عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قومه قبل البعثة وبعدها بأن عظيم الأخلاق حسن العشرة، سمحًا كريمًا عفوًا، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يغضب لنفسه ولا ينتقم لها قط بل كان غضبه عندما تنتهك حرمات الله تعالي. روت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: «والله ما انتقم لنفسه فى شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله عز وجل، فينتقم لله عز وجل»، ولم يكن فى غضبه كغضب عامة الناس، لكنه كان يصبر على الأذى ويعلم الناس، ورسول الله بشر يرضى ويغضب، ولكنه أكمل الناس وأحسنهم خلقًا، غضبه لا يحمله على مجاوزة الحق، لا ينتقم لنفسه قط، بل كان يحلم ويعفو ويصفح إلا أن يكون حق لله تعالى فينتقم لله عز وجل. ومن مظاهر غضب النبى صلى الله عليه وسلم عندما تنتهك حرمات الله: ما رواه عبدالله بن مسعود رضى الله عنه، قال: «أتى رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أشد غضبًا فى موعظة منه يومئذ، قال: فقال يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم المريض، والكبير، وذا الحاجة». ومن المواقف التى غضب فيها صلى الله عليه وسلم، أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله، فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة حبّ رسول الله، فكلمه أسامة، فقال صلى الله عليه وسلم: «أتشفع فى حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب فقال أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».