شيخ الأزهر يستقبل رئيس جامعة القاهرة لبحث تعزيز التعاون العلمي والثقافي    محافظ البحيرة ورئيس جامعة دمنهور يتفقدان الجامعة الأهلية بالبستان    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    وزيرة التضامن تشهد انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر CEO Women    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    متحدث صحة غزة: المساعدات الطبية التي وصلت للقطاع نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الخارجية يلتقي مبعوث الأمم المتحدة الخاص للقرن الأفريقي    ياسر الزابيري بطل كأس العالم للشباب مرشح للانتقال إلى أتلتيكو مدريد    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    كلوب: رفضت تدريب مانشستر يونايتد بسبب رونالدو وبوجبا    أشرف نصار يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي لضم عمرو الجزار    لا تهاجموا صلاح.. انظروا ماذا يفعل مدرب ليفربول    طلب عاجل من توروب في الاهلي    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    الداخلية تواصل جهودها لتحقيق الأمن ومواجهة أشكال الخروج على القانون    السجن المؤبد لأب وابنيه واثنين آخرين في قضية اتجار بالمخدرات بالقليوبية    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمصنع إسفنج فى الشرقية دون إصابات.. صور    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    راغب علامة ل "اليوم السابع": أغنياتى تصلح لكل زمان.. أتمنى يجمعنى حفل غنائى مع عمرو دياب.. وأحضر لعمل يوثق مسيرتى الفنية وكواليس تذاع لأول مرة على مدار أكثر من 30 سنة    شاهد رسالة يسرا على ظهر بلوزتها من مهرجان الجونة السينمائي    بروفة ريهام عبد الحكيم على أنغام الموجي استعدادًا لمهرجان الموسيقى العربية    الجيزة: إعادة إحياء نزلة السمان جزء من خطة تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع نسب استخدام وسائل منع الحمل طويلة المدى    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    الفجر في الإسكندرية 5.39.. جدول مواقيت الصلاة في محافظات الجمهورية غدًا الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    وزير التعليم يتابع سير الدراسة بأسيوط    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات التنمية المستدامة في مصر
نشر في بوابة الأهرام يوم 05 - 12 - 2020


د. طه عبدالعليم
لم تتوقف مؤامرات استهداف مصر على امتداد تاريخها الحديث وأزعم أن الوعى الوطنى للمصريين كان رافعة إنجازات مصر بفضل ثوراتها؛ أقصد: ثورة المصريين لفرض محمد على واليا فى عام 1805 ضد إرادة السلطان العثماني، والثورة العرابية ضد التدخل الأوروبي، وثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني، وثورة 23 يوليو، وأخيرا، ثورة 30 يونيو/ 3 يوليو بقيادة السيسي، التى أنهت اختطاف ثورة 25 يناير بواسطة جماعة الإخوان الإرهابية والعميلة وأسقطت حكمها.
وأركز هنا على تحديد أسباب إخفاق أهم محاولات إعادة بناء مصر على صورة التقدم الشامل والمستدام، وأبدأ بما كتبت من قبل أقول: إن مصر قد حققت فى تاريخها الحديث انجازات رائدة على طريق التنمية والتصنيع؛ سواء بمقاييس زمنها أو مقارنة بنقاط انطلاقها، وبينت أن أهم مشروعات إعادة بناء مصر قد أخفقت فى بلوغ غاياتها؛ سواء وفق المعايير العالمية فى عصرها أو مقارنة بالتطلعات الوطنية فى حينها. ولم تكن الإخفاقات نتيجة لاستهدافها من جانب القوى الاستعمارية وذيولها الإقليمية فقط؛ وإنما ترجع أيضا إلى فقدان القيادة والنخبة السياسية المصرية للاتجاه نحو هدف التنمية الشاملة والمستدامة ، وخاصة بناء الأسس الوطنية للتقدم الصناعى والتكنولوجى والعلمي، باعتباره ركيزة مواجهة استهداف مصر؛ ببساطة: لأن التقدم الشامل هو رافعة تعظيم القوة الشاملة، وتمتين الوحدة الوطنية ، و تعزيز الأمن القومى والإنساني، و حماية السلام ب الاستعداد للحرب ، وتعظيم الفرص وتقليص القيود، الخارجية والداخلية.
وأسجل أولا: أن مصر فى عهد محمد على شهدت إنجازا تاريخيا للنهضة الشاملة، وأقامت الصناعة الآلية الحديثة قبل غالبية البلدان الأكثر تصنيعا من مصر حاليا. ولا جدال أن سياسة الباب المفتوح، التى فرضها التدخل الأوروبي، كانت عاملا رئيسيا فى وأد هذا المشروع للنهضة الشاملة والتصنيع الحديث.
لكنه لا ينبغى تجاهل أن البيئة الداخلية والسياسة الخارجية قد حالت دون التطور الرأسمالى اللاحق فى الصناعة والزراعة، حيث حرمت سياسة احتكار الدولة الصناعات الحرفية الوطنية من فرص تحقيق التراكم الرأسمالي، وفضل رأس المال التجارى والربوى الأجنبى المهيمن الاستفادة من فرص الريع الأعلى والآمن للتجارة الخارجية والإقراض الربوى على المخاطرة وتحقيق ربح أقل بتمويل التصنيع وتحديث الزراعة.
ولم يقدم كبار ملاك الأرض الإقطاعيون على الاستثمار الصناعى للثروة النقدية التى تركزت لديهم من إنتاج وتصدير القطن، وفضلوا الإنفاق الاستهلاكى التبذيري. وساهم فى اخفاق مشروع محمد على سياسته الخارجية، حيث اصطدمت طموحاته الإمبراطورية بالاطماع الأوروبية فى زمن تكوين الإمبراطوريات الاستعمارية، فكان تحطيم أسطوله وتقليص جيشه مقدمة لاحتلال مصر اللاحق، ودحر الثورة العرابية، ووأد مشروع الخديو إسماعيل للتحديث والاستقلال.
وثانيا: إن مصر- قبل غالبية البلدان الصناعية الجديدة والصاعدة حاليا- عرفت مبادرة رائدة للنهضة الشاملة والتصنيع الرأسمالى وطنى الركائز؛ وذلك فى سياق ما وفرته ثورة 1919 من زخم وطنى وما حققته من استقلال نسبى للسياسة الاقتصادية مكن من تعديلها بما استجاب وإن جزئيا وتدريجيا لمتطلبات التصنيع. وبفضل الدور التأسيسى لبنك مصر بقيادة طلعت حرب تمكنت الصناعة التحويلية المصرية من شغل موقع متقدم بين البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة والتابعة. ولا أنكر أن عاملا حاسما فى قطع الطريق على مشروع طلعت حرب كان سياسة الإدارة الاستعمارية البريطانية المناوئة لتصنيع مصر، وإملاءات البنك الأهلى المصري، الإنجليزى ملكية وإدارة، حيث اشترط مقابل دعم بنك مصر- لتجاوز أزمته عشية الحرب العالمية الثانية- وقف تأسيسه للصناعات وعزل طلعت حرب.
لكن الأوضاع الداخلية والسياسة الخارجية المصرية كانت للمرة الثانية العامل الحاسم فى وأد مشروع التصنيع الرأسمالى الوطني، حيث واصل تحالف القصر مع الاستعمار ضرب الحركة الوطنية والإطاحة بحكومات الوفد، وشارك تحالف كبار ملاك الأرض والرأسمالية الأجنبية المهيمنة والرأسمالية المصرية متضاربة المصالح فى المؤامرة ضد بنك مصر، وتكريس قيود تمويل تأسيس وتسويق إنتاج الصناعة الحديثة فى محيط شبه إقطاعى وفى ظل اقتصاد مستعمر.
وثالثا: أن مصر قد شهدت فى عهد عبدالناصر محاولة طموحة للتنمية الشاملة والتصنيع المستقل وضعت مصر مع كوريا الجنوبية وغيرها بين أكثر خمس دول تصنيعا فى مجموعة البلدان النامية. وتحقق هذا الإنجاز فى ظل قيادة الدولة والقطاع العام للتنمية والتصنيع وما أتاحه التعاون مع الاتحاد السوفيتى السابق من فرص فى ظروف الحرب الباردة.
وقد تعرضت سياسة التصنيع المستقل اشتراكية التوجه لحصار اقتصادى غربي، ووجه عدوان 1967 ضربة قاصمة للمشروع الناصري. لكنه، وللمرة الثالثة، كانت الأوضاع الداخلية والسياسة الخارجية المصرية عاملا حاسما فى وأد مشروع الارتقاء بتصنيع مصر. فقد حرم الاقتصاد المصرى من التراكم التاريخى لخبرة وقدرة الرأسمالية الوطنية بتأميم شركاتها؛ وتأخرت مصر عن التحول من إستراتيجية التصنيع فى اقتصاد حمائى إلى إستراتيجية التصنيع فى اقتصاد تنافسي، ودخل اقتصاد الأوامر مأزقا حادا بعد استنفاد قدرته على تعبئة وتنمية الموارد، ودفعت خيارات السياسة الخارجية إلى احتدام التناقض بين النظام الناصرى والمصالح الأمريكية، حتى وصل الصدام الى مدى تجاوز قدرات مصر على مجابهة تداعياته، وتخطى حدود قدرة ومصلحة الحليف السوفييتي، ووفر الذرائع لعدوان يونيو 1967. وبسبب التعلم السلبى للسادات، تراجع عن تصنيع مصر، وأضعف القطاع العام، فأهدر فرص إتاحتها مأثرة قيادته للحرب والسلام.
وأختم، فأقول إن استهداف مصر المعاصرة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي- من الداخل ومن جميع الاتجاهات الإستراتيجية للدولة- لن يحقق غاياته؛ مادامت أن استجابة الأمة المصرية تعكس تعلما إيجابيا من تاريخها الحديث، سواء بتجنب ما ينصب لها من شراك حروب يمكن تجنبها مع تعزيز السلام ب الاستعداد للحرب إن فرضت، أو بالتوحد حول هدف التنمية الشاملة والمستدامة ورافعتها التصنيع، الذى لا ينبغى أن تحيد عنه.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.