د. خالد قنديل دائمًا ما تؤكد مصر عبر رسائل قوية وصادقة ومبادرات جادة ووثابة، أنها بوابة إستراتيجية لإفريقيا وبوابة الأمن والسلام والسعي المتكاتف نحو أحلام التنمية والتطوير، في وقتٍ تشهد فيه القارة السمراء تطورات كبيرة، يبرز من خلالها هذا الدور المصري المحوري، الذي تأكد خلال سنوات قليلة بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي قرر البدء فورًا في إعادة الروابط المصرية مع إفريقيا إلى سابق عهدها، لأن إفريقيا هي العمق الطبيعي لمصر، فعلى مدار عقود طويلة، ظل الالتزام داخل القارة الإفريقية بتعزيز الاستثمارات ودعم البينية الإفريقية معدومًا تقريبًا، بما ينذر بكارثة على كل المستويات، فالشعوب الإفريقية عانت كثيرًا من الصراع سواء بين جماعات مسلحة أو أفراد تستقوي على الشعوب بجماعات متطرفة، أو بين دول سقطت في أتون الحرب الأهلية. وكانت هذه العلاقات بين مصر ودول القارة خلال سنوات مضت قبل ذلك يشوبها تراجع وتأخر، إلى أن جرت الدماء مجددا في شريان الروابط المصرية الإفريقية لتتضاعف الاستثمارات المصرية فى إفريقيا، وتسعى مصر إلى إعادة التعاون المشترك مع دول القارة، فضلا عن توسيع الاهتمام بالقضايا القارية فى عالم يشهد تحولات اقتصادية وسياسية عاصفة. في هذا السياق المهم تبرز العلاقات بين مصر وجمهورية غينيا بيساو، ولم تكن من قبل قد شهدت تطورًا يُحسب، ليؤكد الرئيس السيسي عبر اللقاء والاتصال والتحاور أن غينيا بيساو تستحق الدعم في الفترة الحالية، واستعداد مصر التام لتعزيز التعاون الثنائي معها على الأصعدة كافة، لدعم جهود التنمية بها، خصوصًا ما يتعلق بالتبادل التجاري والاستثمار وتطوير البنية التحتية، إضافة إلى استقبال الكوادر الغينية للمشاركة في برامج بناء القدرات والدعم الفني الذي تشرف على تنفيذه الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في المجالات المختلفة، وفقًا لاحتياجات الجانب الغيني. وكان رئيس غينيا بيساو منذ أكثر من 20 سنة، قد طالب أن يكون هناك تمثيل دبلوماسي مصري في بلاده، مؤكدا أن زيارته السابقة لمصر تعزز العلاقات بين البلدين، وقد أشاد الرئيس الغيني عمر سيسوكو إمبالو، بحرص الرئيس السيسي على دعم الدول الإفريقية ومساندته لخطوات التنمية بها والعمل الإفريقي المُشترك، كما أشاد بحكمة الرئيس واهتمامه بتنفيذ المشروعات التنموية في مصر، والتعامل بنجاح في الوقت نفسه مع التحديات التي تواجه الدولة المصرية، فالرئيس السيسي أكد أهمية دفع جهود العمل الإفريقي المشترك، خصوصًا فيما يتصل بتفعيل منطقة التجارة الحرة التي ستسهم في تلبية تطلعات شعوب القارة نحو تحقيق التنمية والازدهار، وبما يسهم كذلك في تحسين مُناخ الاستثمار والارتقاء بمعدلات التجارة البينية. وهنا نتوقف أمام حكمة الرئيس كرجل دولة من طراز فريد، حين دعا إلى الوحدة الافريقية، وأكد أن الالتزام الجماعي نحو تعزيز الاستثمارات البينية الإفريقية، هدف يحتاج إلى جهد شاق ومتواصل، وتحديدًا بعد أن تسابقت صقور الاقتصاد الدولي وقوى المال من خارج القارة إلى تعزيز التواجد داخل عدد كبير من الدول الإفريقية وخصوصًا تلك الغنية بثروات لا حصر لها، ومما لا شك فيه أيضًا أن أبناء قارتنا السمراء أنفسهم كانوا ينتظرون من يدعوهم إلى وحدة قوية، وينتظرون عودة إفريقيا إلى أحضان القاهرة بعد سنين عجاف في العلاقات، وها هي مصر الرائدة تلبي النداءات وتواصل دورها المحوري الرائد تجاه الأشقاء. عضو مجلس الشيوخ