د. وحيد عبدالمجيد مُحير الرئيس دونالد ترامب فى كثير من مواقفه وتصرفاته. يُحار كُثُر بشأن الطريقة التى يتصرف بها فى كثير من الأحيان. ويستسهل غير قليل منهم تفسير ما يبدو مُحيرا فى تصرفاته، فيتهمونه بالجموح، وربما يكون فى سلوكه شىء من الجموح أحيانا، أو فى كثير من الأحيان حسب زاوية النظر، ولكن ليس دائمًا. يتعين إعطاء أهمية أكبر لحسابات ترامب، والتعقيدات التى تنطوى عليها، عند تحليل كثير من مواقفه وتصرفاته، بما فيها تلك التى يبدو فيها جامحًا، وبصفة خاصة منذ أن فاجأه فيروس كورونا، وصدمته تداعياته الاقتصادية. ومن الطبيعى أن تزداد حسابات ترامب صعوبة وتعقيدا بعد خسارته الانتخابات. ولا يكفى الجموح لفهم إنكاره هذه الخسارة، وإصراره على أنه الفائز فى الولايات التى حسمت النتائج لمصلحة منافسه جو بايدن. لا يستمر إنكار الواقع عادة إلى النهاية، ولا يصل إلى هذا المدى البعيد، خاصةً حين يعرف المُنكر أن هذا الواقع لن يتغير، وبصفة أخص عندما نجد أنه يتصرف على أساس هذا الواقع ويقبله ضمنيًا، كما يفعل الآن. ولذلك يُفهم رفض ترامب الإقرار بخسارته فى إطار استعداده لانتخابات 2024، التى بدأ حملته لخوضها مبكرًا جدًا. وهكذا أيضا يمكن فهم موقفه تجاه قانون الإنعاش والتمويل الذى أقره الكونجرس بعد مفاوضات مضنية انتهت بتفاهم على صيغة قدم فيها الأعضاء الديمقراطيون تنازلًا أكبر من نظرائهم الجمهوريين. فقد رفض القانون الذى يُعد فوزًا لأنصاره الجمهوريين. ولكن رفضه لم يستمر سوى بضعة أيام وقع بعدها القانون فى اللحظة التى كان فيها 14 مليون أمريكى مهددين بفقد اعانات البطالة التى يحصلون عليها. يحتاج ترامب إلى كسب هؤلاء الملايين الذين يعرف أن بعضهم من أنصاره. ولكنه أراد أن يزاود على موقف أعضاء الكونجرس من الحزبين، عبر تبرير رفضه المؤقت بأن القانون يقدم للمستفيدين منه دعما هزيلا لا يتجاوز 600 دولار للفرد، وأنه يرغب فى زيادته إلى أكثر من ثلاثة أمثاله. كان ترامب يعرف أن هذه الزيادة مستحيلة عمليًا، ولكنه استخدمها للإيحاء بأنه نصير المحتاجين سعيًا إلى، أو أملاً فى توسيع قاعدته الشعبية.