لينا شاكر مذيعة «النيل لايف»، مستعدة للظهور دون باروكة منذ اللحظة الأولى لمعرفتها أنها أصيبت بمرض السرطان أيقنت لينا شاكر الفتاة الأربعينية المذيعة بقناة النيل لايف بالتلفزيون المصري بأنه قد حان وقت الصبر وعدم الاستسلام إلى تلك التجربة، وأن مرضها بالسرطان كأي مرض يحتاج إلى مقاومة وصمود من جانبها، فهو مرض جبان تردعه شجاعة من يواجهه. تحكي لينا شاكر والابتسامة لم تفارقها، أنها اكتشفت إصابتها بمرض السرطان بالمصادفة، فأثناء فحصها الدوري لنفسها بالمنزل وجدت كتلة صغيرة بحجم (الترمسة) فوق الثدي، قائلةً: وقفت أمام المرآة مستسلمة ومتوترة، راودتني مشاعر مختلطة بين الخوف والفزع، وقلت لنفسي: معقول هل أُصِبْتُ بالسرطان؟ وحاولتُ أن أُهدئ من روعي إلى أن قابلت طبيبي المختص في اليوم التالي والذي هدَّأني وقال لي: لا تقلقي هذه أمور أصبحت عادية وعلاجها أصبح سهلًا، وطلب مني إجراء أشعة الماموجرام والموجات الصوتية للتأكد مما أشتكي منه، وقال لي وقتها إنه في كلتا الحالتين لا بد من إجراء جراحة لاستئصال هذه الحبة الصغيرة، سواء كانت ورما حميدا أو خبيثا. وشرح لي وقتها الفارق بين العمليتين، وانتظرت الأشعة التي لم تحدد بالضبط شكل الورم، فاضطررت إلى إجراء عينة من الورم لتحديده، وبعدها بثلاثة أيام اتصل بي طبيبي المعالج وطلب مني الاستعداد للجراحة بعد يومين. مشاعر الخوف تضيف لينا شاكر: لا أخفي عليكِ سرًّا أنني كنت خائفة رغم أنني آخذ كل شيء بضحك وسخرية، فأنا لا أحب الكآبة، وطمأنت نفسي وقلت: سأذهب إلى المستشفى لأنام اليوم الذي سهرته عندما اكتشفت إصابتي دون أن يقلقني أحد، وأن الموضوع سينتهي بعد أن أفتح عينيَّ مرة أخرى للحياة، وفعلًا قد كان.. صحوت من النوم كأني كنت في حلم. ثمانية أشهر صعبة وتستمر لينا شاكر بخفة ظلها في سرد تجربتها في مواجهة المرض، فتقول: عشت ثمانية أشهر صعبة بين العلاجين الكيماوي والإشعاعي، وكان يشاركني الألم أبي وأخي وبعض أصدقائي المقربين من بينهم المذيع شريف مدكور الذي أبلغته بإصابتي بالسرطان، بينما لم أستطع إبلاغ جدتي خوفا عليها رغم أنني كنت أزورها كل أسبوع ولم أجعلها تشعر بشيء ثم اكتشفت ذلك ولكنها لم تقل لي إنها علمت. ورغم مرارة الموقف وصعوبته حاولت تجاوز الأمر، فبفضل الله ثم أسرتي وأصدقائي تمكنت من الوقوف على قدمي بقوة وصبر وعزيمة، وتلقيت ست جلسات من العلاج الكيماوي وثلاثين جلسة إشعاع خلال هذه الفترة. أنا بخير وتسرد لينا ما بين لحظات المرض والشفاء، فتقول: الحمد لله أصبحت الآن بخير، ولم أنشر صوري إلا بعد أن أتم الله شفائي، وكنت بلا شعر حيث سقط نتيجة العلاج، وكان هدفي دعم الملايين الذين يعانون من مرض السرطان، وأنهم ليسوا أقل جمالا بعد تساقط شعرهم. وتؤكد أنها اكتشفت الورم في بدايته، ولم يكن قد انتشر بشكل كبير، وطالبت لينا جميع الفتيات والسيدات بضرورة الفحص الذاتي بشكل منتظم، لأن عامل الوقت مهم في مواجهة هذا المرض، فتقول: لولا أنني أفحص نفسي ذاتيا ما كنت اكتشفت إصابتي، فالكشف المبكر ينقذ المريض ويسهم في شفائه بنسبة كبيرة. الدروس المستفادة وتستطرد لينا شاكر: أيقنت منذ الوهلة الأولى أن الله يحبني، وأن هناك حكمة ورسالة من إصابتي بالمرض الذي شفاني الله منه، كنت على يقين أنه رزقني به، وسيرزقني نعمة الشفاء منه.. دروس كثيرة كنت مستعدة لها، وكنت أَعدُّ خطواتي من البداية لأعود سنوات إلى الوراء عشتها مع والدتي رحمة الله عليها في إصابتها بالسرطان. تجربة أمي مع السرطان وتحكي لينا أنها عاشت مع والدتها التجربة بكل تفاصيلها منذ أكثر من عشر سنوات، فتقول: التجربة مرعبة ومؤلمة وكنت أدعو الله أن يخفف عنها، وأن يعينني على مساندتها في مرضها الصعب، وقبل وفاتها بيومين في المستشفى وجدت نفسي أكتب كل ما أحمله من مشاعر حزن وغضب كأني أكتب نعيها، رأيت وقتها حكمة الله لي في كل ما مر بي وحمدته وشكرته لأني شعرت بأن مساندتي ودعمي لوالدتي كانا أجمل شيء فعلته في حياتي. الطبيب الذي كشف على والدتي نهرني بالكلام، وقال لي وقتها (أمك بتموت إنتِ جاهلة !!)، لكن إرادة الله كانت أقوى فحبنا لها كان مربوطًا بشريان الحياة ولم تَمُتْ وعاشت، والأطباء قالوا لنا إنها حققت إعجازًا، فقالوا إنها لن تعيش أكثر من خمس سنوات لكنها توفيت بعدها بأحد عشر عامًا ونصف العام. فبعد تجربة والدتي أصبحت أقول: «أنا مش ماسكة في الدنيا ومستعدة أمشي في أية لحظة لأني ما بقتش فرحانة بحاجة خلاص»، وفوجئت بعد ذلك بإصابة صديقي المذيع شريف مدكور بمرض السرطان فأصبحت عندي حصانة وخبرة في هذا المرض ورحلته الطويلة حتي أصبت به. البقاء للصلعة طوال فترة علاجي وبعدما سقط شعري وأصبحت صلعاء قررت شراء باروكة كي ألبسها إلى أن ينمو شعري من جديد، لكنني نظرت إلى الباروكة وقلت: «يا تري هالبسها؟!»، لكنني لم أشعر براحة في ارتدائها وتقبلت نفسي بكل شجاعة وقوة وأحببت شكلي وشعرت بأن الله وهبني جمالًا لكنه من نوع آخر، جمال السكينة والرضا بما كتبه الله لي، وقتها قلت: (كله هايعدي في لمح البصر.. هذه معركتي ولا بد من خوضها والانتصار عليها)، لذلك عملت جلسة تصوير فوتوسيشن ووضعتها على صفحتي فى فيس بوك من أجل أن أقول للجميع: لا تخجلوا أبدًا إن سقط شعركم، خصوصًا أن هناك سيدات كثيرات يعشن في كل يوم هذه التجربة، وأنهن لا بد أن يتسلحن بالقوة ولا يضعفن أبدًا، فالناس كلهم شاهدوا صوري وأنا لست خجولا. أنا حلوة وبكل بهجة وعزيمة تحكي لينا: كنت دائمًا أشعر بأني لست امرأة جميلة لكني متوسطة الجمال، لكن بعدما رأيت صوري دون شعري لم أتوقع كل هذا الثناء، كأني مخلوقة من جديد، وأحببت شكلي بدون شعري في الصور، وكأني أرى نفسي من جديد. وتضحك قائلةً: (عمري ما قصيت شعري، لو كنت أعرف كنت حلقته من بدري)، هذا كرم من الله عليَّ وحبه لي، وأجر لي على الصبر والرضا، كنت أعتقد أني سأقوي الناس بصوري فوجدتهم يقوونني ويساندونني. العمل بدون شعر ابتسمت لينا وقالت: مستعدة للعمل بهيئتي هذه إذا قبلت أي قناة ظهوري دون أن أرتدي الباروكة، رغم أن شعري بدأ ينمو من جديد. وتتابع: رئيس القناة على علم بمرضي، وهو على اتصال دائم بي، وفي أي وقت يمكنني البدء في مواصلة العمل بعد رحلة العلاج، فقط أنتظر قليلًا حتي تقوى مناعتي وتمر فترة كورونا. لست راضية عن نفسي وتضيف لينا شاكر: كنت على قناعة بمسيرتي التي بدأت عام 1997 عندما تخرجت في كلية الإرشاد السياحي، وبدأت العمل بطريق المصادفة فى التلفزيون المصري في جميع برامج (التوك شو) بقناة النيل لايف وفي برنامج صباح الخير يا مصر، وفي برامج كثيرة، لكنني لست راضية عن آخر عشر سنوات في مسيرتي المهنية، فالمقاييس تغيرت والفرص الجيدة تقلصت. أحلامي بسيطة وتؤكد لينا قائلةً: أحاول أن أضمن لحياتي السكينة والهدوء، وأن أقدم البرامج التي أقتنع بها وتسعد الآخرين، وأن أرى دعما ومساندة لماسبيرو بقنواته كما كان في كامل قوته ووجوده عند المشاهد. فتى الأحلام حدثتنا لينا عن حياتها الخاصة، قائلةً: كانت لي تجارب خطبة لكني لم أوفق فيها، وأتمنى أن يكون القادم أفضل. لا تستسلموا للمرض وتوجه لينا شاكر رسالة إلى كل فتاة وسيدة، وإلى كل مريض، قائلةً: لا يجب أن نيأس من أي شيء أعطاه الله لنا، خصوصا المرض، فلا استسلام أو ضعف طالما أننا نتلقى العلاج، وندعو الله بالشفاء.. ابتسموا واضحكوا وقوُّوا معنوياتكم وروحكم بالدعاء والإرادة، وابحثوا عن الصديق المخلص الذي يقاسمكم أحزانكم ويساندكم في رحلة الشفاء والعودة إلى الحياة مرة أخرى. وتابعت بكل حماسة: (محدش عارف ربنا شايله إيه.. دي فرصة لتعرفوا مَن الذين يستحقون أن يبقوا في حياتكم). واختتمت لينا شاكر حديثها معنا موجهةً الشكر إلى كل من ساندوها في محنتها ورحلة مرضها من أهلها وأصحابها وزملائها، فتقول: كنت قوية بدعمهم وحبهم ودعوات ناس كثيرين لم أكن أعرفهم بعد أن كتبت قصتي مع المرض، تعلمت الصبر من قصة والدتي ورحلتها التي قضتها لأكثر من عشر سنوات دون أن نعرفها بأنها مصابة بالمرض.