دخل تقرير مصير جنوب السودان الساعات الأخيرة الفاصلة حيث ستبدأ صباح غد عملية الاستفتاء لتحديد ما إذا كان سيبقى ضمن دولة السودان الموحدة أو يتخذ سكانه قرارا بالانفصال الأبدى عن الشمال وتكوين دولته المستقلة وهو الخيار الغالب على أغلبيتهم فى ضوء مشاهدات وملاحظات مراسلى "بوابةالأهرام". خلال الأيام الثلاثة الأخيرة أثناء تجوالهما فى أنحاء مدينة جوبا وحضور بعض المؤتمرات الجماهيرية التى عقدتها الحركة الشعبية أكبر أحزاب الجنوب وكان آخرها المؤتمر الذى شارك فيه باجان أموم، الأمين العام للحركة والذى استغرق خمس ساعات واستمر حتى ساعة متأخرة من مساء أمس. ووفقا لتصريحات كبار مسئولى حكومة الجنوب والحركة، فإن الاستفتاء سيشهد إقبالا واسعا من المواطنين الذين دعاهم" أموم" إلى الاستيقاظ مبكرا للمشاركة فى الاقتراع بسلاسة وهدوء والتزام تعليمات مفوضية الاستفتاء وتجنب مظاهر الفوضى والوقوف فى الطوابير دون تململ والانتهاء بسرعة من الاقتراع قبل الموعد المحدد يوم السبت المقبل. وتعالت فى الساعات الأخيرة التى تسبق يوم الاستفتاء المطالبة بفصل الجنوب عن الشمال والبدء فى تكوين الدولة المستقلة التى تستوعب جميع مواطنيه وتقوم على الحرية والتعددية السياسية والديمقراطية والمساواة وشهدت مناطق العاصمة جوبا وغيرها من ولايات الجنوب مسيرات وحملات شعبية تعتبر يوم الاستفتاء يوما للخلاص من سنوات العبودية والتهميش وسيطرة الشمال على مقدرات الجنوب. وفى نهاية الحملة السياسية التى قادتها الحركة الشعبية واختتمت الليلة الماضية أكد باجان أمام حشد جماهيرى ضم أكثر من 10 آلاف مواطن جنوبى إلى جانب عدد من قيادات وكوادر الحركة، أنه ليس أمام مواطنى الجنوب سوى التصويت لخيار واحد هو الانفصال والذى يمثله رمز اليد الواحدة التى وصفها بأنها تلوح مودعة للخرطوم " باى باى خرطوم " وقال إن الجنوبيين سيودعون عبر الاختيار الاضطهاد والعبودية والاستعماروالتهميش والحروب وكل المشكلات التى جلبها لهم ارتباطهم بالشمال. وفى أقوى تحريض على الانفصال، شدد باجان فى مطالبته الجماهير بألا يصوتوا لخيار الوحدة وأن يتذكروا ضحايا الحروب التى خاضها الجنوب وأنهم لا يقرون مصيرهم وحدهم وإنما مصير الأجيال القادمة فى الجنوب وما إذا كانوا سيبقون مواطنين من الدرجة الثانية أو مواطنين أحرارا، وطالب العالم بأسره باحترام وقبول والاعتراف بخيار شعب الجنوب إذا صوت أغلبيته لصالح الانفصال. وحول مسنقبل الحركة الشعبية فى حال الانفصال، أوضح باجان أنه سيكون هناك حزبان مستقلان للحركة فى الشمال والجنوب وسيركز برنامجها فى الجنوب على البناء الوطنى والديمقراطية وعدم التهميش وتأسيس للقواعد للاستقرار والسلام. وحول تفاصيل عملية الاستفتاء تحدث ل" بوابة الأهرام "جورج ماكير " نائب رئيس مفوضية الاستفتاء فى الجنوب والمنوط بها متابعة كل خطواته، مؤكدا أن الاستعدادات الخاصة بإجراء الاستفتاء أصحبت مكتملة على مستوى الجنوب وكل السودان، بالإضافة إلى دول المهجر مشيرا إلى أن كل بطاقات الاقتراع تم تسليمها إلى مختلف مراكز الاستفتاء، كما تم الانتهاء من تدريب العاملين والموظفين الذين سيتولون مهمة إجراء الاستفتاء، وقال إن كل الترتيبات الأمنية أصبحت مهيأة تماما وأن المسرح بات معدا بشكل كامل لبدء عملية الاستفتاء في اليوم المحدد. وأشار ماكير إلى أن هناك أكثر من 2600 مركز في ولايات الجنوب وأكثر من 165 مركزا بولايات الشمال بالإضافة إلى عشرات المراكز بدول المهجر التى ستستقبل اعتبارا من اليوم وعلى مدى الأيام السبعة القادمة المسجلين فى دفاتر الاستفتاء. وعما إذا كان قد تم تجاوز المشكلات التي نتجت عن تسجيل المشاركين في الاستفتاء فى الفترة الماضية، أكد نائب رئيس مفوضية الاستفتاء، أنه تم حل جميع المشكلات المتعلقة بالتسجيل على مستوى اللجان التي تم تشكيلها في كل مراكز الاقتراع والتي كلفت بنظر الشكاوى المقدمة في هذا الشأن، وتلت ذلك مرحلة تقديم الطعون أمام المحاكم المختصة والتي تم تشكليها في وقت مبكر بقرار من رئيس السلطة القضائية السودانية.. والتي نظرت بالفعل في كل الدفوع المتعلقة بعملية التسجيل منذ اليوم الثالث لبدء التسجيل. وحول آراء بعض الدوائر التى تشكك في شرعية الاستفتاء في ضوء الطعون المقدمة، ذكر أن هذا الطعون لم تكن بأعداد كبيرة وتم حسمها وفق الآليات التي حددها قانون الاستفتاء. وفي مرحلة متقدمة أمام المحاكم وقد تم بالفعل تطبيق هذه الآليات حيث أنجزت مهامها من خلال الفصل فى الطعون والشكاوى التي قدمت للمحاكم و قال: "نحن الآن في مرحلة إعداد السجل النهائي الذي تم إنجازه بالفعل أمس تمهيدا لبدء عملية الاقتراع اليوم الأحد، معبرا عن قناعته بأنه ليس هناك أي نوع من الصعوبات والمشاكل أمام مفوضية الاستفتاء بهذا الشأن. وأبلغ ماكير "بوابة الأهرام" بأنه سيتم إعلان نتيجة الاستفتاء على مراحل حيث سيتم إعلانها أولا على مستوى كل مركز اقتراع ثم يتم تجميع هذه النتائج وإعلانها على مستوى الولاية ثم إعلانها على مستوى جنوب السودان ثم على مستوى شمال السودان بالإضافة إلى نتائج المراكز الخارجية بدول المهجر والتى سترد إلى الخرطوم تباعا حيث تتولى مفوضية الاستفتاء القومية ومقرها في العاصمة إعلان النتيجة في الأسبوع الأول من فبراير.. وحول أعداد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء كشف ماكير عن تسجيل ثلاثة ملايين و900 ألف ناخب بالجنوب، و 116 ألفا فى الشمال وأكثر من 60 ألفا فى دول المهجر. وأبدى ماكير ثقته بإتمام عملية الاستفتاء فى سلاسة وهدوء فى ضوء اتخاذ كل هذه الإجراءات والتيسيرات بما فيها الترتيبات الأمنية والتزام الحكومةالمركزية في الخرطوموحكومةالجنوب في جوبا بإجرائه وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام..