منذ إعلان الرئيس محمج مرسي عن قرب إجراء التغيير الحكومي، بات محور للنقاش السياسي، وتحديدًا جبهة الإنقاذ التي وضعت هذا التغيير بمقدمتها شروطها للموافقة المشاركة بانتخابات مجلس النواب. صحيح أن التعديل المنتظر لا يلبي شرط المعارضة التي تطالب بالتغيير الشامل للحكومة، إلا أنه من ناحية أخرى يمكن أن يكون بمثابة حل وسط بين الإصرار على بقاء الحكومة وتغييرها بشكل كامل. والخلاف هنا بين وجهتي نظر أساسيتين، ترى الأولى الانتظار حتى انتخابات مجلس النواب والمنتظر في أكتوبر القادم، لكي تأتي الحكومة تعبيرًا عن الإرادة العامة للناخبين، تمثلها أحزاب التيار الديني باستثناء النور، فيما ترى القوى الأخرى وتمثلها المعارضة أن التحديات التي تواجها مصر أكبر من قدرة الحكومة الحالية على مواجهتها، وبعد تأجيل الانتخابات البرلمانية بات عنصر الوقت يعمل لصالح التغيير الحكومة وليس تأجيله. فمن جانبها، أكد حزب الحرية والعدالة أنه انتهي من تقديم ترشيحاته لمؤسسة الرئاسة التي اعتبرها المسئول الوحيد عن تلك التعديلات الوزارية، حيث توقعت مصادر داخل الحزب أن ينتهي تلك العملية مع بداية الأسبوع القادم، تشمل ما بين 6 8 وزارت وفي مقدمتها: العدل والشئون النيابية والقانونية والآثار والسياحة بالإضافة إلى ثلاثة وزارات خدمية لا يشملها التضامن الاجتماعي. وحسب تأكيد محمد زيدان المتحدث باسم الحزب أن احتمالات أن يحصل الحزب على عدد من المناصب بحركة المحافظين بينما لن يحصل على شيء بالتعديلات الوزارية. فيما اعتبر الدكتور رمضان بطيخ الفقيه الدستوري أن التعديل الوزاري حل وسط مقبول، لكونها أحد المطالب التي قدمت للرئيس، وأوضح أن بعض أحزاب جبهة الإنقاذ الوطني تبحث ليس فقط عن تغيير وزاري وإنما عن تغيير رئيس الوزراء وأن يكون بمواصفات معينة وهو شيء جيد. وأيدها أيضًا حزب البناء والتنمية، بقية أحزاب المولاة، بالإضافة لجبهة الضمير، حيث أكد صفوت عبدالغني عضو شورى الجماعة الإسلامية أن الحزب رشح عددًا من الشخصيات لتولى مناصب المحافظين بالوجه القبلي، فيما امتنع عن تقديم مرشحين للوزارات. الاستثناء داخل التيار الإسلامي كان بحزب النور، الذي أيد التغيير ولكنه ربطه بالتوافق المجتمعي والسياسي. و قال الدكتور محمد إبراهيم منصور، عضو المجلس الرئاسي للحزب، وعضو مجلس إدارة الدعوة السلفية: نأمل أن يكون التغير الوزاري ليس من جانب واحد، وأن يكون من خلال التواصل مع القوى السياسية لكي يكون تعبيرًا عن توافق وطني وليس في اتجاه واحد، بحيث يعطي رسالة اطمئنان لنزاهة العملية الانتخابية، حال ثقة الشعب فيها. كما أكد الدكتور محمد عثمان، عضو الهيئة العليا لحزب مصر القوية، عدم وجود أي اتصالات بين الحزب ومؤسسة الرئاسة بشأن ترشيح أحد أعضاء الحزب أو اقتراح أسماء لتولى حقائب وزارية بالتعديل الوزاري. أما على مستوى المعارضة، فقد قال خالد داود المتحدث الإعلامي باسم جبهة الإنقاذ إن التغيير الحكومي يجب أن يكون شاملا، بحيث يأتي بحكومة محايدة يكون منوطًا بها الإشراف على الانتخابات، وتكون قادرة على إنهاء المعاناة الاقتصادية وتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية. وكان بيان للجبهة سابق للجبهة، قد أكد حاجة مصر لرئيس حكومة قوي ووزراء أقوياء علي مستوي عالٍ من الكفاءة والإيمان بالثورة. و أن الجبهة تلمس وجود بعض الوزراء الأكفاء علي مستوي عال من الأداء والنشاط وأنها لا تنكر وجود جهد مبذول وإنجازات آخرها علي سبيل المثال ارتفاع إنتاج مصر من القمح تعزيز الاكتفاء الذاتي من القمح، إلا أن هذا لا يكفي إذ أن المطلوب أن تكون المنظومة كلها علي كفاءة عالية وإيمان تام بالثورة المصرية، وأن يمتلك كل الوزراء و في المقدمة منهم رئيس الوزراء القدرة والكفاءة والجراءة علي اتخاذ القرارات والحسم في إطار رؤية واضحة تستطيع من خلالها إحداث نقلة نوعية للشعب المصري بعد الثورة. فوجود رئيس وزراء قوي يعطي الرئيس الدعم المطلوب في قيادة العمل علي المستوي التنفيذي، ويعطي له المساحة للاهتمام بالقضايا السياسية الإستراتيجية داخليًا و خارجيًا. فيما أكد هذا الموقف أحزاب الجبهة، حيث نوه الدكتور أحمد دراج، القيادي بحزب الدستور، إلى إن التعديل الوزاري، لا يساوى الحبر الذي كتب به، مشيرا إلى أن تغيير وزير أو أكثر لن يعدل الوضع مادام رأس الحكومة موجودا فالفشل سيلاحقه. مضيفًا أن رأس الحكومة الدكتور هشام قنديل هو سكرتير لمكتب الإرشاد،حسب قوله، مشددا على أن جماعة الإخوان المسلمين لا تريد تغيير قنديل لأن وزراءه تابعون لها، ومن ثم فتبعيتهم للجماعة ومصالحها. واعتبر أن الحديث عن التغيير في مثل هذا التوقيت بمثابة نوع من الالتفاف على الحل الحقيقي، التغيير الحكومي الشامل ومجيء حكومة جديدة ذات رؤية للخروج من الأزمة الحالية. وأيد تلك الرؤية ماجد سامي الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية، بقوله أن الحكومة الحالية فاشلة ولا تصلح، مؤكدًا على ضرورة أن تكون وطنية ومشهود لها بالكفاءة في كافة المجالات وأن يتم الاختيار للشخصيات بعيدًا عن دائرة الإخوان المسلين ومن ينتمي لهم. إلا أنه توقع أن لا يخرج التغيير بالشكل الذي تتمناه القوى السياسية والشارع المصري حيث لن يبتعد عن إضافة المزيد من جماعة الإخوان سواء بالوزارات أو المحافظات المختلفة للعمل على ضمان حصول حزب الحرية والعدالة على الأغلبية بالمجلس التشريعي القادم وتغيير الخريطة السياسية في مصر. وأضاف أن التعديل الوزاري المقترح لن يراعى البعد الاجتماعي والاقتصادي لمصر فلن نرى وزير من التكنوقراط بل إرضاء لحلفاء الجماعة من الأحزاب الأخرى ولإحكام السيطرة على كل مفاصل الدولة. كما رفض حزب الوفد التعديل الوزاري المحدود، وقال حسام الخولي السكرتير العام المساعد للحزب: إن تغيير عدد من الوزراء لن يحل المشكلة بل من الممكن أن تتفاقم المشاكل مشيرا إلي أنه مع احترامه للدكتور هشام قنديل لكن ليس لديه خبرة اقتصادية أو حنكة سياسية. وأضاف الخولي أن الفترة الحالية تحتاج لحكومة جديدة ذات خبرات اقتصادية عالية وليس لها "هوي سياسي" معين، ويكون همها الأول والأخير مصلحة مصر فقط دون النظر لأي اعتبارات حزبية. وأوضح الخولي أن التعديل الوزاري المقترح لن يحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد ولن يحقق المصالحة الوطنية مشيرا إلي أن الوفد وجبهة الإنقاذ يصرون علي تغيير الحكومة دون ترقيع لها مشددا علي أن التعديل الوزاري ليس حلا وسطا لخوض جبهة الإنقاذ الانتخابات. فالمطلوب حسب توصيفه قيام السلطة الحاكمة باتخاذ قرارات اقتصادية جريئة تسعد جميع المصريين، وتجعل المجتمع في بوتقة واحدة للخروج من الأزمة الحالية. ومن جهته قال الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب الديمقراطي أن موقف الجبهة ثابت من خوض الانتخابات ومعروفه شروطنا، وأن أي تعدي وزاري لن يتحدث عنه إلا بعد تحققه. كما أعلن حزب المصريين الأحرار أن جماعة الإخوان المسلمين لم تجر أي تغيير جيد حتى الآن، وكل التغييرات التي تمت كانت سيئة ، وأن التعديل الحكومي الذي يدور جدل حوله حاليا اتسم بالريبة والسرية التي تدل على أنه سيكون كما سبق، لأنه يجرى بعيدا عن أعين القوى الوطنية وانفردت به الرئاسة والإخوان. وقال المهندس شهاب وجيه، المتحدث الرسمي للحزب إن الحل الأمثل هو أن يلتقي رئيس الجمهورية بالقوى الوطنية لاختيار رئيس وزراء كفء الذي بدوره يشكل حكومة تكنوقراط تفهم طبيعة المرحلة وتلبى مطالب الشعب ، وهذا الإجراء سيكون خطوة جيدة جدا للتوافق الوطني وإزالة الاحتقان، وربما إقناع القوى الوطنية بخوض الانتخابات البرلمانية. وأضاف أن الإخوان الآن تسير على نفس خطى حركة النهضة في تونس التي تأتى بحكومات غير راض عنها أحد؛ حتى التغييرات التي تجريها لا فائدة منها، موضحا أنه أمام الرئيس الدكتور محمد مرسى فرصة لزراعة الأمل من جديد داخل الشعب المصري وتشكيل حكومة جديدة قادرة على قيادة البلاد.