د. إنجي فايد تكتب ما زال القانون المصري القديم يحوي في جعبته أسرارا وأطروحات لقضايا تشابه ما نمر به في وقتنا الحالي، فبالرغم من أن هذا القانون القديم تميز عن قانون حمورابي بإعطاء المرأة حقوقها وضمن عدم إهانتها على جميع المستويات، فهو لم يقتصر على إعطاء الزوجة حقوقها عند الطلاق، بل نجد سلوكيات أجمل. فقد عثر على بعض البرديات التي أطلق عليها العلماء اسم "وثيقة الهبة"؛ حيث حررها الزوج لمصلحة زوجته، ومنحها فيها منزلا. ونجد شقفة أثرية ورد فيها أن أبا يهب لابنته مسكنا ليأويها إذا ما قررت ترك بيت الزوجية. وفي بردية تورين، وثيقة يحدد فيها الزوج ما أعطاه لأولاده من الزوجة الأولى وما يخص زوجته الثانية وأولادها، أي بمثابة الوصية. لقد حرص المصري القديم على إحقاق الحق للزوجة وراعى الابنة، فنتج مجتمع صالح لم يشهد التنمر والتحرش والعنف. ونحن نقترب من انتهاء ربع القرن الأول من الألفية الثالثة، لا زلنا نشهد زيادة في قضايا المرأة، مثل التحرش، التنمر، العنف البدني والمعنوي. ناهيك عن تصدر المرأة جوهر قضية الاتجار بالبشر رغم وجود العديد من المبادرات والندوات والحملات لمحاولة وقف هذه السلوكيات غير الدينية. وللعجب نسمع بعض الرجال يصرخون: "عايزين إيه تاني؟ شغل واشتغلتم. حقوق وبتاخدوها وقوانين وعملتم الخلع. إيه تاني؟". ونري هؤلاء يسارعون بنعت أية سيدة حال تحدثت عن حقوق المرأة بالتحيز للمرأة ومناصرة قضاياها. ولا توصف المرأة ب "المتوازنة" إلا إذا تحدثت لصالح الرجل وابتعدت عن الدفاع عن قضايا بني جنسها. ولكننا هنا نتحدث عن حقوق الطرفين، بيد أن التساؤل الذي يفرض نفسه على الرجل حين نتأمل قضايا المرأة: "من الذي وراء كل القضايا الأسرية تقربيا؟". هل هو الرجل أم المرأة؟ ولتقريب المسألة أكثر ولتبسيطها نطرح التساؤل التالي: "من الذي يتحمل مصاريف وأعباء المنزل إذا مرض الرجل أو توقف عن العمل لسبب ما؟ إنها المرأة التي تقوم بأدوار الزوج والزوجة والأم، إذا تعرض زوجها لمرض أو ضاقت به الدنيا وقل رزقه، فنراها تهب للوقوف إلى جوار زوجها وتساعده وتلهث لتسانده بكل حب وود لتبقي هذه الأسرة. لن نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الرجل، - ليس كل الرجال بطبيعة الحال ولكن بعضهم، هم السبب في تدمير الأسر، فمنهم من يجري وراء شهواته ومزاجه، فيترك امرأة بدأ معها الحياة إلى أخرى يراها أفضل من الأولى، ولا يكترث هنا بأسرته وأطفاله الذين يتركهم وراء ظهره. في حين تركض المرأة وينحني ظهرها وتعول وتوصف بالمكافحة والكادحة. وفي أحيان أخرى، تمضي الحياة الأسرية لأكثر من 25 عامًا ثم يضحي الرجل بكل هذه السنوات تحت ذريعة أن زوجته أصبحت عجوزًا أو عاجزة، ليقرر طردها من المنزل ليتزوج بأخرى، ليبدأ حياة جديدة دون النظر لآدمية من شاركته حياته وضحت بنفسها ووقتها وجهدها لينجح هذا الرجل. لا نقف عند هذا الحد، فبعض النسوة يتعرضن لظروف قاسية، مثل الضرب والإهانة، وربما تكون هذه المرأة التي تهان الآن هي نفسها التي قبل الرجل يدها من قبل لتوافق على الزواج منه! ولا تزال المرأة تسعى إلى أن تحمي نفسها وأختها وابنتها وأمها، بتعديل بعض القوانين التي منحها الله لها، لتقويم سلوكيات من حولها طلبًا في السلام. ولعل الأمل قائم لدى من يحثون على الالتزام واتباع ما أمرنا الله به، أن يسعوا جاهدين لتطبيق قوانين تحقق للأسرة والمجتمع الأمان والسلام. فمن الواجب الأدبي والديني والإنساني أن تحتل هذه الأمور أولوية التشريع وسرعة التطبيق والتنفيذ. الأمر ليس حديثًا عن الرجل في المطلق ولا يخصه وحده فحسب؛ بل الحديث موجه لكلا الطرفين. ونحن نقترب من عام 2021 وفي ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يدعم الأسرة المصرية ويحرص على توثيق هذا الرباط، ومع بداية عهد جديد لمجلسي الشوري والنواب واعتلاء السيدات مقاعد عدة تشكل ربع "النواب" تقريبًا، نأمل من أصحاب العقول الراجحة دعم قوانين جديدة تحمي المجتمع والمرأة بالأخص التي هي الأم والأخت والزوجة والابنة. والدعوة في مجملها نلخصها في ما يسمي ب"فقه الكد والسعاية" وتطبيق هذا الفقه المالكي الذي تأخذ عنه بعض القوانين المصرية فالأمر ليس بدعة، على أن يتم من خلاله تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص طلاق المرأة بعد أمد من الزواج) ولنقل فترة تزيد على 20 عامًا تقريبًا، ليس هذا فحسب، فهناك أيضًا قانون الرؤية الذي يتطلب تغليظ العقوبة لمن يمنع رؤية الأطفال عن أي من الوالدين. هذه الأمنية نوجهها كدعوة إلى رجال الفقه والتشريع، لدراسة الأمر بهدف تحقيق الأمان والسلام للأسرة المصرية. لا يموت حق وراءه مطالب يدافع عنه، ومعًا نحمي المرأة والرجل والأسرة المصرية.