أصدر المستشار أسامة الصعيدي، قاضي التحقيق المنتدب من وزير العدل للتحقيق في وقائع الفساد بجمعية الضباط الطيارين، قرارا بحفظ التحقيقات في البلاغ المقدم من محفوظ عيسى المحامي، ضد كل من الدكتور أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق ورجلي الأعمال منصور عامر ومحمد الأمين بشأن إهدار المال العام وتسهيل استيلاء عامر والأمين على أموال جمعية الطيارين. كما أمر المستشار أسامة الصعيدي بإحالة مقدم البلاغ محفوظ عيسى إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو تحقيق واقعة البلاغ الكاذب المثارة بالتحقيقات، في ضوء اتهام محمد الأمين لمقدم البلاغ. وجاء قرار المستشار أسامة الصعيدي بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين، لعدم وجود شبهة جناية ارتكاب عدوان على المال العام. وأوضح المستشار الصعيدي –في مؤتمر صحفي عقده بمكتبه بمجمع محاكم القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس- أن التحقيقات كانت قد بدأت في الأسبوع الأول من شهر مارس الماضي، حينما تلقى بلاغ المحامي، حيث تم استدعاء مقدم البلاغ لسؤاله في مضمون بلاغه وتقديم المستندات الدالة على الوقائع محل البلاغ، غير أنه لم يمتثل للحضور. وأضاف الصعيدى أنه على أثر ذلك تم تفعيل المادة 117 من قانون الإجراءات الجنائية بشأن المبلغ، وذلك بإعلانه للحضور مرتين، ثم أعقب ذلك إصدار قرار بضبطه وإحضاره. وأشار قاضي التحقيق إلى أن مقدم البلاغ امتثل للحضور وتنازل عن البلاغ المقدم منه، بعد أن قرر بالتحقيقات أنه لا يوجد لديه ثمة مستندات، وأنه تأكد من عدم صحة البلاغ المقدم منه. وتضمنت التحقيقات استدعاء اللواء طيار نصر موسى، رئيس مجلس إدارة جمعية الطيارين للبناء والإسكان، وسؤاله بالتحقيقات، حيث قرر في أقواله عدم صحة الوقائع الواردة بالبلاغ، وأنه لا يوجد أى علاقة لرجلي الأعمال منصور عامر ومحمد الأمين بجمعية الضباط الطيارين، وأنهما لم يستفيدا من مشروعات الجمعية. كما تضمنت التحقيقات أيضا تحريات هيئة الرقابة الإدارية والإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، وسؤال مجري تلك التحريات، حيث أكدوا عدم صحة البلاغ، وأنه لا يوجد لرجلي الأعمال محمد الأمين ومنصور عامر أى علاقة بجمعية الطيارين، أو أى استفادة من مشروعات الجمعية. وأضاف أن التحقيقات تضمنت أيضا أحمد عبد الفتاح فتح الله وكيل نقابة المحامين بكفر الشيخ، وكيلا عن المحامي مقدم البلاغ الذي قرر بأنه يتنازل عن البلاغ المقدم من موكله محفوظ عيسى، المحامي،. كما تم سؤال أيضا محمد الأمين ومنصور عامر خلال التحقيقات، حيث قررا بالتحقيقات عدم صحة البلاغ، كما طالب الأمين أثناء التحقيقات اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المبلغ، واتهامه بالبلاغ الكاذب. واستند المستشار أسامة الصعيدي فى حيثيات قراره بحفظ التحقيقات، إلى أن الواقعة تجردت من الصفة الإجرامية، وأنه لا توجد ثمة جريمة يمكن نسبتها إلى المشكو في حقهم، وذلك في ضوء ما ورد بأقوال اللواء طيار نصر موسى الذي أكد عدم صحة البلاغ، وهو ما أيدته تحريات الرقابة الإدارية والإدارة العامة لمباحث الأموال العامة. وأشار المستشار الصعيدي إلى أن تنازل المحامي مقدم البلاغ عن بلاغه ضد المشكو في حقهم، ليست له ثمة أثر في مقام جرائم العدوان على المال العام، ولا يملكه المبلغ، غير أن دلالة هذا التنازل تبدو في عدم جدية البلاغ. وذكرت حيثيات قرار الحفظ، إلى أن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية في نظام الاتهام، وهو أمر تقتضيه الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتحامل والبلاغات غير الجدية التي تفوح منها رائحة كريهة لا تتحملها النفس البشرية السوية. وأضاف قاضي التحقيق أن ضمير القاضي هو سيفه الذي يستخدمه ضد كل متهم تتوافر الأدلة الدامغة على إحالته للمحاكمة الجنائية، وضد كل مقدم بلاغ لا تتوافر الجدية على بلاغه، باعثه في ذلك إقامة التوازن بين حق الدولة في العقاب عن طريق حصولها على دليل الإدانة وبين حق المتهم في التمسك بأن الأصل في الإنسان البراءة. وأهاب المستشار أسامة الصعيدي بالمشرع النظر في قانون العقوبات الذي صدر في عهد الملك فاروق الأول، وقانون الإجراءات الجنائية الذي صدر في عام 1950 أيضا، واللذان يحتاجان إلى تغيير جذري وثقافة تشريعية تواكب التطور الحياتي والعلمي في الدولة، ابتغاء للوصول إلى عدالة ناجزة.