قال ايان بوك، السفير الألماني بالقاهرة، إن الأوضاع في مصر غاية في الصعوبة والتعقيد، غير أنه عبر عن تفاؤله بقدرتها علي عبورها، مؤكدا أن هناك مؤشرات على سير الحكومة بخطى جيدة فيما تحقق من خطوات لفرض الأمن واستعادة الاستقرار، وقرب إعداد الدستور ومن بعده الدخول إلى الانتخابات. ودلل السفير "بوك" على ذلك أيضا بعودة السياحة الأوروبية، وخاصة الألمانية إلى مصر، معتبرًا أنها خطوة بالغة الأهمية، وقال في هذا الصدد أشعر بالسعادة لهذا الأمر، لأنها مفيدة للغاية للجانبين للسياح الألمان والأوروبيين كي ينعموا بشتاء دافئ بمصر في ظل البرد القارس، الذي تشهده أوروبا خلال فصل الشتاء، وللاقتصاد المصري والناس بصفة عامة لكي يستفيدوا من إنفاق هؤلاء السياح. كما أن انتعاش هذا القطاع مهم جدا لكونه يعمل به 4 ملايين مصري يتكسبون منه، لافتا إلى أن السياحة الألمانية تشكل "عشر" السياحة الأجنبية، كما أنها تسهم في الدخل القومي الذي يعود علي الاقتصاد المصري. واعتبر بوك خلال مؤتمر صحفي عقده في السفارة بالقاهرة أن الأوضاع في مصر تقتضي التوصل إلى مصالحة شاملة، معتبرا أن جماعة الإخوان فصيل لا يمكن تجاهله ويتعين انخراطه بالعملية السياسية، وأن تكون هناك محاولات حثيثة لإدراجهم بها، ولابد من إشراكهم حتي لو رفضوا ذلك في بادئ الأمر، وحتى لو كانوا فصيلا صغيرا، لأن مبدأ الإقصاء غير صحي، ولا يحقق الاستقرار أبدا. ورفض بوك اعتبار جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا، مؤكدا أنه يرفض مبدأ التعميم "لأن السياسة لا تعرف مثل هذا التعميم"، وقال إن هناك من تيار الإسلام السياسي من مارسوا التحريض أو ارتكب جرائم وهؤلاء يتعين مثولهم أمام جهات العدالة، أما الأكثرية فلا يمكن اعتبارهم "إرهابيين". وتابع قائلا: "اعتبار الإخوان إرهابيين يعنى أن من انتخبوهم إرهابيون أيضا"، مشيرا إلى أن حكومته ووسائل الإعلام الألمانية كانت أول من وجه انتقادات حادة إلى حكم مرسي، سواء فيما جرى أثناء أحداث الاتحادية في نوفمبر الماضي واستخدام القوة المفرطة مما أسفر عن وقوع ضحايا كثيرين، أو خلال زيارة الرئيس السابق محمد مرسى إلى برلين. وكشف في هذا الصدد أن الحكومة ووسائل الإعلام الألمانية وجهت إليه انتقادات حادة، وقال: "قلنا له إنك تعبر عن جماعتك وليس عن الشعب المصري الذي انتخبك". وقال إننا وجهنا اللوم للطرف الآخر "الإخوان" بقوة ولا نميل لمصلحة طرف على حساب الآخر، مدللا علي ذلك بالبيان الصادر عن البرلمان الأوروبي مؤخرا، والذي أدان أعمال العنف والإرهاب. وكان السفير الألماني قد استهل المؤتمر الصحفي بالحديث عن نقطتين هما الانتخابات التي جرت في بلاده وفوز حزب المستشارة أنجيلا ميركل بها والاحتمالات المستقبلية لتشكيل حكومة جديدة، لافتا إلى أن كل الاحتمالات قائمة، بما في ذلك استمرار ميركل من عدمه، مشيرا إلى أنه تلقى تهاني كثيرة من مصريين لفوزها بالانتخابات. والنقطة الثانية تناول من خلالها عودة السياحة الألمانية إلى مصر معبرا عن سعادته الكبيرة لهذا الإجراء، معتبرا أنه يعكس ثقة الشركات الألمانية التي تنظم هذه السياحة والسياح لما تحقق من أمن واستقرار، رغم اعتباره أن الموقف مازال يتسم بالصعوبة ويقتضى خطوات من جانب الحكومة لتحقيق الاستقرار الكامل. وأكد بوك أن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري لفرض الأمن في سيناء ضرورية للغاية لفرض السيطرة علي جزء مهم من أرض مصر، معتبرا أن هذا حق لكل دولة لا يمكن التهاون به مطلقا لبسط هيمنتها علي أراضيها. ونفي تماما وجود أية تهديدات صدرت عن بلاده أو الاتحاد الأوروبي بتخفيض أو قطع المساعدات عن مصر، وقال أننا تعاملنا مع الحكومة الحالية برغم أنها ليست منتخبة وسنتعامل مع أي حكومة قادمة وكذا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي اذا انتخبه المصريون. وشهد المؤتمر الساخن للغاية أسئلة شائكة من الصحفيين حول موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي من جرائم الأخوان وكيفية تجاهل هذه الجرائم التي أقدمت عليها لجماعة وتصر علي التصعيد حتي الآن ووصلت الي ساحات الجامعات. وقال السفير بوك أننا لا نؤيد أعمال العنف ولا يمكن أن ندافع عنها أبدا ولفت إلى أن حكم حل جماعة الإخوان ومصادرة ممتلكاتها وأموالها مازال حكم محكمة درجة أولى ومتداول أمام القضاء الأعلى درجة، نافيا أن تكون بلاده قد تلقت أية طلبات مصرية لمصادرة أموال وأرصدة رموز الجماعة لديها، متمنيا "أن يتم حسم الأمور القضائية حسما قضائيا والسياسية سياسيا". وحرص السفير الألماني بالقاهرة علي أن يختتم مؤتمره الصحفى بعبارة رجا وسائل الاعلام من خلالها أن يدركوا حجم صعوبة الموقف الذي تمر به مصر حاليا،مشيرا الي أن الصورة بها من نقاط الضوء كما بها من القتامة، لكنها لن تبقي كذلك، معبرا عن ثقته في سرعة تجاوز مصر هذه الفترة.