على امتداد التاريخ شهدت المنطقة العربية عدة محاولات للاتحاد، ومنها الوحدة السورية الأردنية عام 1941م، والأردن والعراق عام 1947م، والوحدة المصرية السورية والتي عُرفت باسم الجمهورية العربية المتحدة عام 1958م، أعقبها وحدة ثلاثية بين مصر وسورياوالعراق. وُقعت اتفاقية الوحدة بين الرئيس جمال عبد الناصر، وأحمد حسن البكر رئيس وزراء العراق، ولؤي الأتاسي القائد العام للجيش السوري في 17 أبريل 1963م بقصر القبة بالقاهرة، ووُصفت بالقوة الثالثة في العالم، وخرجت بالتزامن معه الجماهير في البلاد الثلاثة تهتف بحياة الوحدة العربية والاشتراكية، معبرين عن فرحتهم بالدولة الجديدة. وتم الاتفاق على الوحدة بعد وقوع انقلاب عسكري في العراق ضد عبد الكريم قاسم، وقيام حركة انقلاب في سوريا رفعت شعار الوقوف ضد الانفصال، فسعت القيادتان الجديدتان في سورياوالعراق إلى قيام "وحدة ثلاثية" مع مصر، وبعد عدة مباحثات وضع أساس لإعادة الجمهورية العربية المتحدة التي انتهت بعد خلافات في إدارة الجمهورية التي تضم مصر وسوريا وذلك بعد انقلاب عسكري سوري في سبتمبر عام 1961م، أعلن قادته انتهاء الوحدة وقيام الجمهورية العربية السورية. وبالرغم من التوقيع إلا أن الرئيس عبد الناصر لم يكن متعجلاً لتحقيق هذه الوحدة الجديدة دون دراسة لأسباب فشل الوحدة السورية التي لم تدم سوي 44 شهراً، وفق ما شرحه أحمد بهاء الدين في كتابه "أزمة اتفاقية الوحدة الثلاثية". واستهلت وثيقة الوحدة الثلاثية (امتثالاً لإرادة الشعب العربي في الأقطار الثلاثة وفي الوطن العربي الكبير بدأت المباحثات الأخوية بين الوفود الثلاثة يوم السبت السادس من شهر أبريل وانتهت يوم الأربعاء السادس عشر من شهر أبريل سنة 1963م. لقد استلهمت الوفود في كل مباحثاتها الإيمان بأن الوحدة العربية هدف حتمي، يستمد مقوماته من وحدة اللغة التي تحمل الثقافة والفكر، ووحدة التاريخ التي تصنع الوجدان والضمير ووحدة الكفاح الشعبي التي تقرر وتحدد المصير، ووحدة القيم الروحية والإنسانية النابعة من رسالات السماء ووحدة المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية القائمة على الحرية والاشتراكية. وأشارت إلى دور الثورات في البلاد الثلاث (لقد كانت ثورة الثالث والعشرين من يوليو نقطة تحول تاريخي اكتشف فيها الشعب العربي في مصر ذاته واستعاد إرادته فسلك طريق الحرية والعروبة والوحدة، وجلت ثورة الرابع عشر من رمضان وجه العراق العربي الصريح وأنارت سبيله إلى آفاق الوحدة التي استهدفها المخلصون في ثورة الرابع عشر من يوليو، ووضعت ثورة الثامن من مارس سوريا في رحاب الوحدة التي اغتالتها ردة الانفصال الرجعي بعد أن حطمت هذه الثورة كل العقبات التي ركزها الانفصاليون والاستعمار بتصميم في طريق الوحدة. وحددت شكل العلاقة بينها في أول مبادئها ، حيث تقوم دولة اتحادية باسم الجمهورية العربية المتحدة على أساس الاتحاد الحر بين كل من مصر وسورياوالعراق، وتكون أسماء الأعضاء بالدولة الاتحادية القطر المصري والقطر السوري والقطر العراقي، وحدد البند الثامن القاهرة عاصمة للاتحاد، وتم إضافة نجمة إلى علم الجمهورية العربية المتحدة الذي يحمل نجمتين مع إضافة نجمة لكل دولة جديدة تنضم للاتحاد. ونشرت جريدة الأهرام في منتصف مايو عام 1963م نص المباحثات كاملاً ونقلته عنها الإذاعات العربية. وبدأت الخلافات تظهر بين الرئيس عبد الناصر وقيادات حزب البعث فى سوريا برئاسة حافظ الأسد، ولذلك شرح عبد الناصر في خطابة في ذكرى ثورة يوليو عام 1963م الظروف التي تم فيها ميثاق الوحدة وإنه عقد جلسات الاتفاق مع الوفدين العراقي والسوري تحت ضغط المظاهرات الشعبية المنادية بالوحدة، واتهم حزب البعث بعدم الجدية، ثم أعلن انسحاب مصر من اتفاق الوحدة الثلاثية، بعد 3 أشهر فقط من توقيعها، وأصبح حزب البعث مسيطر على الحكم في سورياوالعراق دون أن يبنى بينهما وحدة أو اتحاد، بينما احتفظت مصر باسم الجمهورية العربية حتى عام 1971م.