تراقب الحكومات في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة مواطنيها؛ حيث يخضع تسعة من كل عشرة مستخدمين للإنترنت للمراقبة النشطة عبر الشبكة الدولية في انتهاك صارخ للخصوصية وحرية التعبير. لكن كيف تراقب الحكومات وسائل التواصل الاجتماعي لل"تجسس" عليك، خاصة أن هذا يتطلب جيوشًا من المحللين يتابعون دقيقة بدقيقة مليارات الحسابات؟ الإجابة ببساطة: عندما تكتب قصة أو تعليقًا أو إعجابا أو مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي، تتم مراقبتها، تلقائيًا، من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تحلل أنماط ومحتوى مليارات الحسابات من خلال معالج اللغة وتحليل المشاعر، والاستدلال والارتباط لتحليل كميات هائلة من البيانات، واستخلاص منها ما يدعو للكراهية والعنف والإرهاب، وما يغذي الانقسامات في المجتمع، وتحديد أصحاب هذه الحسابات، ورسم خريطة للعلاقات بين الحسابات لتتعامل مع هذه البيانات بعد ذلك الأجهزة الأمنية. وتعتبر أدوات الذكاء الاصطناعي غير مكلفة، فالواحدة منها سعرها لا يتجاوز 4 ملايين دولار، لذا فهي الآن في متناول الدول النامية، ولم تعد حكرا على أوروبا والولايات المتحدة، التي وسعت نطاق مراقبتها للجمهور على الإنترنت، متجنبة آليات الرقابة والشفافية والمساءلة التي قد تقيد عملها. وقد طوّرت أدوات للتنقيب عن البيانات داخل منصات التواصل الاجتماعي كثيرا، وترصد بعض البلدان الآراء والاتجاهات السياسية، وتستخدم جيوشًا دعائية وحسابات احتيالية على منصات التواصل. وتكمن خطورة وسائل التواصل عندما تستغل أجهزة المخابرات العالمية المعلومات والبيانات الواردة بها وتقوم بتحليلها وتحولها إلى معلومات استخبارية، وأصبح ذلك أسهل بعد ربط برامج التواصل الاجتماعي ببرامج الهاتف.