منذ نشأة مهرجان القاهرة السينمائى الذي قام الكاتب الصحفى كمال الملاخ بتأسيسه عام 1976وبالتحديد فى شهر أغسطس وهو يعانى من أزمات مالية ورقابية وخلافات على رئاسته وتهديدات من إسرائيل التى تربصت وما زالت به ثم جاءت ثورة 25 يناير ليتوقف إجباريا ، وعندما عاد أيضا فقد عاد اجباريا إذ لا تسمح اللوائح الدولية بتوقفه لعام آخر لأن ذلك يعني سحب الصفة الدولية منه - وعندما عاد كانت كل الظروف غير مهيأة لإقامته – ولكن تضافر جهود وزير الثقافة الدكتور صابر عرب مع رئيسه الدكتور عزت أبو عوف ومديرته سهير عبد القادر وأعضاء اللجنة العليا له يمكن أن تسهم فى الخروج به من هذا المأزق الصعب . وهى ليست المرة الأولى ولا الثانية التى يمر بها المهرجان منذ نشأته بعوائق وأزمات منها ما تسبب فى فشل بعض دوراته . مهرجان القاهرة السينمائى الدولي بدأ فعالياته بعد حرب أكتوبر بثلاث سنوات، وبالتحديد في 16أغسطس 1976 على أيدى الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين برئاسة كمال الملاخ، الذي نجح في إدارة هذا المهرجان لمدة سبع سنوات حتى عام 1983. كان خلالها مهرجانا عربيا بمشاركات سينمائية محدودة وعروض مهدودة وحفلات تقتصر على بعض النجوم المصريين والاجانب وبعد رحيل الملاخ سعى سعد الدين وهبه بعد تشكيل لجنة مشتركة من وزارة الثقافة ضمت أعضاء الجمعية واتحاد نقابات الفنانين للإشراف على المهرجان عام 1985سعى لوضعه على خريطة المهرجانات العالمية، ونجح فى ذلك ليصبح مهرجانا له صفة دولية ويحظى باهتمام عربى وعالمى بل تنقل به من دور العرض الكبيرة كسينما مترو الى الفنادق الكبرى ثم الى المركز الدولى للمؤتمرات لعدة سنوات ثم إلى دار الأوبرا . وقد واجه المهرجان أزمات كثيرة منها ما كان يعتبره سعد وهبه تحديا من النظام السابق له ، كونه كان دوما على خلاف مع السلطة ومن ثم مع وزارة الثقافة التى حرم منها وحرم من التكريم لمواقفه ولم يكن المهرجان فى نظر سعد وهبه مجرد تظاهرة سينمائية مصرية بل كان يهتم دائما بان يضع فلسطين فى احد تظاهراته ويرفض رفضا باتا مشاركات أى عمل بانتاج مشكوك فيه من اسرائيل كما هو الحال فى بعض المهرجانات العربية . وواجه وهبه طيلة رئاسته للمهرجان تدخل الدولة متمثلا فى وزارة الثقافة فكان دائما ما يردد بأنه – اى المهرجان – ليس مهرجان وزارة الثقافة وهو ما اغضب فاروق حسنى كثيرا فى فترة رئاسة وهبة الأخيرة ..حتى كان وهبه ينأى بالمهرجان عن تمويل الدولة ويعتمد على جهات دعم خاصة واعلانات ورعاة دون اللجؤ الى الوزارة . ولم تشهد أى من الدورات التى أقيمت بعد رحيله زخما سينمائيا ولا مشاركات عالمية كتلك التى حدثت فى عهده فهو أول من دعى انتونى كوين وأول من دعى اميتاب باتشان وايليا كازان . وشهدت الدورة التى كشف فيها عن اصابته بالسرطان حالة جدل وخلافات كثيرة اذ اقيم مؤتمرا صحفيا هو الأخير الذى حضره فى فندق شيراتون الجزيرة انذاك وحضرته زوجته سميحة ايوب التى ادارت بشكل غير رسمى الدورة ورحل وهبه فى نوفمبر من عام 1997 تاركا مهرجان القاهرة السينمائى فى موقف لا يحسد عليه إذ حاول وزير الثقافة أن يسند رئاسته لأى من نجوم السينما وطرحت ترشيحات كثيرة كان فى مقدمتها النجم العالمى عمر الشريف ولكن كل النجوم رشحوا حسين فهمى ليتولى المهرجان فى ظروف سينمائية جيدة ودعمه وزير الثقافة فاروق حسنى لكن فهمى ما أن عقد مؤتمره الصحفى الأول حتى اصطدم بالاعلاميين عندما اشعر الجميع أنه مهرجان ليس للجميع بل لمن سيرتدى الإسموكن وأنه ليس لكل الصحفيين بل لرؤساء التحرير . ولم تمر السنوات الثلاث مع فهمى بسهولة إذ كان دائم الصدام مع الرقابة التى وضعت انفها بقوة فى الافلام ومع النقاد وبشكل غير معلن مع عمر الشريف ومع عادل امام الذى رفض التكريم فى فترته ثم واجه الأزمة المالية ليعلن على الملأ انه غير قادر على الاستمرار فى ظل نقص الدعم المالى . ولم تجد وزير الثقافة أمامه سوى الرجل الأول له وهو شريف الشوباشى الذى كان قد عاد من باريس ليرأس قطاع العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة فتم اسناد المهمة له ،لكن الشوباشى تعامل مع المهرجان وكأنه حفل خاص بوزارة الثقافة ،فتناولت الاقلام سلبيات المهرجان وخفوت دوراته الثلاث التى تولاها فقدم الشوباشى استقالته وبنفس طريق اختياره اختار فاروق حسنى الفنان عزت أبو عوف الذى جاء لمهمة رأى كثيرون أنها أكبر منه لكنه استغل علاقاته الطيبة بالفنانين وبادارة المهرجان وبوزير الثقافة ورجال الاعمال ليطيل عمر رئاسته فى المهرجان دون مشاكل كبيرة باستثناء الدعم المالى الذى أتى به حيث سعر رجل الاعمال نجيب ساويرس فى الدورة ال33 الى الاستئثار بالمهرجان فتولى هو كل الأمور بما فيها التكريمات التى قيل انه هو الذى اختارها ومنها تكريمه لإسم نجيب الريحانى وإقامته الحفلات الخاصة . وكلما واجهت المهرجان أزمة أطل التهديد الصهيونى له برأسه ، فهناك نوايا وتربص من تل ابيب للحصول على الصفة الدولية لمهرجان سينمائى يقام فى اسرائيل بدلا من مهرجان القاهرة السينمائى الذى يعد من اهم مهرجانات العالم وكان لسنوات طويله هو الثالث فى قائمة المهرجانات الدولية . فحتى الأزمة الأخيرة بين اللجنة العليا للمهرجان وبين جمعية كتاب ونقاد السينما التى رأت انها الأحق بمهرجان ولد من رحمها ،وليس من حق وزارة الثقافة أن تمنحه للجنة أخرى للإشراف عليه تلك الأزمة التى ما زالت مثارة – حتى هذه الأزمة ترقبت اسرائيل مراحلها ظنا منها أنها ستعصف به وسيتوقف المهرجان بسبب أحكام قضائية ومن ثم يفقد الصفة الدولية . ثم جاءت مهرجانات الخليج لتعلن التحدى حيث بدأ مهرجان دبى فى شن حملات غير علنية لسحب النجوم المصريين من حفلات الافتتاح للقاهرة السينمائى أو الختام حيث يحضر بعضهم الافتتاح ويسافرون إلى دبى وقبله كان أبو ظبى ثم قرطاج. وواجه المهرجان منذ إقامته حروبا من أطراف عدة قد تكون الظروف الأخيرة هى الأشد قسوة ولكن عودة عزت أبو عوف لرئاسته بعد أن كان قد قدم استقالته وإصراره على اقامته رغم المظاهرات الرافضة للإعلان الدستورى كل هذا يعد تحديا ورغبة فى استمراره ليصبح مصريا ومعبرا عن السينما المصرية ، فحتى لو أقيم بعرض أفلام وندوات دون نجوم عالميين وحفلات وتظاهرات فيكون قد حقق المطلوب منه ومن ثم احتسبت دورة .