أثارت تصريحات المسئولين السودانيين وخاصة وزارة الخارجية مؤخرا، علامات استفهام كثيرة حول مواقف السودان فيما يخص ملف سد النهضة الإثيوبي والتي كان آخرها الحديث عن عدم وجود أضرار من تحويل النيل الأزرق، أو أن إثيوبيا لن تتصرف في حصة مصر في مياه النيل. توقع الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه، أن ينحاز السودان إلى إثيوبيا، مشيرا إلى ان السودان سيستفيد كثيرا من بناء سد النهضة، من خلال الكهرباء التي ستغنيه عن البترول القادم من جنوب السودان. وأكد القوصي، ل"بوابة الأهرام"، أن السودانيين مخطئون في هذا التصور حيث يعتقدون أن السد سيمنع الطمي الذي كان يغلق خزانات المياه لديهم، موضحا أن الطمي يشغل العشرات من مصانع الأسمدة التي تستخدم في الزراعات. وقال خبير المياه، إن السودان لا تريد ان تفهم أن إثيوبيا لن توافق على بقاء حصة مصر والسودان كما هي، مؤكدا أن تصريحات المسئولين السودانيين عندما نسمعها كأننا نستمع للإثيوبيين. وطالب القوصي، بضرورة العمل على دفع إثيوبيا على الموافقة على عدم الإضرار بحصتنا في مياه النيل. وأشار القوصي إلى تقرير اللجنة الثلاثية المعنية بملف سد النهضة، قائلا إن التقرير سيؤكد على أن الاستمرار في بناء سيؤثر على الإيراد المائي عند أسوان بمقدار يتراوح ما بين 9 إلى 19 مليار متر مكعب، فضلا عن نقص كهرباء السد العالي، بنسبة تصل إلى 40% . بينما أكد الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق، أن تصريحات الخارجية السودانية حول سد النهضة، وعدم وجود أضرار من بنائه، مقاربة إلى حد كبير إلى تصريحات المسئولين المصريين، مشيرا إلى أن حسب اتفاقية 59 فإن السودان ستتأثر مثل مصر من السد. وأثنى وزير الري الأسبق، ل"بوابة الأهرام" على زيارة وزير الري والكهرباء السوداني للقاهرة، والتي اعتبرها تحركا سليما وتعبيرا عن القلق والرغبة في تنسيق المواقف مع مصر. وطالب علام بضرورة انتظار ما ستسفر عنه التحركات، وضرورة العمل السريع لإيجاد حل لما يحدث الآن فيما يخص بناء سد النهضة والذي أعلنت إثيوبيا عن بدء تحويل مجرى النيل الأزرق مؤخرا. بينما اختلف معهم الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه وأستاذ زراعة القاهرة، حيث قال إن وزير الري السوداني وصل القاهرة مساء أول أمس لتنسيق المواقف مع مصر، كما كانت تصريحات السودان قوية للغاية ودعت إلى اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية لتأييد مصر والسودان وإدانة الموقف الإثيوبي، كما تقدمت بشكوى وطلب اجتماع عاجل للاتحاد الإفريقي لإدانة القرار الإثيوبي. وأضاف نور الدين، ل"بوابة الأهرام"، أن من فوائد السد على السودان، سيمنع الفيضان عن المنطقة الشرقية في السودان وولاية كسلا ويقلل من الإطماء الذي يهدد ويقلل السعات التخزينية لسدود خشم القربة والرصيرص وسنار السودانية على النيل الأزرق، وبالتالي يزيد من سعاتها التخزينية ويقلل تكاليف الصيانة. وتابع: ولكن في المقابل أيضا فإن الفيضان يغسل التربة السودانية ويشبع القطاع الأرضي بالمياه ويشحن المياه الجوفية للولايات الشرقية بكميات وفيرة من المياه تساعد على زراعة هذه الأراضي دون ري فور انحسار مياه الفيضان في سبتمبر، وبالتالي فحقيقة الأمر أن السودان سيتأثر بنقص كميات المياه الفعلية التي تصل أراضيه كما سيعاني من نقص مياه الفيضان التي تملأ السدود الثلاث المشار إليها. وقال نورد الدين، إنه على الرغم أن إثيوبيا وعدت السودان بتعويضها بإمدادها بكميات كبيرة من المياه وبأسعار مميزة لتعويض خسائرها المائية، بالإضافة إلى أن نقص مياه الفيضان ووصول المياه من إثيوبيا يوميا بيوم طبقا لكميات الكهرباء المولدة من سد النهضة، تعني عدم وجود فائدة لهذه السدود السودانية طالما ستصلها المياه على مدار 365 يوما في السنة، كما تعني عدم قدرة السودان على تخزين مياه تساعدها في السبع سنوات العجاف التي تأتي على فيضان النيل كل 20 سنة (7 سمان+ 7 عجاف + 6 متوسط) وبالتالي فستعاني الولاياتالشرقية من احتماللات عالية للجفاف والقحط ولأزمنة كبيرة. وأوضح أن هناك أيضا أمطار في السودان تقدر بنحو 600 مم/سنة مقابل متوسط أمطار في مصر شمالا وجنوبا 15 مم/سنة وبالتالي فإن الزراعة في السودان 88% زراعات مطرية ونحو 12% فقط زراعات مروية. وأشار إلى أن الموقف في السودان أفضل من مصر قليلا لأن سدودها الثلاثة على النيل الأزرق مع سدودها الثلاثة الأخرى على النيل الأبيض تساعدها على حجز حصتها من المياه بالكامل 18.5 مليار متر مكعب/ سنة قبل وصول المياه إلى مصر، وبالتالي فإن المعاناة الأكبر ستكون لمصر لأننا لا يمكن أن نطلب منهم اقتسام العجز سويا وعدم امتلاء هذه السدود بالمياه.