ألقت المنظمات الحقوقية بثقلها وراء رفض قانون التظاهر بعد الهجوم الذي شنته القوى السياسية والثورية عليه، واتهمت المنظمات الحقوقية مجلس الوزراء بعدم الأخذ بالتوصيات التي كانت قد طالبت بها، ودعت إلى إعادة فتح نقاش مجتمعي جديد حول القانون، حتى لا يصطدم بالرفض السياسي والشعبي من قبل المصريين، ويعيد التوتر في علاقة السلطة بالمجتمع. وانصب الغضب الأكبر للمنظمات الحقوقية على كون السلطة تحاول تقوية مراكزها القانونية والسلطوية في مواجهة مجتمع ليست لديه تشريعات وحصانة قانونية تؤمن له الحريات العامة وفي مقدمته حق في التعبير والتظاهر. فمن جانبه، أعرب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، عن رفضه للقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية "المعروف إعلاميا بقانون التظاهر". وأكد ناصر أمين مدير المركز أن إصدار مثل هذا القانون في مثل هذا التوقيت السياسي كان يقتضي بالضرورة أن تسبقه أو تتزامن معه حزمة من التشريعات تؤكد على رغبة السلطات المصرية في حماية الحقوق والحريات لشرائح المجتمع، وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة تجاه إصلاح مؤسسي للأجهزة الأمنية والشرطية. وأشار المركز إلى أن بعض من هذه التشريعات تتضمن قانون مكافحة التعذيب، على أن يتضمن وضع تعريف محدد وحاكم لظاهرة التعذيب، كما هو وارد في المواثيق والتشريعات الدولية، وتحديدًا اتفاقية مناهضة التعذيب، وأن يغلظ من عقوبة هذه الجريمة، بالإضافة لقانون لمكافحة التمييز، ويتضمن إفصاحا واضحا عن رفض التمييز بكافة صوره وأشكاله، سواء ما يستند منه إلى الدين أو المعتقد أو اللون أو الرأي السياسي أو الجنس أو المنشأ الاجتماعي أو المركز الاقتصادي، أو أي سبب آخر من أسباب التمييز، وكذلك تجريم وتغليظ عقوبة هذا التمييز في مجال تولى الوظائف العامة داخل مؤسسات الدولة. وطالب أمين بتشريع قانون لمكافحة الفساد بكافة أنواعه وصوره سواء كان فسادًا ماليًا أو إداريًا أو سياسيًا أو غير ذلك من أنواع الفساد المستشرية حاليًا داخل المجتمع دون ضابط، وتغليظ عقوبات هذه الجريمة التي تسبب إهدارًا واستنزافًا للمال العام، وأن تفصح السلطات صراحة في هذا القانون عن رفضها لكافة صور الفساد، والتزامها بوضع إستراتيجية لمكافحته باعتباره مكافحة الفساد من أهم أسباب ومطالب ثورة يناير. أكد أمين إن إصدار قانون التظاهر بما فيها من بنود وتغليظ في العقوبات، قبل اتخاذ ما يلزم من تدابير بشأن الإصلاح المؤسسي لجهاز الشرطة المصرية، يجعل الجهات الأمنية والشرطية هي المهيمن والمتحكم في ممارسة المواطنين لحقهم في التظاهر، الأمر الذي قد يؤدى على أرض الواقع إلى مصادرة الحق في التظاهر، وكبح الحريات العامة. ومن جانبه وصف مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، بكونه لا يلق بعد ثورتين، وأكد المركز في ورقة ملاحظات أساسية حول قانون التظاهر، بأنه لا يليق بأي حال من الأحوال بحالة الزخم الثوري التي تعيشها مصر بتلك المرحلة، كما أنه تضمن العديد من السلبيات السالبة للحريات العامة التي يجب تدعميها والتأكيد عليها بعد تلك الحالة وليس سلبها من المجتمع وتعزيز قوة الدولة في مواجهة شرائحه المختلفة. وقالت داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون، لا ينبغي أن يكون رد فعل الدولة تجاه مرتكبي العنف في المظاهرات هو فرض قوانين قمعية عليهم ستنعكس آثارها السلبية على المجتمع كله وليس على فئة بعينها. مؤكدة أيضًا أن مواد قانون العقوبات الحالية كفيلة بمعاقبة مرتكبي العنف في المظاهرات دون الحاجة لتمرير قانون التظاهر بشكل عاجل يسئ لسمعة مصر الحقوقية والديمقراطية على مستوى الحريات داخل المحافل الدولية.