كشفت الايام الاخيرة عن مكانة مصر في العالم بأكمله.. ففي كل دقيقة نتابع فيها الشبكات الاخبارية والصحف العالمية.. تتضح لنا أهمية مصر ودورها المؤثر في جميع دول العالم وامتداد تأثيرها علي الانشطة الاقتصادية والسياسية العالمية بشكل ملحوظ.. ولكن يبدو أن هذا الدور الهام لمصر ازداد لدرجة تدخل كافة الدول في شئونها ففوجئنا طوال الايام الماضية اننا طرف اساسي في أهم القرارات والتصريحات التي تطلقها معظم الدول في الاونة الأخيرة كما أصبحت مصر تتصدر اغلفة الصحف والمجلات بشكل لم يسبق له مثيل من قبل وفي نفس الوقت اجتمع المصريون علي كلمة واحدة وهي الرفض القاطع لاي تدخل اجنبي في ارادتهم مهما حدث. أختلفت لهجات العالم الغربي نحو مصر ففي بداية الازمة جاءت اللهجة محذرة من الشغب والعنف ثم ادانت بعض الاخطاء التي ارتكبت خلال احداث الفترة الماضية ثم اتخذت بعض الدول موقفا حاسها بتوجيهات إلي الرئيس المصري بالتنحي حتي ان الامر وصل إلي حد قيام مجلس الشيوخ الأمريكي بمناقشة سيناريوهات تغيير النظام والسلطة في مصر وكان مجلس الشيوخ اتخذ من مصر مقرا له دون ان نعلم.. ولم ينته الامر عند هذا الحد فإنهالت علينا الشائعات والاراء المتناقضة من امريكا وايران وأسرائيل والدول الأوروبية وغيرها من الدول الاخري. بعد التدخل الأمريكي المرفوض تماما من المصريين تساءلت الصحف الامريكية نفسها عن موقف الادارة الأمريكية فرأت بعضها ان جهاز الاستخبارات الأمريكي اخفق في توقع الاحداث التي تمر بمصر الان وتوقعت بعض الصحف ان يندم الرئيس الامريكي باراك اوباما لعدم وقوفه بجوار الرئيس المصري بعد توجيهاته بنقل السلطة علي الفور واكدت شبكة (سي. ان ان ) الامريكية ان اي تغيير في مصر سيؤفر علي التعاون المصري الامريكي في مجال مكافحة الارهاب. وقالت صحيفة التليجراف البريطانية ان اوباما قد يندم علي تخليه عن الرئيس المصري في حالة تغيير النظام إلي الاسوأ.. وتساءلت عن دور المسئولين الامريكيين الذين يقومون بالتكهن والتخطيط لما يحدث في أهم دولة بالشرق الاوسط وكيف فشلوا في توقع الثورة التي جاءت كمثيلاتها من الثورات في العالم التي تفاجيء اقوي الحكام في العالم.. وقالت ان احيانا تقوم أمريكا بتوظيف جيش من المسئولين للتدخل في بعض الحركات مثل استقلال كوسوفر، ولكن يفشلوا في كثير من الاحيان مثل غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان عام 9791. ووصفت الصحيفة هذه الازمة بكونها اول أزمة دولية رئيسية لاختبار قيادة أوباما علي المسرح العالمي.. ولا شك انها ستكون شاقة لرئيس اختار جامعة القاهرة كمنصة لكلمته في يونيو 9002 ناشد فيها العالم الاسلامي فتح آفاقا جديدة لانهاء دوامج الشك والخلاف، مع الولاياتالمتحدة. اتفقت صحيفة واشنطن بوست مع تساؤلات الديلي تليجراف لكبار المشرعيين الامريكيين وكالة الاستخبارات المركزية .. ونقلت جلسة استماع في مجلس الشيوخ اتهمت فيها أجهزة الاستخبارات الامريكية بالبطء في التنبه إلي ثورة نبتت جذورها علي الملأ علي صفحات الانترنت. وقالت صحيفة يو اي توداي ان مشروع الحكومة الانتقالية قد يضعف جهود مكافحة الارهاب الأمريكية ودور مصر في مساعدة جهود مكافحة الارهاب الامريكية في الشرق الاوسط... هو ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن خبراء استخبارات. وقالت صحيفة لوس انجلوس تايمز ان مسئولين امريكيين اكدوا ان وزارة الدفاع او البنتاجون بدأت تحرك سفنا حربية وبعض عتادها العسكري للتأكد من استعدادها في حالة الضرورة الي اجلاء رعايا أمريكيين من مصر ولكن استبعد مسئولون في البنتاجون احتمالات التدخل العسكري في مصر مؤكدين ان الاستعدادات البحرية لأغراض الطواريء فقط.
اما الصحف الإسرائيلية فلا حديث لها الا عن قضية مصر والتطورات السياسية الجارية فيها واتفقت جميعها علي ما أسمته بالغباء الإسرائيلي في التعامل مع الأزمة مؤكدة ان الازمة في مصر كشفت ان الأجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية جميعها جاهل ولم يكن يعلم شيئا عن تطورات الاوضاع في مصر.. وكشفت صحيفة يديعوت احرونوت أن الأجهزة الاستخباراتية التي تمثل عصب الاستخبارات في تل ابيب وضعت في العشرين من يناير تقارير عن الاوضاع في مصر زعمت فيها ان الشعب المصري من أكثر الشعوب الهادئة ولا يجوز عقد مقارنة بين الأوضاع المضطربة في مصر وتونس. وذكرت صحيفة معاريف ان نيتاتياهو التقي قائد جهاز المخابرات العامة شاباك الجنرال يوفال ديسكن عقب الاضطرابات التونسية، وسأله عن امكانية وقوع مثل هذه الاضطرابات في أي دولة اخري بالمنطقة.. الا ان ديسكن ضحك بشدة وقال اله »لا تقلق لا يمكن ان يتكرر ما حدث في تونس مع اي دولة اخري بالمنطقة. وكشفت الصحيفة ان تيتانياهو ويخ ديسكن عقب اندلاع الاضطرابات في مصر وابلغه بأن هذه الاضطرابات جعلته مثل الأبلة الذي لا يفقه اي شيء في المنطقة. وأبرزت صحيفة اسرائيل اليوم مطالب مراسليها في القاهرة بضرورة تقدم أعضاء لجنة الخارجية والامن في الكنيست بطلب للتحقيق مع مختلف قادة الأجهزة والاذرع الأمنية في الجيش، بسبب فشلهم في توقع تطورات الموقف في مصر. وحتي الان لم يطرح احد اي قضايا تخص الشعب المصري او مصالحه، وتكتفي الصحف العالمية بمنافسة تأثير كافة السيناريوهات علي المصالح الغربية فقط.. وتطرقت الي مسامعنا كلمة كاثرين اشتون الممثل الأعلي للشئون الخارجية والامنية في الاتحاد الأوربي تقول ان دول الاتحاد بعثت برسالة قوية إلي السلطات المصرية برغبتهم في رؤية انتقال سريع وهاديء للسلطة في البلاد. وكأنه قرار يجب تنفيذه دون نقاش.
ووصلت اهمية مصر الي حد تصارع القوي العالمية علي التدخل في شئونها فمثلا قال المرشد الايراني علي خامنئي ان الانتفاضة المصرية هي ضربة للمصالح الأمريكية، والاسرائيلية كما نسبت حركة شباب 52 يناير إليها مؤكده انها ثورة إسلامية جديدة بالرغم من ان شباب الحركة اكدوا انهم لا ينتمون إلي اي حركة سياسية او دينية.. كما حاولوا هز الثقة بين الشعب والجيش للقضاء علي اي استقرار في نفوس الشباب من خلال خطبة الجمعة الماضية التي تناول فيها خامئني الشئون المصرية باللغة العربية لتحمل رسالة سريعة وموجهة في اقل وقت ممكن. وجاء رد وزير الخارجية المصري أحمد ابوالغيط قائلا ان حديث مرشد الثورة الايرانية عن التطورات الداخلية في مصر يكشف عن مكنون ما يدور في صدر النظام الايراني من احقاد تجاه مصر ومواقفها السياسية قائلا »ان تمنيات المرشد باقامة شرق اوسط إسلامي تقوده ايران انما يكشف عما تسعي تلك الدولة لتحقيقه في المنطقة.. هذه تصريحات مهمة وكاشفة ونرجو ان يقرأها الجميع علي الساحة الدولية باهتمام، موضحا ان كلام خامئني يستحق الإدانة، لأنه تخطي كافة الخطوط الحمراء في تناول الشأن المصري من منظور عدائي وحاقد«.