كان تأسيس مكاتب تسوية المنازعات بمحاكم الأسرة، يستهدف محاولة الوصول إلى حلول ودية بين المتخاصمين في قضايا الأحوال الشخصية بما قد يقلل من نسب الطلاق ويحقق مصلحة الأسرة والأبناء حتى في حالة الإصرار على الانفصال، ومن جانب آخر يقلل من عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم. لكن مع الوقت تحوَّل دور تلك المكاتب إلى مجرد إجراء شكلي حيث لا يوجد إلزام على طرفي النزاع بالمثول أمامها فيتم الاكتفاء بوجود محامي الطرفين. وهو ما أفقد مكاتب تسوية المنازعات الهدف من وجودها. لذلك فإن هناك دعوة ملحة لتفعيل دورها من جديد. تعد مكاتب تسوية المنازعات تابعة لكل محكمة أسرة جزئية وهى المرحلة الأولى التى يمر عليها المتقاضون لذلك ألزم قانون الأسرة وفقا لنص المادة السادسة من قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004، المتقاضين بالمرور على تلك المكاتب. كانت تلك المكاتب التي يمثل أمامها طرفا النزاع فى بداية الأمر تتكون من مجموعة من القضاة المحالين إلى المعاش بحيث يستفاد من خبراتهم في التوصل إلى حلول. وبعد ذلك تشكلت مكاتب التسوية من مجموعة من الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين. المحامى محمد رضا أعد مشروع قانون للأحوال الشخصية لعرضه على البرلمان، فيه الكثير من التعديلات المهمة ومنها ما يتعلق بمكاتب تسوية المنازعات، يقول محمد رضا: إن مكاتب تسوية المنازعات تعتبر الطريقة الودية التي أقرها قانون الأحوال الشخصية للفصل فى المنازعات والتى تهدف إلى الصلح العادل بين الخصوم قبل لجوئهم إلى رفع الدعوى. تتشكل مكاتب تسوية المنازعات من إخصائى قانونى وآخر اجتماعى وثالث نفسى. ويجب على رافع الدعوى قبل المبادرة برفع دعواه أمام محكمة الأسرة اللجوء أولا لمكاتب تسوية المنازعات بإعلان الخصم المقدم ضده الطلب وفي الموعد المحدد يقف الطرفان أمام المكتب لعرض المشكلة. ويؤكد محمد رضا أننا نحن في حاجة الآن إلى تفعيل دور هذه المكاتب لأنه كلما أدت مكاتب تسوية المنازعات دورها بفاعلية نجحنا فى تقليل نسب الطلاق من خلال تدريب هؤلاء المختصين بصفة دورية، وقد قدمنا للمجلس فيما يخص تعديل الأحوال الشخصية مطالبات بضم علماء دين إلى مكتب تسوية المنازعات ليقوم بدوره فى التوعية بحثا عن الإصلاح بين طرفى الخصومة وعدولهما عن قرار رفع القضية، ففى أغلب القضايا تكون المشكلة بسيطة من الممكن أن يقوم بحلها الحكماء وعلماء الدين. من جانب آخر فإن الطريقة التى يتم بها إعلام طرفى النزاع طريقة بدائية، إذ تتم من خلال خطاب مسجل بعلم الوصول من السهل عدم وصوله أو عدم استلامه لذلك نطالب بمواكبة العصر بإرسال الإعلانات من خلال شبكات التواصل والبريد الإلكتروني أو حتى عن طريق الاتصال المباشر لنضمن وصول الإعلان واستلامه. كذلك فقد قدمنا لمجلس النواب طلبات بتعديل القانون فيما يخص إلزام طرفى النزاع بالحضور دون محامين حتى يتمكن الإخصائيون من القيام بدورهم لأن حضور المحامين يلغى دور مكتب التسوية. يقول إيهاب البدوى إخصائى اجتماعى بمكتب تسوية المنازعات: لقد تم اختيار الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين بعناية شديدة بحيث يكونون قادرين على الفصل بين المتخاصمين قبل رفع الدعاوى ولكل دائرة محكمة أسرة ومكتب منازعات خاص بالدوائر التابعة لكل منطقة يختص بنظر طلبات التسوية المقدمة له، والدور الأساسى لها هو تبصير أطراف النزاع بجوانب النزاع وأضراره وعواقبه. ويستلزم اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات وجوبيا فى دعاوى التطليق بأنواعها كافة وتشمل: الخلع، النفقات والأجور، حضانة الصغير وحفظه وتربيته، مسكن الزوجية، والدعاوى المتعلقة بالإذن للزوجة لمباشرة حقوقها. الآن هناك تهميش لدورنا الذي أقره القانون ومع مرور الوقت أصبحت مكاتب تسوية المنازعات عبئا ماديا على الدولة، فبها المئات من الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، لذا لابد من وجود قانون يلزم المتقاضين بالمثول أمام مكتب المنازعات وعدم الاكتفاء بإرسال المحامين الذين يحولون دون قيام مكاتب التسوية بدورها في الإصلاح. من جانب آخر يقول إيهاب البدوى إنه لا يوجد اهتمام بأحوال الإخصائيين النفسيين والاجتماعين الذين تعرض أمامهم المشكلات وعليهم محاولة الإصلاح بين المتخاصمين بينما الإخصائيون أنفسهم يعانون من مشكلات أسرية ويقفون على حافة الطلاق أيضا فكيف يتمكنون من حل مشكلات الآخرين.