استقبلت العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم السبت، الرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارة رفيعة المستوى للسودان الشقيق، تشكل محطة جديدة في العلاقات التاريخية مع البلد العزيز على قلوبنا جميعا، والذي ارتبط عبر العصور بصداقة تاريخية مع مصر حكومة وشعبا. وتحتل العاصمة السودانية "الخرطوم" التي استقبلت الرئيس السيسي اليوم، مكانة عزيزة على قلوب المصريين والعرب ما بين المحيط والخليج، بحضارتها الراسخة ومعالمها وتراثها الثقافي والتاريخي، وعشرات الوجوه التي قدمتها وأثرت الثقافة والحضارة العربية على مر الزمان. تبلغ مساحة مدينة الخرطوم، ما يزيد على 20 ألف كيلو متر، تقع عند نقطة التقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق، وهي مركز الحكم في السودان، التي تضم مقر رئيس الجمهورية والحكومة، ورئاسة الوزارات المركزية المختلفة وقيادة القوات المسلحة السودانية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية من سفارات وقنصليات. المدينة العريقة هي قلب إفريقيا بالنسبة لخطوط الطيران، وهي ركن من أركان الحضارة العربية، ولا ينسى القارئ العربي تأثيرات الطيب صالح ابن السودان في تاريخ الأدب العربي، وروايته الخالدة "موسم الهجرة إلى الشمال". قدمت الخرطوم العديد من أبرز الكتاب والمثقفين، ويرجع تاريخ تأسيس المدينة العريقة كعاصمة، إلى العقود الأولى من القرن التاسع عشر، إلا أن تاريخ أراضيها قديم، فقد سكنها الإنسان منذ العصر الحجري، وكان موقعها موطن حضارة قديمة عُرفت بمملكة علوة. شهد القَرن الماضي مرحلة كبرى من مراحل ازدهارها، وشُيّدت فيها العمارة على النسق المعماري الإنجليزي، الذي مازال حاضرا في أبنيتها القديمة بجامعة الخرطوم وبعض المرافق الحكومية المطلة على النيل، وتتميز المدينة بموقعها الإستراتيجي في وسط السودان حيث التقاء النيل الأزرق بالنيل الأبيض، الذي جعل منها منطقة جذب سياحي تزخر بالمعالم الطبيعية والأثرية الساحرة. في الفترة التي تلت استقلال السودان عام 1956م، احتضنت الخرطوم مجموعة من الأحداث والفعاليات السياسية الوطنية والإقليمية والدولية المركزية في تاريخ القارة الإفريقية، في فبراير 1957، تم تأسيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في الخرطوم، التي كانت أول مقر له قبل انتقال المقر إلى القاهرة، وفي الخرطوم تم تنظيم أول بطولة لكأس الأمم الإفريقية. وفي فبراير 1969، تم إنشاء اتحاد إذاعات الدول العربية في الخرطوم، وانعقدت في التاريخ نفسه أول جلسة لجمعيته العامة في الخرطوم. في 11 مارس 1970 تم إنشاء المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتكون الخرطوم مقراً لها، وفي الشهر ذاته من عام 1975 بدأ المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا أعماله انطلاقاً منها، وفي أبريل تم في الخرطوم الإعلان عن إنشاء منظمة الأحزاب السياسية الإفريقية. وفي نوفمبر 1976 م، تأسست في الخرطوم الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي. هناك عدة متاحف في الخرطوم تبرز سحر المدينة الجميلة، من أهمها المتحف القومي المُطل على نهر النيل الأزرق وفي منطقة المقرن ويحتوي على مقتنيات أثرية من مختلف أنحاء السودان، يمتد تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، وتشتمل الصالات الداخلية للمتحف على العديد من المقتنيات المعروضة في شكل منحوتات وآنية فخارية وزجاجية وخشبية ومعدنية، بالإضافة لمتحف التاريخ الطبيعي، الذي يقع في شارع الجامعة ويحتوى على حيوانات محنطة وأخرى حيّة بهدف التعريف بما هو متوافر في السودان من ثروات طبيعية. وتلعب جامعة الخرطوم دوراً مهماً في استمرارية هذا المتحف والحفاظ عليه، ومن الطيور الموجودة فيه صقر الجديان الذي يمثل شعار السودان. يوجد بالخرطوم أيضا متحف القصر، وتعرض فيه لوحات زيتية وصور فوتوغرافية لحكام السودان منذ الحكم الثنائي في عام 1889 م، وحتى فترة ما بعد الاستقلال، ومتحف الإثنوغرافيا الذي تعرض فيه نماذج من الأدوية التقليدية المستعملة في الحياة اليومية بالسودان ونماذج من أسلحة الصيد وأدوات الزراعة والإنتاج لدى القبائل المختلفة بالسودان، والمتحف الحربي (العسكري)، بوزارة الدفاع وفيه مجموعة من نماذج الأسلحة الأثرية المختلفة والأزياء العسكرية والدروع والصور والخرائط العسكرية التاريخية.