أحمد عبدالتواب يستطيع ترامب الآن أن يتباهى بكل الوسائل بأنه يتمتع، دون أدنى مُعوِّقات، بكل حقوقه الدستورية في ممارسة كل النشاطات السياسية، بما فيها أن يخوض السباق الرئاسي مجددًا، وذلك بعد أن فشل الديمقراطيون فى إدانته بجريمة التحريض على اقتحام الكونجرس فى 6 يناير الماضي، وهو ما يُضاف إلى فشلهم السابق العام الماضي في محاولة عزله من الرئاسة بتهمة استغلال نفوذه كرئيس لإيذاء منافسه. وهذا يعنى أن ترامب، إذا سارت الأمور على ما هى عليه حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة، سوف يكون منافساً شرساً، لأنه يبدأ الآن من نقطة متقدمة جداً، بعد أن حصل على تأييد أكثر من 75 مليون ناخب فى الانتخابات التى فاز فيها منافسه بايدن، وأن هؤلاء صوتوا لمصلحته برغم أنهم تعرضوا لكل الحملات المدوية ضده، أضف أيضاً أن الديمقراطيين قد خسروا أسلحة كثيرة فى المعركتين الفاشلتين لإسقاطه ولمحاكمته ولحرمانه من حقوقه السياسية التى منها حقه فى الترشح مرة أخرى، وهو ما يعنى، فى الممارسة العملية، أنه صار يتمتع بمناعة قوية تفيده فى التعامل مع ضربات هذه النوعية من المعارك. يبقى أمر على درجة عالية من الأهمية، وهو التعجب من كيف حسبها الديمقراطيون فى المحاولتين ضده، وهم يعلمون أن أغلبيتهم فى مجلس النواب غير كافية، لأن الإجراء يحسمه مجلس الشيوخ، حيث يلزمهم على الأقل تأييد 67 عضواً، وأن هذا مستحيل، فكيف بدأوا وأصروا على الاستمرار فى حين كان فشلهم مؤكداً؟ وهل يمكن أن يكونوا راهنوا على إمكانية أن ينضم لهم جمهوريون فى مراحل لاحقة؟ ولكن، كيف يخطئون فى فرز احتمالات عضوية لا تزيد على العشرات؟ أم تُرى أن لهم حسبة أخرى يصعب استنتاجها، وأنهم يرون أن هذه الخسارة تصب فى مصلحتهم على مدى أبعد؟ وهل يمكن أن يكون هذا الاحتمال الأخير مستغلقاً على إدراك المراقبين والمحللين؟ وأما أهم ما يمكن رصده موضوعياً، فهو أن الاستقطاب الحاد الهدّام قد وقع فى أمريكا، وأن تركيبة ترامب، وحسابات الديمقراطيين الغريبة، تزيد هذا الاستقطاب استفحالاً.