قال نبيل فهمي، وزير الخارجية، إن قضية اختطاف الدبلوماسيين المصريين بليبيا ليست قضية سياسية وإنما أمنية، وأعني بالتأثير هو أن تترك انطباعًا سلبيًا لدى الرأي العام هنا وهناك. وأضاف فهمي في حواره مع جريدة "الشرق الأوسط"، لا مساس بالعلاقات على الإطلاق، ونؤكد تماما كما تؤكد السلطات الليبية أن احتجاز واختطاف أي مواطن وبشكل خاص من يعمل في المجال الدبلوماسي لتمثيل بلده لدى الطرف الآخر من أجل مقايضة غير مقبول، ففكرة أن أحتجز هذا مقابل ذاك غير مقبولة، وتتعارض مع كل المواثيق الدولية، وضمانات التمثيل الدولي فالدول التي تعتمد دبلوماسيين لا بد أن تحمي وتوفر الأمن، بل حتى إذا نظرت في جواز السفر فسوف تجد عبارة موجهة للدولة المضيفة لمعاونة الشخص الفلاني للقيام بعمله.. لماذا؟ لأنه لا بد أن يكون هناك تفاهم في الظروف الطيبة، وحتى في الظروف الصعبة. إذن مسألة هذا مقابل هذا تعد أمرا مرفوضا من جانبنا، وكذلك من السلطات الليبية. ثالثا، ليس هناك غرض مصري على الإطلاق من احتجاز أي شخصية ليبية أو غيرها من دون وجه حق (رئيس غرفة ثوار ليبيا الذي احتجز في مصر) فهناك تحقيق يجري، إذا انتهى إلى إدانته بشيء معين فمن الطبيعي أن تكون هناك إجراءات قانونية، مع إعطائه كل الضمانات القانونية التي يحتاجها، وإذا انتهى التحقيق من دون ذلك فمن الطبيعي أن يجري الإفراج عنه وفي مصر التي تعرضت إلى عمليات عنف وإرهاب خلال الفترة الأخيرة من الطبيعي أن تأخذ الأجهزة الأمنية أقصى درجات الاحتياط في التعامل مع القضايا. وفي إجابته علي سؤال حول هل الحسابات المصرية في مواجهة احتمالات وضع تفتت سوريا؟ قال فهمي في حوار لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية اليوم الثلاثاء: هناك تحذير علني، وذكرت ذلك في مؤتمر مونترو، ولوحظ هذا التحذير، وكل مسؤولي الدول الذين تحدثوا معي ذكروا أنهم لاحظوا هذا التحذير، فقلت لهم نعم، نحذر ونخشى ذلك، ونقدر الموقف ونعمل ضد الوصول إلى هذا التفتيت لأن انعكاساته ستكون عديدة، وتمتد بعيدا عن الحدود السورية، لأنها ستقسم سوريا على أساس طائفي، ونفس هذه التقسيمات يمكن أن تنعكس على دول الجوار والدول العربية. وقلت لهم نحن نحذر من ذلك ونعمل ضده ونسعى إلى خلق سوريا جديدة مع الحفاظ على الكيان السوري ووحدته. وحول إعلان مصر أنها تستضيف قوى المعارضة السورية؟ قال وزير الخارجية :مصر أعلنت ذلك بمعنى حضور الائتلاف الوطني للمعارضة السورية وأي أطراف أخرى سورية تريد أن تجتمع وتنسق خاصة التي لم تشارك في مؤتمر مونترو، وأقصد بعض الأطراف التي عارضت مؤتمر «جنيف 2» ولم تشارك. فاستمرار بلورة الأفكار مسألة مطلوبة. * ارتباطا بسوريا هناك موضوع إيران وموقف مصر من المفاوضات النووية والاتفاق الذي جرى بين «5+1» وإيران، كيف ترى ذلك؟ - الموضوع الإيراني يشمل عدة عناصر، جزء يتعلق بالموضوع النووي ثم الملف السوري والمشرق والشرق الأوسط والعلاقات الإيرانية - الخليجية، والعلاقات المصرية - الإيرانية، وكلها ملفات مهمة بالنسبة لمصر. بالنسبة للاتفاق النووي أيدنا الاتفاق الأولي في المرحلة الأولى، ونأمل أن تتبعه خطوات أخرى ثم تطبق نفس المعايير الإيجابية في التعامل مع قضايا التسلح النووي في الشرق الأوسط، ومخاطر السلاح النووي مع إيران إلى كل الشرق الأوسط. ولنا مبادرة مصرية في هذا منذ عام 1974، وقمنا بطرحها مرة أخرى في عقد التسعينات من القرن الماضي، وهي إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط أو خالية من أسلحة الدمار الشامل بما يعني كل الدول، بما في ذلك إسرائيل، إنما طالما أن هذا الاتفاق يتسق مع المنظومة الدولية، ولا يمس الحق السلمي النووي، ويقدم خطوة تجاه تطبيق المعايير نفسها على الكل، فنحن سعداء به. وأضاف:أنا لست من مؤيدي مقاطعة الدول وأيضا لست من مؤيدي ترك القضايا من دون معالجة.. نختلف.. نتفق.. لا بد أن يكون هناك وضوح. وإيران دولة لها تاريخ عريق، ومصر دولة جذورها في المنطقة، وبالتالي لا يمكن تجاهلهم، ولا تجاهلنا. إذن، نتفق على أهمية المصارحة في القضايا الثنائية، وهي ترتبط بمصالح البلدين، ومن مصلحة الطرف المصري أن يكون هناك استقرار إيراني مع الدول العربية - الخليجية. إذن، من الطبيعي أن يثار هذا الموضوع على الأقل استراتيجيا، وليس بالضرورة التدخل في ملف ثنائي خليجي إيراني. لا بد أن أشعر في مصر بأن هناك حسن جوار ما بين إيران والدول الخليجية حتى أدخل في الحساب العلاقة المصرية - الإيرانية، ويرتبط بذلك الدور الإيرانى في سوريا ولبنان. وأنا لا أستبق الأمور، ولن أقلب الصفحة من دون ذلك إنما هناك فرصة مع وجود رئيس جديد لكي نرى أن الأفعال تتسق مع الأقوال الجديدة. فالمسألة ليست تعبيرا عن رأي، وإن كان ذلك في حد ذاته موقفا. المسألة هي اتخاذ مواقف عملية على الأرض تعكس جدية العلاقة. وبكل صراحة إيران دولة مهمة وسيكون لها دورها في الشرق الأوسط، والشعب الإيراني نكن له كل الاحترام، إنما لا أخفي عليك أن هناك خلافات بيننا، ويهمنا الآن أن نصارح بعضنا البعض سعيا لإدارتها بشكل أفضل، ومن ضمن هذه القضايا هناك قضايا ثنائية وخليجية وشرق أوسطية. وتابع :نحن لا نهاجم أحدا ولا نقبل بأن يهاجمنا أحد. وما أرغب في توضيحه هو أن الأسابيع والأشهر الأولى التي تلت 30 يونيو نظرا لضخامة الحدث وتكراره مرتين في عامين ونصف العام (الثورة وإطاحة الرئيس)، كان من الطبيعي خلالها أن ينظر العالم كله باتجاه مصر متسائلا: ماذا يفعل المصريون؟ وماذا حصل؟ بينما كان المصريون يهنئون بعضهم البعض في عام 2011 بثورة 25 يناير وأن ما حدث كان مثالا يحتذى به، ثم قامت مصر بعمل الشيء نفسه في عام 2013، وبالتالي قمنا بشرح ما حدث، والالتزام ما زال موجودا والمرجع الأساسي لكل هذا التحرك أعاد الارتياح والتوافق إلى الشعب لأن الذي حدث في عام 2013 هو نفس رسالة 2011، أي أن الرأي العام غير قابل للوضع السياسي القائم أيا كانت التفاصيل، ومن الذي يرأس ,التطور السياسي الداخلي في مصر وضع وفق خريطة طريق لها مدتها. وقد يمتد بعدها في الممارسة العملية بعد استكمال البنيان الأساسي. واضاف :بعد خريطة الطريق كان هناك إلحاح من الدول الصديقة قبل الدول الأخرى على استعادة مصر مكانها. نريد أن نعود إلى المبادرة، ونريد أن نتطلع إلى المستقبل باعتبار أن ما يدور في مصر ينعكس على كل المنطقة، والحقيقة بدأنا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبلها كان السودان وجنوب السودان، قاصدا بذلك إعطاء رسالة للعالم ولمصر بأن العمق الاستراتيجي هو السودان ثم فلسطين والأردن، باعتبارها القضية الأساسية والمحورية. وأشار: انتقلنا في تحركنا من رد الفعل إلى الفعل، وطرحنا مجموعة أفكار على الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، وعملنا انتشارا واسعا في مختلف الساحات المتاحة لنا، وخلال هذا التحرك استغرقنا ثلث أو ربع الوقت في شرح ما يدور في مصر، ثم انتقلنا إلى السياسة الخارجية، ثم انتقلنا إلى تحرك إضافي في العالم العربي وأفريقيا وآسيا وروسيا، وفي كل هذه المرات كانت هناك رسالة مفادها أننا نريد تنويع خياراتنا ونبحث عن مصالح مشتركة، ولم نأت لطلب الدعم، ومن لديه استعداد نقدم له الشكر. إنما المهم هو أن تكون هناك علاقة تمثل شعبا ثائرا ويريد أن يعبر عن نفسه، وأن يكون له دور، ولم يعد يتقبل فكرة مسايرة الأوضاع، وإنما يريد أن يكون لمصر موقف. وحتى هذا الكلام لكي يكون له انعكاس واقعي قمنا بتشكيل سريع في الخارجية المصرية أبرزه تعيين مساعد وزير لشئون دول الجوار (ليبيا - السودان - فلسطين - إسرائيل) وهي بالنسبة لنا مسألة استراتيجية، ودول نشترك معها في الحرب والسلام، ولا مجال للأخطاء أو التباطؤ، كما كانت هناك تغييرات أخرى في الوزارة من بينها تشكيل وحدة خاصة بالتكنولوجيا. وقال:نحن سننجح في استكمال خارطة الطريق وخلق منظومة مصرية سياسية أيا كان الثمن، لكن في الوقت نفسه كان نائب وزير الخارجية في جنوب السودان يحاول مساعدة أطراف النزاع، وأنا كنت في مكان آخر أحاول المساعدة في قضية فلسطين، وكنت في جنيف للمشاركة في افتتاح مؤتمر سوريا للحل السياسي، ثم في دافوس كنت حاضرا مع رئيس الوزراء ورجال الأعمال وأمور أخرى كثيرة. إذن، مصر تتعامل مع أكثر من قضية في آن واحد، وهذه طبيعة وزنها وثقلها وتاريخها. والسؤال هو: هل سنعبر من هذه الأزمة؟ نعم سوف نخرج من هذه المرحلة رغم كثرة المشاكل. كيف؟ إذا وقف العنف سريعا ستجد المجتمع انفتح سياسيا على بعضه بشكل أفضل وأسرع، أما إذا استمر العنف فإن الأمر سوف يأخذ وقتا أطول إنما سنصل حتما في النهاية، لأن من خرجوا للشارع في 25 يناير و30 يونيو لا بد أن تكون لهم المشاركة في المستقبل، وكذلك إذا وقف المجتمع الإقليمي والدولي ضد العنف فسوف يساعد هذا في استقرار الأوضاع السياسية. وقال:هناك محاولة للمساس بمصر، وهناك سياسات معينة من بعض الدول. ولن نقبل بالمساس بمصر، أما كيفية رد الفعل فيدخل ذلك في حساب ما هو الشيء الأكثر تأثيرا. أنا في النهاية مسؤول أمام الرأي العام المصري، أن أحقق له مصالحه، ولا أنعزل عن مواقفه، لكن بالمسؤولية في تحقيق تلك المصالح. إذا اتخذت إجراء محددا، وأعجب الرأي العام، فهذا لا يعني أن الإجراء صدر لكي يعجب به الرأي العام، ولكن لأنه يحقق له مصلحته. لكن إذا لم اتخذ إجراء ثانيا فهذا لا يعني أنني أتجاهل الرأي العام إطلاقا، وإنما علي أن أتحرك بما يحقق مصلحته، حتى لو كان هذا يحملني نسبة نقد، فأنا أتقبل هذا. الشيء الوحيد الذي لا أتقبله هو ألا يكون هناك اهتمام مصري بالشؤون الخارجية. كما أن الاهتمام الشعبي يدعمني في العمل. ونحن نتحرك بحساب دقيق وبأفعال بعضها ظاهر وبعضها غير ظاهر. إذا كانت هناك استجابة يكون في المرحلة المقبلة تحسن، وإذا لم يتحسن ووجدنا أن الأفعال لم تكف فقد نزيد من «الإجراءات» وقد تكون هناك أمور أخرى ظاهرة أو غير ظاهرة. لكن هدفنا بإيجاز هو أنه لا يمكن المساس بمصلحة مصر، وحماية هذه المصلحة وتحقيق أكبر قدر من الفائدة لمصر وحماية مصالحنا، وعلى الساحة العربية نتعامل بحسابات خاصة، لكن كما أقول دائما، المصلحة المصرية هي الأساس، ودافعنا للتحرك، ويجب ألا يشك أحد في استعدادنا أو قدرتنا على اتخاذ مواقف في إطار رسمي يشملنا ويشمل غيرنا. على سبيل المثال، عندما اتخذنا قرارا ضد تركيا، فكل قرار اتخذناه من أول خطوة إلى آخر خطوة كان بالتنسيق بيننا وبين أجهزة الدولة المختلفة، حسب الإجراء، وجرى التنسيق أفقيا ورأسيا. وقال: هناك ترقب بيننا وبين تركيا، أحيانا تكون هناك مواقف سلبية وأحيانا تجد أن هناك مواقف إيجابية، بعضها قد يكون يعكس سياسة، وبعضها قد يكون رد فعل لشيء معين، أو حتى قد يكون غير صحيح.. خبر في صحيفة مثلا يثبت بعد ذلك أنه غير صحيح، وأيضا هم بالتأكيد يتابعون الوضع في مصر ويتصورون أن هذا موقف سلبي أو موقف إيجابي، بينما ربما لم يكن قد اتخذ أي موقف أصلا، نحن نتابع، لكن من السابق لأوانه أن نقول إن هناك تحسنًا أو ما يستدعي اتخاذ خطوة إضافية.