د. جمال زهران رحل منذ عدة أيام (صباح الإثنين – 14- فبراير)، المناضل/ البدري فرغلي.. إلى رب السموات والأرض.. ليكافئه على ما فعله.. وعلى خياراته من أجل الشعب والوطن.. فالبدرى فرغلى فى نشأته، ابن أسرة فقيرة، ووالده يعمل فى أعمال الشحن والتفريغ بميناء بورسعيد.. وحصل على نصيبه من التعليم فى ضوء ظروف نشأته، وعمل عاملاً أيضًا، وكانت حياته كلها بسيطة، ولم يعش حياة الطبقة الأخرى، بل كان صادقًا ومتسقًا مع نفسه، فعمل من أجل الطبقة التى ينتمى إليها وهى الطبقة الفقيرة، وظل مدافعًا عنها حتى آخر نفس فى الحياة الدنيا. فكان عاملاً.. محبوبًا من كل زملائه.. فانتخبوه نقيبًا لهم فى بورسعيد، وأصبح رئيس نقابة الشحن والتفريغ بمدينة المقاومة، وأصبح نقابيًا بالتصاقه بالعمال والبسطاء والكادحين والمستضعفين. ورشحه البسطاء فى بورسعيد، ليكون نائبًا للشعب فى البرلمان، ثلاث مرات، إلا أن نظام مبارك كان له بالمرصاد، وأسقطه فى انتخابات 2005م، لأنه كشف الفساد وفضح الفاسدين من خلال أدواته الرقابية التى مارسها بكفاءة وإخلاص، وأهمها الاستجوابات النارية. إلا أنه فاجأنى بزيارته لى فى مكتبى بالجامعة عقب نجاحى فى البرلمان عام 2005م، بينما هو الذى سقط فى الانتخابات، ليهنئنى من جانب، ويقول لى بصوته العالى وأمام جميع زوار مكتبى من الزملاء والطلبة، أنه قد نجح فى البرلمان بنجاح د. جمال زهران.. فهو الأستاذ والقيمة، وهى كلمة خالدة مليئة بالحب والوطنية. ومن ثم فقد كان هذا الرجل البسيط، نقابيًا، ونائبًا عن مدينة بورسعيد بل ونائبًا عن الشعب المصرى كله، هذا الرجل الوطنى المخلص، لم يكن له مكتب لممارسة عمله النقابى والبرلمانى، سوى ركن شهير فى قهوة سماره بشارع أوجينى بقلب مدينة بورسعيد، وبالقرب من مكتب حزب التجمع الوطنى الوحدوى، الذى ينتمى إليه يساريًا وقياديًا. وهذا الركن كان يقابل فيه أفراد الشعب وطالبى الخدمة، ومعه مساعد يجمع الطلبات ويصنفها، ليبدأ بالنهار توصيل هذه الطلبات وعرضها على المسئولين ،وفى المساء يعيدها للناس. وأذكر أننى كنت فى مكتب د. مصطفى كامل – محافظ بورسعيد، (آنذاك)، وجاء النائب البدرى فرغلى بين (2000 – 2005م)، فدخل على الفور طبقًا لتعليمات المحافظ، وبعد السلامات، قال له المحافظ.. عندك إيه يا بدرى من طلبات للناس.. وأشر على جميع الطلبات، ثم تناقشنا عمومًا، ووجدته يستأذن المحافظ، ويقول: أروح للناس أفرحهم بتأشيراتك الحلوة، ولمحت السعادة فى وجهه لأنه قام بواجبه فى خدمة الناس. وعندما قدمت أنا.. أول استجواب عن نهب الحكومة لأموال المعاشات، وفى عهد أحمد نظيف، ويوسف بطرس غالى وزير المالية الذى أساء التعامل مع أموال المعاشات وضمها لميزانية الحكومة، وجدته يتصل بى ويبلغنى بمؤازرته ودعمه لى، وحثنى على ضرورة التواصل. وتلك كانت بداية التفكير فى قضية المعاشات والنقابة العامة والاتحاد العام برئاسته، وكنت له ولكل فريق العمل تحت قيادته، مؤازرًا حتى استطاع أن ينتزع الأحكام برد حقوق أصحاب المعاشات ويناضل حتى تطبيقها وتنفيذها بالفعل، بل وانتزع الشرعية للاتحاد العام لأصحاب المعاشات، الذى كان مقره داخل حزب التجمع الوطنى الوحدوى، فى ميدان طلعت حرب بالقاهرة. وحتى اللحظات الأخيرة، حضر إلى القاهرة. وقبل رحيله بعدة أيام ورغم إجرائه لعمليتين جراحيتين، ليمتثل أمام قضاء مجلس الدولة، ويدافع عن تفسيرات حكم المحكمة والحكومة فى تطبيق الأحكام التى صدرت بحق أصحاب المعاشات فى العلاوات وغيرها... الخ. يا له من إخلاص وتفان فى حب الشعب وعشق الوطن. ولا يمكن أن أنسى، جهده فى مقاومة الفساد داخل جامعة قناة السويس، وخصوصًا كلية التجارة ببورسعيد فى عهد عمداء سابقين يتشدقون بالشرف، ولم يسكت، بل أثار قضية التلاعب فى نتائج الطلاب فى مجلس الشعب!! تحية لهذا المناضل الفذ البدرى فرغلى، المقاوم والنقابى والنائب عن الشعب، والعاشق للوطن. وقد كانت جنازته.. حفل وداع شعبى حاشد، تليق بمكانته الشعبية وعشقه لمصر وللمصريين، بل وأكدت معدن المصريين ممثلين فى شعب بورسعيد المقاوم. وختامًا: أدعو إلى تنظيم احتفالية ضخمة للرجل عما قريب إن شاء الله.