أحد المتغيرات المهمة الخاصة بالموقف المصري من التعامل الدولي مع الصراع الدائر في سوريا، هو قضية السلاح الكيماوي، خاصة وأن المبادرة الروسية التي تحولت إلى اتفاق أمريكي-روسي ترتكز على نزع السلاح الكيماوي الذي يمتلكه نظام الأسد، ورغم دعم مصر للاتفاق، من حيث كونه يفسح المجال أمام الحل السياسي للصراع في سوريا، إلا أن مصر "حذرة" في التعامل مع نزع السلاح السوري، لأسباب خاصة بأهمية الملف الكيماوي في رؤية مصر للأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط. -الكيماوي "ورقة" تفاوضية لمصر: تتعامل مصر مع السلاح الكيماوي على أنه أحد عناصر القوة العسكرية التي تمتكلها منذ الخمسينات، ورغم أنه لايوجد تقدير دقيق لحجم الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها مصر، أو حجم الجهود الخاصة بتطوير هذه الأسلحة، إلا أن عدة تقارير أمريكية تشير إلى امتلاك مصر قدرات مهمة في الأسلحة الكيميائية الدفاعية، وحصولها على تدريب أمريكي في هذا المجال. كما تعد مصر من الدول القليلة التي استخدمت الأسلحة الكيميائية في حروبها، حيث استخدمت غاز الخردل وغاز phosgene أثناء حربها في اليمن 1963-1967. ويعد إعلان الأممالمتحدة موافقتها على انضمام دمشق لميثاق حظر انتشار الأسلحة الكيماوية CWC، في 14 سبتمبر 2013، بداية تفكك لجبهة مصرية-سورية كانت قد تشكلت بخصوص السلاح الكيميائي، حيث تعاملت مصر، وكذلك سوريا، مع امتلاكها الأسلحة الكيميائية على أنها لازمة لموازنة القوة العسكرية لإسرائيل أثناء فترة الحرب معها، والتي امتدت حتى توقيع معاهدة السلام في سبتمبر 1979 بالنسبة لمصر، حتى أن بعض التقارير تشير إلى توفير مصر بعض الأسلحة الكيماوية لسوريا قبل حرب 1973، وحتى اليوم بالنسبة لسوريا. كما تحولت الأسلحة الكيميائية إلى ورقة تفاوضية استخدمتها الدبلوماسية المصرية منذ إقرار ميثاق حظر الأسلحة الكيميائية CWC في فبراير 1992، حيث تعاملت مصر مع الانضمام للميثاق كخطوة تالية على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، الكيميائية والبيولوجية والنووية، وهو ما يتطلب عمليا انضمام كل دول المنطقة للاتفاقيات الدولية التي تحظر هذه الأنواع من الأسلحة، خاصة إسرائيل التي لم تنظم إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. حيث منذ إقرار ميثاق الأسلحة الكيميائية CWC، والذي يحظر امتلاك ، وتطوير، وتخزين، ونقل واستخدام الأسلحة الكيماوية، ودخوله حيز النفاذ في 1997، لم تقم مصر بالتوقيع على الاتفاق، وكذلك سوريا ، وظلت مصر وسوريا ثابتتين على هذا الموقف، رغم توقيع إسرائيل على الميثاق في 13 يناير 1993، في ظل الأجواء التي صاحبت اتفاق أوسلو. ويبدو أن انضمام سوريا للاتفاقية، ودعم روسيا لهذه الخطوة، وترحيب مصر بها، لا يعني بالضرورة التزام الأسد بنزع سلاحه الكيماوي وفق الجدول الزمني الذي تضمنه الاتفاق الإطاري بين روسيا وواشنطن، حيث من المتوقع أن يتم التفاوض حول خطوات نزع السلاح، مقابل اتخاذ إسرائيل خطوات محددة فيما يتعلق بسلاحها النووي، وهذا ما تشير إليه تصريحات فلاديمير بوتين في 17 سبتمبر 2013، حين تحدث عن أن سوريا ظلت تتعامل مع السلاح الكيماوي كرد فعل على امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية. كما أن مندوب سوريا الدائم، لدى الأممالمتحدة بشار جعفري، تحدث عن ضرورة تزامن الحديث عن ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية مع الحديث عن ترسانة إسرائيل من الأسلحة النووية باعتبارها "الخطر الحقيقي".