لا حديث في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم إلا عن قضية مصر والتطورات السياسية الجارية فيها، ومع اختلاف الزوايا التحليلية التي تناولت هذه الأوضاع فقد اتفقت الصحف على ما أسمته بالغباء الإسرائيلي في التعامل مع الأزمة، زاعمة أن الأوضاع المتفاقمة في مصر كشفت أن الأجهزة الاستخباراتية بمختلف مسمياتها سواء أن كانت الموساد أو المخابرات العسكرية "أمان" أو الشاباك جميعها جاهل، ولم يكن يعلم شيئا عن تطورات الأوضاع في مصر. وكشفت الصحيفة أن الأجهزة الثلاثة السابق ذكرها، التي تمثل عصب الاستخباراتية في تل أبيب، وضعت في العشرين من يناير تقارير عن الأوضاع في مصر زعمت فيها أن الشعب المصري من أكثر الشعوب الهادئة ولا يجوز عقد مقارنة بين الأوضاع المضطربة في مصر وتونس. وذكرت صحيفة معاريف أن نيتانياهو التقي قائد جهاز المخابرات العامة شاباك الجنرال يوفال ديسكن عقب الاضطرابات التونسية، وسأله عن إمكانية وقوع مثل هذه الاضطرابات في أي دولة أخرى بالمنطقة، إلا أن ديسكن ضحك بشدة وقال له "لا تقلق لا يمكن أن يتكرر ما حدث في تونس مع أي دولة أخرى بالمنطقة". وكشفت الصحيفة أن نيتانياهو وبخ ديسكن عقب اندلاع الاضرابات في مصر وأبلغه بأن هذه الاضطرابات جعلته مثل الأبله الذي لا يفقه أي شيء في المنطقة. من جانبها أبرزت صحيفة إسرائيل اليوم تقرير مراسلها في القاهرة "سال أمارجي"، الذي نقل الأوضاع المضطربة في مصر وطالب فيه بضرورة تقدم أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بطلب للتحقيق مع مختلف قادة الأجهزة والأذرع الأمنية في الجيش، بسبب فشلهم في توقع تطورات الموقف في مصر. وقال "أمارجي" إن ما يجري الآن في مصر يشبه تماما ما وقع في صيف عام 1973، عندما أعلنت مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الرئيس الراحل أنور السادات لا يستطيع المبادرة بالهجوم على إسرائيل، وطمأن قادة هذه الأجهزة رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مائير، التي أعلنت عن تخوفها من إمكانية أن يتأثر السادات بالضغوط الشعبية التي كانت تناديه بالمبادرة بالحرب، إلا أن قادة هذه الأجهزة أكدوا لها أن السادات ومصر عموما لم ولن يحاربوا إسرائيل، وهو ما ثبت كذبه في السادس من أكتوبر بعد ذلك. ومن جانبها أبرزتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" حوارا أجرته مع وزير الدفاع الأسبق والقيادي في حزب العمل بنيامين بن أليعيزر، الذي طلب ضرورة إعادة تأمين محور فيلادليفي -الشريط الحدودي بين غزة وسيناء- بسبب الأحداث الدائرة في مصر والتخوف من سيطرة حركة حماس على هذا الموضع الهام. وزعم بن أليعيزر أن حركة حماس عززت قواتها بوسائل قتالية متطورة وبمرشدين من إيران، الأمر الذي يفرض على إسرائيل إعادة بناء ما أسمته بالمنظومة الإستراتيجية للقوات العسكرية الجنوبية. وطالب بسرعة توجه نيتانياهو أو وزير الدفاع إيهود باراك في أسرع وقت إلى الولاياتالمتحدة من أجل إبرام صفقات عسكرية وبمنظومات متطورة وحديثة لدعم الجيش الإسرائيلي خاصة من ناحية جبهته الجنوبية. ولم يفت بن أليعيزر التأكيد على ضرورة توخي الحذر من تأثير ما يحدث في مصر على الأوضاع الاقتصادية الإسرائيلية، خصوصا صفقة الغاز مع إسرائيل، مطالبا بضرورة أن يحترس الإسرائيليون مما أسماه بتأثير التطورات السياسية في مصر، وهي التطورات التي من الممكن أن تعصف بهذه الصفقة في ظل وجود الكثير من أشكال الرفض الشعبي أو الجماهيري لها. ومن هذا الموضوع إلى ما رصدته صحيفة "هاآرتس" التي أشارت إلى وجود ثمانية صحفيين إسرائيليين بالقاهرة الآن، وتوقعت زياردة هذا العدد في ظل تقلبات الموقف السياسي المصري. وقالت الصحيفة إن جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية بداية من التليفزيون وحتى الصحف أرسلت مراسلين إلى القاهرة، وهؤلاء جميعا يبثون رسائلهم عبر إحدى شركات الإنتاج، واهتم المراسلون، الذين ألقى القبض على أربعة منهم أمس وتم الإفراج عنهم عقب التحقيق معهم، برصد آراء الشارع المصري حول السلام والعلاقات مع إسرائيل، ورؤيتهم لهذه العلاقات ومستقبلها، وأعرب المراسلون في تحقيقات صحفية عن تخوفهم الشديد من مستقبل مسيرة التسوية وتأثر المصالح الاستراتيجية لإسرائيل بهذه التطورات الحاصلة الآن في مصر.