التوازن بين الأسرة والعمل..سر النجاح سيدات على عرش البنوك

مجالات كثيرة اقتحمتها المرأة المصرية وأثبتت كفاءة وجدارة لتصل إلى أعلى المناصب ويمثل القطاع المصرفى أحد هذه القطاعات التى تمكنت المرأة المصرية من اثبات وجودها فيه لتتولى مناصب قيادية وتصل إلى قمة هرم العمل ،بعد أن كانت ولسنوات طويلة حكرا على الرجال .
وأخيرا أصبح الجهاز المصرفى من أكثر القطاعات الاقتصادية تمكينا للمرأة حيث تصل نسبة تمثيل المرأة فى مجالس إدارات القطاع إلى 11.3% وفقا لبيانات مرصد المرأة بالجامعة الامريكية .
وهناك الكثير من الاسماء البارزة فى القطاع المصرفى وهن بالقطع نماذج ملهمة لقدرة المرأة على النجاح وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية ونرصد من خلال السطور التالية عددا من قصص النجاح المهلمة.
شغلت مى أبو النجا منصب وكيل محافظ البنك المركزى بعد خبرة طويلة فى القطاع المصرفى وسنوات عديدة من العمل تصل إلى 25 عاما، وأسند اليها العديد من المناصب والمهام فى البنك المركزى المصرى منها الاشراف على برنامج إعادة هيكلة وتطوير البنوك العامة ومسؤلية تدريب موظفى البنوك من خلال المعهد المصرفى كما تتولى فى الوقت الحالى ملف الشمول المالى إلى جانب مساهمتها فى إطلاق العديد من المبادرات لدعم القطاعات الانتاجية.
ومن نماذج المصرفيات الناجحات مرفت سلطان رئيسة بنك تنمية الصادرات والتى نجحت فى إعتلاء هذا المنصب بعد مسيرة طويلة من العمل والاجتهاد وتقول: إن العمل فى القطاع المصرفى ليس سهلا فهو يتطلب وقتا وجهدا كبيرين وإثبات النجاح فيه ليس سهلا، وأعتبر ان سر نجاحى فى هذا المجال هو القدرة على الفصل بين حياتى الشخصية والعملية فمهما تكن المشكلات فى العمل فلا تنعكس على البيت ومهما تكن المشكلات فى البيت فلا يمكن ان تؤثر على العمل .
وتشير إلى أن بداية مشوارها العملى كان بعد التخرج فى الجامعة الامريكية وبدء العمل فى القطاع المصرفى فى البنك المصرى الخليجى فى قطاع العلاقات الخارجية وتزوجت مبكرا وأنجبت بناتى الاثنتين وعشت فترة صعبة لتحقيق التوازن بين العمل ومسئوليات الأسرة وكان لوالدى ووالدتى دور كبير فى مساعدتى وهما أهم شخصيتين فى حياتى فوالدى طبيب مهندس يحب ويقدر العلم والعمل وكذلك والدتى شخصية اجتماعية قوية, وكانا عونا لى فى تربية أبنائى خاصة بعد انفصالى عن زوجى الأول.
ومع العمل حرصت على الحصول على درجة الماجستير وعملت فى إحدى الشركات الدولية لفترة قصيرة ثم عدت للقطاع المصرفى لأعمل فى المصرف المتحد ثم عملت فى «دوتيشيه بنك» ثم فى بنك ابوظبى الاسلامى ثم اتش اس بى سى لأصل أخيرا إلى رئاسة بنك تنمية الصادرات والذى تمكنت من تحقيق طفرة فى أدائه ونتائج اعماله. وتقول: وكان توفيق ربنا معى فى كل خطوة، فحينما كنت أمر بظروف اجتماعية وشخصية تحتاج إلى وجودى الى جوار بناتى وبيتى كان يتصادف أن العمل يمر بمرحلة هدوء مما كان يعطى لى الفرصة لأحقق التوازن. كذلك كان عملى يتطلب فى كثير من الاحيان السفر وهو أمر كان يمثل عبئا لولا وجود والدتى التى كانت تتحمل عنى مسؤلية البنات ورعايتهم، ولكنى كنت حريصة على متابعتهم سواء فى الدراسة أو فترات المراهقة وأساعدهن على حل مشكلاتهن وحثهن على الاجتهاد والتفوق.
والآن بناتى كبرن وتخرجن فى الجامعة ويعملن أيضا فى القطاع المصرفى وبدأن تكوين أسرة .
وتوجه رئيس بنك الصادرات النصيحة للسيدات والبنات فى بداية حياتهن العملية بضرورة استغلال السنوات الاولى من العمل لإثبات الذات وتكوين رصيد من الخبرة والعمل والاجتهاد ليكون فى سجلهن العملى ويكون سندا لهن اذا تعرضن لفترات تغلب فيها الأمور الشخصية على العمل مثل فترات الحمل والولادة ورعاية الاطفال.كما انصحهن بالاستثمار فى أنفسهن وتنمية مهاراتهن واغتنام أى فرصة للتدريب والتطوير.
لبنى هلال القيادية المصرفية البارزة شغلت العديد من المناصب فى بنوك تجارية وبنوك الاستثمار المحلية والاقليمية حتى وصلت إلى منصب نائب محافظ البنك المركزى المصرى للاستقرار النقدى فى عام 2011 لتصبح أول سيدة تشغل منصب نائب المحافظ فى تاريخ البنك المركزى على مستوى البنوك المركزية العربية وتم تصنيفها من قبل مجلة فوربس فى المركز الثانى ضمن قائمة أقوى 100 شخصية نسائية فى الشرق الاوسط وشمال افريقيا وذلك لعامى 2016 و2017 على التوالى .
شاركت لبنى هلال تحت إشراف محافظ البنك المركزى فى إعداد وتنفيذ برنامج تطوير وإعادة هيكلة القطاع المصرفى بمرحلتيه الأولى والثانية فى الفترة من 2004 الى 2013 ثم منذ بداية 2016 قادت جهود وضع وتنفيذ برنامج شامل وطموح للإصلاح المالى والنقدى والاقتصادى أقره صندوق النقد الدولى وتم الانتهاء منه بنجاح فى أكتوبر 2019 وهو البرنامج الذى تضمن تحرير سعر الصرف ومهد لقيام البنك المركزى باستهداف التضخم للمرة الاولى بالاضافة إلى إعادة بناء الاحتياطى من النقد الاجنبى .
لبنى هلال تتمتع باحترام جميع من يتعامل معها ويقدرون اتزانها وهدوء طباعها إلا انهم يعلمون أيضا أنها صاحبة القرارات الجريئة والحاسمة التى تتخذها بعد دراسة وتمعن. بعد رحلة من العطاء والنجاح اتخذت لبنى قرارها الذى تزامن مع انتهاء فترة مجلس ادارة البنك المركزى فى نوفمبر 2019 بالاعتذار عن فترة جديدة كنائب لمحافظ البنك المركزى والاكتفاء بمناصب غير تنفيذية حيث تشغل حاليا منصب عضو مجلس إدارة غير تنفيذى فى عدد من الشركات والمؤسسات الكبرى محليا وخارجيا .
تخرجت لبنى فى الجامعة الامريكية بعد حصولها على بكالوريوس فى العلوم السياسية بدرجه امتياز مع مرتبة الشرف عام 1983 ثم تزوجت وأنجبت طفلين فقط سعيا لتحقيق أفضل فرص التعليم والرعاية لهما وفى اثناء فترة رعايتها أولادها حصلت على ماجستير فى الاقتصاد من الجامعة الامريكية ورافقت زوجها لإنجلترا خلال فترة عمله ودراسته للحصول على زمالة الكلية الملكية فى الطب وبمجرد عودتها للبلاد بدأت مشوارها العملى فى قسم الاستثمار والتمويل بالبنك العربى الأفريقى الدولى إلا أنها كانت تبحث عن الخبرة فى مختلف المجالات فأنتقلت للعمل بادارة الاسواق المالية بالبنك المصرى الامريكى ثم انتقلت إلى المجموعة المالية هيرميس لتصبح اول سيدة تتقلد منصب مدير تنفيذى ببنك الاستثمار بالمجموعة
وفى عام 2004 انضمت للبنك المركزى لتبدأ مشوارها فى العمل العام وبالاضافة إلى الجهات العديدة المحلية والدولية التى مثلت فيها البنك المركزى كنائب للمحافظ إلا أنه تم اختيارها أيضا عضوا من ذوى الخبرة فى العديد من مجالس ادارات الشركات والمؤسسات كبنك ناصر الاجتماعى, بنك الاستثمار القومى، شركة العاصمة الادارية، شركه ضمان مخاطر الائتمان وصندوق الاسكان الاجتماعى. وترى أن النجاح لا يتجزأ وان مهارة المرأة ان تكون قيادة ناجحة فى عملها ولديها اهتمام ووقت كاف لعائلتها وفى بيتها وان كانت هناك تنازلات أو تضحية فأنه عادة ما يكون على حساب الوقت التى تخصصه المرأة لنفسها واهتماماتها الخاصة فضلا عن أنه من أهم عوامل النجاح لأى سيدة عاملة وجود توازن فى حياتها الشخصية والحياة العملية مع ضرورة دعم الاسرة وتفهمها وتشجيعها وهنا يظهر دور كل أفراد الأسرة بداية من تفهم الزوج وتقديره لزوجته وعملها إلى تفهم الأولاد الى مساندة والدى الزوج والزوجة خاصة فى بداية مشوار الحياة العملية مع وجود أطفال صغار.
وتؤكد لبنى أن النجاح والقدرة على العطاء والانجاز لا يقاس بساعات العمل ولكن بالقدرة على تنظيم الوقت وترتيب الأولويات والتركيز على الهدف من كل مرحلة فضلا عن أهمية العمل بروح الفريق والقيادة الناجحة هى التى تستطيع تحديد قدرات كل عضو فى الفريق المعاون لها وتنمية مهاراته وتحفيزه لإخراج أحسن ما عنده وتنمية الشعور بالانتماء وأن النجاح يعود على الجميع.
وترى أن المرأة المصرية تعيش عصرها الذهبى حيث تنال كل التقدير والدعم من القيادة السياسية فضلا عن مؤسسات الدولة المعنية وبالتالى حصلت على الكثير من الحقوق والمزايا وعليها الآن أن تصقل من مهاراتها وكفاءتها وثقتها بنفسها وقدراتها لتكون جديرة بتبوؤ المناصب والمقاعد التى كفلها لها الدستور كعضوية مجلس النواب والشيوخ او التى كفلتها لها القرارات الإدارية كتمثيل المرأة فى مجلس إدارات الشركات وغيرها من الفرص المتاحة. وتدعو كل سيدة حققت نجاحا فى عملها أن تنقل خبرتها العملية والحياتية للشابات اللاتى فى بداية مشوارهن.
وتأتى لميس نجم مستشار محافظ البنك المركزى للمسئولية الاجتماعية ضمن قائمة المصرفيات البارزات والتى تم تكريمها أخيرا فى منتدى المرأة المصرية 2020 لدورها فى المجالات الإنسانية والحياة العملية والمسئولية الاجتماعية المعروف لتحصل على «قلادة المرأة المصرية».
ولدت لميس فى أسرة مصرفية حتى النخاع، فوالدها هو شيخ المصرفيين الراحل على نجم محافظ البنك المركزى الأسبق، وعشقت العمل المصرفى منذ نعومة أظفارها، وكانت فى منتهى السعادة عندما بدأت التدريب فى «بنك الاعتماد والتجارة» وعندما لمعت وظهرت مهاراتها قالوا عنها « ابن الوز عوام»
وتخرجت لميس فى كلية التجارة شعبة محاسبة جامعة عين شمس عام 1986 والتحقت بالعمل المصرفى قبل التخرج مع بداية دراستها الجامعية من خلال التدريب فى «بنك الاعتماد والتجارة» حتى عام 1992 وعام 1993 عملت فى سيتى بنك وتنقلت بين عدد من الوظائف فى مجموعة سيتى بنك بداية من العمليات المصرفية وخدمة العملاء ووصولا إلى منصب نائب رئيس مجلس إدارة سيتى بنك للعلاقات الحكومية .
كما انضمت فى عام 2014 إلى لجنة التنمية المجتمعية باتحاد بنوك مصر وفتحت قنوات اتصال للتنسيق بين جميع البنوك المحلية العاملة بالسوق المصرية.
فى قمة مجدها كانت تشغل منصب نائب رئيس سيتى بنك_مصر وفى عام 2015، اتخذت قرارا بالاستقالة لظروف عائلية، وعاودت العمل مرة اخرى عام 2017 كمستشار لمحافظ البنك المركزى للمسئولية المجتمعية وعندما سألناها كيف اتخذت هذا القرار الذى يصعب على أى امرأة ناجحة فى عملها اتخاذه قالت لميس « ان أسرتى أولوية فى حياتى حيث جمعنا انا وزوجى الاحترام المتبادل والود والثقة اساس الزواج الناجح وكان دائما السند و الزوج الداعم لزوجته الذى يفرح لنجاحها.
واستكملت «باختصار كان كل واحد منا يفكر فى الآخر قبل التفكير فى نفسه وهدفه نجاح, فلم يكن عائقا بكل المقاييس بل كان زوجا متعاونا بسيطا وسهلا ومحبا ومساندا لعائلته حيث رزقنى الله عقب زواجنا بطفل من اصحاب الهمم «علي» وعشت معه رحلة علاج لسنوات طويلة حتى تمكن من اكتساب مهارات التواصل مع الآخرين.
وابنتى الكبرى «رُبا» وأطلق والدى عليها هذا الاسم وهى خريجة الجامعة الامريكية ومتخصصة فى سلوكيات تعامل الاهل مع الابناء وكيفية بناء حوار بناء وتحقيق التناغم الاسرى.
حب لميس نجم للعمل المجتمعى هو ما جعلها تعود للعمل مرة اخرى كمستشار لمحافظ البنك المركزى للمسئولية الاجتماعية عام 2017 وتقول: أرغب ان أكون مؤثرة فى المجتمع ويكون هناك أثر أو مردود إيجابى على المواطنين لإعانة المرأة المعيلة ومساعدة المرضى بالمستشفيات وتطوير العشوائيات وتربية النشء بطريقة سليمة وتوفير التعليم المناسب لهم وهو ما نسعى اليه من خلال اتحاد بنوك مصر.
ومن أهم النصائح التى توجهها لميس للشباب هى تشجيعهم على العمل وبذل الجهد مع ضرورة وجود رغبة لديهم فى التعلم مما يؤثر بالايجاب على المجتمع وكذلك تشجيعهم على التوجه الى المشروعات المنتجة التى تتيح لهم فرص عمل وتسهم فى خدمه المجتمع .