يأتى اليوم الموافق 1 فبراير ليمر عام كامل على جريمة هى الأبشع فى تاريخ الرياضة المصرية، حيث مازالت تبعاتها تتوالى، فمذبحة بورسعيد التى راح ضحيتها 74 شهيدا من شباب الألتراس كانت جريمة ضخمة هزت المجال الرياضي وانتقلت تبعاتها إلى مجالي السياسة والقضاء. فبعد ساعات من وقوع المذبحة، كان الآلاف من الأهالى والشباب يقفون فى محطة مصر مابين اليأس والرجاء، منتظرين بفارغ الصبر الاطمئنان على أبنائهم ممن ذهبوا مع أصدقائهم لحضور مباراة كرة قدم للشياطين الحمر مع النادي المصري فى بورسعيد، عائلة ثكلى تستقبل جثة ابنها، وأم أغشي عليها عندما رأته جريحا مكسورا، وأخرى من هول الصدمة غير مصدقة أنه قد رحل للأبد وكان مشهد جثامين 72 شابا فى عمر الزهور مشهدا مهيبا لن تنساه مصر. والجدل حول الجريمة انتقل من استاد بورسعيد حيث الدماء، إلى ساحات القضاء مع وجود اتهامات لأجهزة الأمن الموالية للنظام القديم بالتواطؤ والاشتراك في الجريمة لبث الفتنة بين صفوف الشعب وإحداث حالة من عدم الاستقرار لتأجيل تسليم السلطة والانتقام من الألتراس من جهة، ومن جهة أخرى تورط بعض رموز النظام السابق ببورسعيد ممن استعانوا ببلطجية لتنفيذ المذبحة وشحن جماهير المباراة ضد بعضهم البعض. وعلى مدى عام كان هناك جدل آخر حول النشاط الكروى، حيث كانت الأندية تصر على استمراره نظرا لما يدره من عوائد تمكنها من الاستمرار في تحمل نفقات الأنشطة بها، فى مقابل رفض استمرار جماهير الألتراس عودة النشاط الكروي إلا بعد القصاص للشهداء، ونظموا وقفات احتجاجية ومسيرات وقطعوا الطرق وقاطعوا المباريات، مطالبين بتأجيل مباريات الدورى حتى القصاص للشهداء. وقبيل صدور الحكم بأيام استنفر ألتراس أهلاوى ليصعد من غضبه وضغطه عبر إصابة القاهرة بشلل مرورى مؤقت، فاندفعت مجموعاته لقطع كوبرى أكتوبر وغلق محطات مترو الأنفاق وتنظيم مسيرات ووقفات حاشدة، متوعدا بالتصعيد فى حالة تأجيل الحكم أو صدور أحكام بالبراءة على المتهمين رافعا شعار "القصاص أو الدماء"، خاصة مع إعلان النائب العام بالتقدم بطلب للمحكمة التى تنظر القضية لطلب المرافعة لتقديم أدلة جديدة قبل موعد صدور الحكم بيومين. وجاء قرار المحكمة السبت 26 يناير بإحالة أوراق 21 متهما إلى مفتى الجمهورية وتحديد جلسة 9 مارس للنطق بالحكم، دون أن يكون فيهم ضابط واحد، ليثير جدلا جديدا فى الشارع مابين رضاء جزئي لأهالى الشهداء وشباب الألتراس الذين اعتبروه بداية للقصاص، معلنين أنهم لن يتنازلوا عن محاكمة ضباط وزارة الداخلية وقيادات المجلس العسكرى، وبين رفض البعض له معتبرين أنه حكم مسيس جاء ليقدم للجميع حلا سحرىا يجنبهم مواجهة يرفضون خوضها عبر تقديم "كبش فداء"، حسبما قالوا. وكان من اللافت أن اثنين من المحال أوراقهم للمفتى هم فى الأصل من جماهير ومشجعى الأهلى أحدهما من القليوبية والآخر من الدقهلية، مما دفع "كابوهات" ألتراس أهلاوى للتصريح عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى بأنهم سيعيدون البحث بالأمر والتأكد من مدى صحة تلك المعلومات، مؤكدين أنهم لن يسمحوا بمحاكمة أى مظلوم، وأنهم متمسكون بالقصاص العادل من القتلة الحقيقيين، معلنين أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق مع أهالى الشهداء وقدموا أدلة مصورة بالفيديو والصور وشهادات الشهود إلى النيابة والمحكمة. على جانب آخر، تلقت بورسعيد قرار المحكمة بإحالة أوراق متهمين للمفتي بفجيعة آخرى، حيث تصاعدت ردود الفعل وخرج البعض معلنين رفضهم واعتبروا أن الدولة تضحى بهم وبأبنائهم خوفا من غضب جماهير الأهلى، لتشهد المدينة مجزرة ثانية سقط خلالها ما يقرب من 32 شهيدا وعشرات المصابين، لترد الدولة على لسان الرئيس محمد مرسي بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة 30 يوما على محافظات القناة، فكان رد بعض الأهالي برفض قراراته وخرق حظر التجوال وكسره وعدم تفعيله. ومن جانبهم، أعلن ألتراس النادى المصرى "جرين إيجلز" التصعيد ضد الدولة ورفض قرار الإحالة للمفتي، والتلويح بدخول بورسعيد فى عصيان مدنى، مطالبين باحتساب ضحايا بورسعيد ضمن شهداء الثورة أسوة بشهداء الألتراس، محذرين من انفجار، والذي قد يأتي يوم 9 مارس عند إعلان حكم المحكمة ضد المتهمين بالقضية التي هزت ولا تزال تهز مصر.