يُعد موضوع الأمومة واحدا من أكثر الموضوعات عبر تاريخ الفن. فقد خلد كبار التشكيليين فى مختلف المجتمعات والثقافات مفهوم الأمومة من حب وحنان وتضحيات بلا حدود، يقول الفنان وائل نور:« لقد جعل المبدعون عيد الأم كل يوم وكل لحظة بالنسبة لهؤلاء الذين لايكفون عن تأمل أعمالهم واستعادتها من ذاكرة الفن، فلا يتوقف المتلقى عن الاعتزاز بهؤلاء الأمهات الرائعات، وشكرهن على منحه الحياة والجمال مدى الحياة» . ويتابع وائل نور :«وفى مصر عبرالفنانون عن مشاعرهم تجاه أمهاتهم عبر التاريخ، حتى نستطيع أن نجزم بأن البداية المسجلة ربما تكون فرعونية فكم من جدارية وبردية تصور هذه العلاقة الفطرية، مرورا بالفن القبطي الذى كانت أهم موضوعاته تمثل الأمومة بل فى الحقيقة يمكن أيضا أن نجزم بأن لوحات السيدة العذراء و الطفل المسيح «عليه السلام» هى أكثر اللوحات التى تم تقديمها بشكل متكرر للأم و الطفل فى الفن». وحول الأمومة فى الفن المصرى الحديث يضيف قائلاً:«جاء موضوع الأمومة فى أعمال جيل الرواد المصريين، ومن تلاهم من الفنانين المعاصرين كتعبير طبيعى عن امتنان هؤلاء الفنانين لأمهاتهم، وتكريما لدور المرأة و للأم بشكل عام، بل وتشخيصاً للوطن فى صورة الأم الحنون المعطاءة المضحية. ومن ذلك الفنان جمال السجينى ( 1917 1977) وهو من أكثر النحاتين فى جيل الرواد تناولاً لموضوع الأمومة، على سبيل المثال فى أحد أعماله الشهيرة حول الأم تشعر على الفور بقوة المرأة من خلال تلك القبضة القوية الصارمة الدفاعية التى جسدها فى العمل، وعلى الجانب الآخر ينتابك شعورا بمدى سكينة الطفل و استقراره وشعوره بالأمان، بينما تقودك يدها الأخرى إلى موضع قلبها لحب يغمر الطفل برغم مظهرها الصلب. وتمثل الأمومة عند السجينى بشكل عام الأمومة الوطنية الرمزية. بينما قدم لنا الفنان محمود سعيد ( 1879 1964) وهو أحد أهم رواد التصوير فى الفن المصرى الحديث مفهوم الأمومة فى إحدى أشهر أعماله حين رسم السيدة وطفلها على ظهر الحمار فى الريف، لنستشعر هنا استغراق الفنان التام فى أعماق الحياة المصرية البسيطة المكافحة، وتناوله للأم القوية الحنونة التى لا تعيقها أمومتها عن ممارسة العمل كالرجال، ولأن الأم هى أكثر من يعرف التضحية نجد فى هذا المثال التعبير عن ملايين المصريات الكادحات الحنونات». ومن أروع حكايات الفن المرتبطة بالأمومة أيضاً لوحات الفنانة القديرة زينب السجينى بل مايمكن وصفه بمشروعها الفنى الممتد على مدى العقود، فتكاد لاتخلو لوحة إبدعاتهامن الأمومة والطفولة منذ خمسينيات القرن الماضي، والذى تقدم من خلاله عالم الأمومة والطفولة والصبا، فهى تقدم مواقف و لحظات مختلفة من حياتهن اليومية، فى حركة دائمة تتراوح بين تناول الطعام والتجمل وتصفيف الشعر والركض واللعب وهن يرتدين فساتين ذات ألوان مبهجة تتوافق مع عالمهن الذى يتميز بالمرح والحنان والعطاء، وخلال ذلك كله تأسر طلتهن ونظراتهن وعفويتهن المشاهد الذى يتمنى أن يشاركهن لحظاتهن السعيدة.