيئية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، أن من أهم طرق مواجهة الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية هي الأقلمة لتخفيف الآثر السلبي وزيادة تحسين الأثر الإيجابي لهذه الظاهرة، للتغلب علي حدة النقص في إنتاجية المحاصيل التي تأثرت سلبيًا بهذه الظاهرة، ومن من أهم الاستراتيجيات الأقلمة المقترحة، استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف، واستنباط جديدة قصيرة العمر ولا تحتاج لمياه كثيرة، زراعة محاصيل بديلة تعطي نفس الغرض باستهلاك مياه أقل. التأثيرات العالمية وقال الدكتور جمال عبد الحليم، المتخصص في الطقس والمناخ إن التغيرات المناخية آثرت سلبًا علي معدلات الإنتاج العالمية لمعظم المحاصيل الزراعية، مما يتحتم علينا إيجاد حلول جذرية للتعامل مع تلك التغيرات عن طريق إيجاد حلول بديلة وواقعية وصديقة للبيئة، فمن المتوقع انخفاض شديد بدراجات الحرارة بالموسم الشتوي المقبل، مما يستوجب أخذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي الاضرار. وأكد الباحث المتخصص في علوم الطقس والمناخ، أن الزراعات المحمية من أهم وسائل علاج آثار التغيرات المناخية، موضحًا أن أهداف الصوب الزراعية، توفير غذاء صحي آمن لاستخدام المواطن المصري بالأساس وأيضًا لتصدير المنتجات الزراعية بهدف زيادة الدخل القومي من العملة الصعبة، وأن الصوب الزراعية من أهم وسائل الحد من تأثير التغيرات المناخية على المنتجات الزراعية ولقد تنبهت القيادة السياسية مبكرًا لهذه الأمر، كما أن قطاع الصوب الزراعية ذو مستقبل واعد للإنتاج؛ من حيث الكم والجودة إذ يضمن زيادة المحصول وبالتبعية زيادة التصدير مع إنتاج الخضر في غير موسمها وتعظيم الاستفادة من وحدة المساحة ووحدة المياه والأهم هو حماية الزراعات من الظروف الجوية التي تؤثر على الحقول المكشوفة. ولفت الدكتور جمال عبد الحليم، إلى أن التغيرات المناخية أثرت بالفعل على عدد كبير من المحاصيل في بعض الدول ومنها الأرجنتين حيث تأثر إنتاجها من محصول القمح وبالتالي انخفض الإنتاج ومعدل التصدير للخارج، كما تأثر إنتاج محصول البن في البرازيل حيث انخفضت معدلات إنتاجه ومن ثم تصديره لخارج، وهو ما يؤكد ضرورة التعامل الحذر مع ملف التغيرات المناخية عالميًا للتقليل من آثارها.