التسويق وإبطال الشكوك عبر الإقناع لهما حل واحد هو سيلفى المشاهير. هكذا هى الاستعدادات التى بدأت لترويج لقاحات كورونا المتنوعة التى سيتم طرحها بشكل أكثر توسعا خلال العام المقبل. فلا يوجد تكتيك أكثر فاعلية فى صناعة الإقناع العصرى خير من ال«سيلفى». شهدت الأيام الأخيرة سيلا جارفا من صور ال«سيلفى» التى تدفقت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وبصفة خاصة من جانب الأطباء بوصفهم الفئة التى تصدرت قائمة الأشخاص الأحق بتلقى اللقاحات . فبحسب تقرير لمجلة «سيكولوچى توداى» حثت بعض المؤسسات الطبية مثل «نورث ويسترن ميدسين» الأمريكية قطاعات العلاقات العامة على تداول لقطات تلقى الأطقم الطبية للقاح كورونا على وسائل التواصل الاجتماعى. وفعل هذا التوجه فعل السحر، إذا خلق حالة من التفاعل. وبالكاد وقبل مرور شهر واحد فقط على انطلاق تجارب لقاح شركتى «فايزر» و«بيونتك»، فى أغسطس الماضى، نظمت شركة «سيفيك الاستشارية» المتخصصة فى تحليل البيانات العلمية مجموعة نقاشات مركزة لتحديد التأثير المحتمل لجميع الرسائل التشجيعية على إقبال الأفراد على تلقى اللقاح. شملت التجربة 4 آلاف مشارك تم تقسيمهم إلى ست مجموعات. واتضح أن أهم الرسائل الترويجية والإعلامية التى تحقق رد فعل إيجابيا هى المتعلقة بتأكيد أن التسريع فى إنتاج اللقاحات لن يؤثر سلبيا على فاعليتها. وكذلك الرسائل المتعلقة بالمكاسب الاقتصادية المترتبة على ذيوع استهلاك اللقاحات. ولكن اتضح أن الرسالة الأكثر تأثيرا هى تلك المتعلقة بالجانب الإنسانى وقصة شاب أمريكى توفى جراء إصابته بالفيروس المستجد. فقد أحدثت هذه القصة تحديدا ارتفاعا بنسبة 5% فى معدل قبول الأفراد بفكرة الحصول على اللقاح. ويزخر التاريخ بأمثلة معروفة على توظيف المشاهير كقوة ناعمة فى حملات توجيه الجماهير لتلقى اللقاحات، وكان أبرز النماذج هو الوسيم البراق إلفيس بريسلى عام 1956، وهو يتلقى لقاح شلل الأطفال فى واحدة من حلقات برنامج المنوعات الشهير الذى حمل اسم مقدمه الكاتب الساخر «إد سوليفان»، الذى يٌعد واحدا من البرامج الترفيهية التى ظلت تٌعرض لفترات متصلة وممتدة فى تاريخ البث التليفزيونى بالولايات المتحدة. وصورة بريسلى جاءت فى سياق حالة الهلع التى كانت تعيشها أمريكا فى حقبة الخمسينيات بسبب انتشار مرض شلل الأطفال ووجود فتور عام إزاء فكرة تلقى اللقاح، فلجأ المسئولون آنذاك إلى بريسلى لتحفيز وحشد الشعب الأمريكى لتلقى اللقاح اعتمادا على قاعدته الجماهيرية العريضة. وتتداول الصحف العالمية أسماء أبرزها أوبرا وينفرى المذيعة الأمريكية الشهيرة، كأحد الوجوه التى ستحقق حتما قبولا واسعا إذا ما ذاعت صورتها فيما تتلقى اللقاح المستحدث. ولكن الأمر حتى الآن لا يزيد على كونه ترشيحات إعلامية. وكانت صحيفة «الجارديان» البريطانية قد أشارت فى تقرير لها إلى أن «هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية» تعد قائمة بأسماء أبرز المشاهير الذين يتمتعون بعدد كبير من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعى للمشاركة فى حملة واسعة لإقناع الرأى العام بتلقى اللقاحات المضادة للفيروس المستجد. ولكن حتى لو تم حسم مرشحى حملة ال«سيلفى»، هل ستكون ناجحة؟ تقارير تؤكد أن وعى الجماهير تطور عما كان عليه قبل سبعين عاما. وبذلك فإنه من المخاطرة التعويل بالكامل على الحملات المرهونة باختيار الوجوه المشهورة، وذلك وفقا لتصريحات ستيفن هوفمان، أستاذ العلوم السياسية والقانون بجامعة يورك بتورونتو. وعزفا على ذات النغمة، يرى تيموثى كولفيلد أستاذ سياسات الصحة بجامعة ألبرتا بكندا أن ثقافة الإعجاب بالمشاهير تعانى فى هذا العصر ظاهرة «الانقسام» ومن ثم صعوبة حشد الجماهير خلف شخصية عامة، فضلا عن فقدان الثقة فى مصداقية اللقطات التى يتم تداولها وربما يعتقد البعض أنها مفتعلة. أوبرا و«سيلفى» مع الإعلامى ديفيد ليترمان.. فهل تكون المرة المقبلة من أجل اللقاح ؟