في الوقت الذي اعتبر فيه البعض إعلان أحمد الزبير السنوسي عضو المجلس الانتقالي منطقة برقة إقليما فيدراليا داخل دولة ليبيا كارثة ووصمة عار لحقت بثورات الربيع العربي رأه البعض الآخر أمرا عاديا لا تثريب فيه على الإطلاق. وقد أكد أحمد الزبير السنوسي في الاحتفالية التي أقيمت بمدينة المرج الليبية إحياءً لذكرى استقلال الإقليم في يونيو 1949 ضروره تفعيل دستور 1951 غير المعدل للإقليم وتشكيل برلمان برقة المكون من مجلسي الشيوخ والنواب. ومن المعروف أن إقليم برقة له تاريخ طويل مع الحكم الذاتي فقد كان قبل قيام ما يعرف بثورة الفاتح من سبتمبر 1969 ولاية فيدرالية من ضمن ثلاث ولايات مكونة للملكة الليبية المتحدة التي نالت استقلالها عام 1951، وهي ولايات طرابلس وفزان وبرقة. والملفت للنظر أن برقة لطالما كانت لها هوية ثقافية وإدارية مختلفة، حيث سبق أن احتلها البريطانيون عام 1911 وانتزعت من يد السلطنة العثمانية وأعلنت محمية بريطانية ثم مستعمرة إيطالية عام 1919 الذين اعترفوا بسيدي إدريس السنوس زعيما لبرقة. وكما احتلت برقة أولا نالت استقلالها أولا، حيث حصل الإقليم على استقلاله عام 1949 أي قبل عامين من استقلال ليبيا ككل، ودخلت في إطار نظام فيدرالي وكان يتم تجهيز هذا الإقليم كي يكون هو العاصمة ولكن جرت المقادير على غير رغبة السنوسية في برقة وقامت ثورة الفاتح بقياد القائد الليبي المقتول معمر القذافي، وذلك عام 1969. ومن المعروف أن كلمة برقة مشقتة بالأساس من الكلمة اللاتينة باركا، وتحولت إلى بارقة وفقا للتسمية الأمازيغية، حيث سكن الأمازيغ هذا الإقليم في أغلب فتراته التاريخية قبل أن يبدأ الفتح العربي وتتوالى القبائل العربية على هذه المنطقة. ومن المعروف أن إقليم برقة له ارتباط خاص بمصر، لعوامل كثيرة أهمها بالطبع جغرافي، حيث أن وجود برقة في الجانب الشرقي من ليبيا جعلها دائما البوابة الغربية للمحروسة، وقد سجل التاريخ أن الفاطميين حينما أرادوا الاستيلاء على مصر احتلوا برقة أولا. هذا بخلاف أواصر القرابة التي تجمع الجانبين المصري والليبي وليست فقط العوامل جغرافية بل علاقات نسب أيضا حيث أن كثير من أهالي برقة يعيشون في مرسى مطروح وتزوجوا من أهلها حتى إن الزبير أحمد السنوسي نفسه كان قد ولد في مدينة مرسى مطروح عام 1933، بينما يلمح كثير من أهالي المحافظة المصرية الحدودية إلى أن الأزمة الأخيرة المتعلقة بالمعابر سببها الأساسي هذه الأوصر. وعقب قيام ثورة ليبيا في عام 2011 فُتح الحديث من جديد على منح هذا الإقليم حكما فيدراليا كما كان قبل قيام ثورة الفاتح في الستينيات ثم أرجئ الحديث بسبب حداثة عهد الثورة الليبية، ولكن الإقليم أصر على الاحتفاظ بهويته المستقلة وإن كان تحت المظلة الليبية، بين مخاوف من أن تكون تلك الخطوة هي المسمار الأول في نعش ليبيا الموحدة وبداية لتدهور في العلاقات المصرية الليبية.