بعيد انتخابه رئيسًا لمصر في يونيو 2012، اعتلى محمد مرسي منبر ميدان التحرير ليتعهد أمام آلاف المهنئين بأنه سيكون "رئيس جميع المصريين". لكن بعد عام، يقر أول رئيس مدني وأول إسلامي يتولى رئاسة مصر بأن الانقسام في البلاد بلغ درجة تهدد "الوطن كله بحالة من الشلل والفوضى". وقد دعا معارضو الرئيس مرسي إلى تظاهرة حاشدة اليوم الأحد للمطالبة ب"رحيله" في الذكرى الأولى لتوليه السلطة بعد تعبئة غير مسبوقة ضده، فيما قررت الأحزاب الإسلامية الرد بتظاهرة "مليونية" في اليوم نفسه. ويثير ذلك مخاوف من مواجهات كان الجيش حذر من أنها قد تدفعه إلى التدخل "لمنع اقتتال داخلي". تميز مرسي خلال الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية بإطلالته وبساطة تصرفاته ونبرته الخطابية المفهومة. لكن جدران القاهرة اليوم مغطاة برسوم كاريكاتورية تصور الرئيس المصري على شكل خروف أو فرعون أو مصاص دماء. كما أن مقدم أشهر برنامج تلفزيوني ساخر في العالم العربي باسم يوسف لا يفوت حلقة من برنامجه الأسبوعي إلا ويسخر من مرسي، ما يثير سخط الفريق الحاكم. ويعلن هذا القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين البالغ من العمر 62 عامًا، دفاعه عن الشعارات الديمقراطية للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 على الرغم من المشاركة الخجول لحركته في بدايات هذه الثورة، ويشدد أنصاره على أن مرسي يستمد شرعيته من فوزه باول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد وان المشاكل المستفحلة في مصر من فساد اداري وتعثر اقتصادي وتوترات مذهبية، كلها موروثة من سنوات طويلة من الحكم قبل وصوله إلى الحكم. إلا ان خصومه يتهمونه بالسعي الى فرض الشريعة الاسلامية والعودة إلى نظام مستبد عوضًا عن قيادة البلاد في اتجاه الديمقراطية والتقدم الاقتصادي. ويرى البعض فيه "فرعونا جديدا"، في حين يتهمه آخرون بانه مجرد ظل للمكتب السياسي للإخوان المسلمين ينفذ أوامر المرشد الأعلى للحركة محمد بديع. ويسعى مرسي إلى دمج مصر بشكل أكبر في مصافي الدول الناشئة مثل الصين والبرازيل، محافظًا في الوقت عينه على الود مع الولاياتالمتحدة، الحليفة الرئيسية لبلاده والتي يطمئنها مرسي بانه لا مجال للعودة عن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وفي أولى إطلالاته العلنية، لم يكن يملك مرسي بنظر خبراء كثر مواصفات المرشح الأوفر حظا للرئاسة. لكن على مر أيام الحملة الرئاسية، اكتسب مرسي مزيدا من الثقة بالنفس واستفاد من شبكة الناشطين الكبيرة للإخوان المسلمين في مواجهة منافسه أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق في عهد مبارك. وقد تغلب مرسي على شفيق بحصوله على 51,7% من الاصوات. وفي أغسطس 2012، حاول مرسي اخضاع المؤسسة العسكرية التي حاولت ممارسة وصاية على حكومته، وذلك من خلال احالة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الى التقاعد. وبعد فترة من التكتم، عاد القادة العسكريون المصريون ليذكروا بأنهم الضامنون الاساسيون لاستقرار البلاد في حال تحولت التوترات السياسية إلى انفلات أمني كبير. ومحمد مرسي مولود في محافظة الشرقية في دلتا النيل وحاصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم حصل في 1982 على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كارولاينا في الولاياتالمتحدة. وهو متزوج وأب لخمسة أبناء. ونشط مرسي ضمن لجنة مناهضة الصهيونية وخصص معظم أوقاته للعمل ضمن جماعة الإخوان المسلمين. في العام 2000، أصبح مرسي نائبًا في مجلس الشعب ثم أعيد انتخابه في 2005 قبل سجنه سبعة أشهر بسبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة التي طالبت آنذاك باستقلال القضاء. وفي 2010 أصبح مرسي متحدثًا باسم جماعة الإخوان المسلمين وعضوا في مكتب الإرشاد (المكتب السياسي). واعتقل مرسي مجددا لفترة قصيرة في 28 يناير 2011 بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة التي أسقطت مبارك.