خمس سنوات اكتملت اليوم منذ رحيل حامل الروائح المحفوظية، والمقرب من أديب نوبل، نجيب محفوظ ، وأحد أعضاء «شلة الحرافيش»، ومؤسس صحيفة أخبار الأدب، أول صحيفة أسبوعية ثقافية متخصصة تخرج من المؤسسات الصحفية القومية المصرية، ومازالت ذكراه العطرة تزين قلوب محبيه في المشهد الثقافي المصري والعربي. "بوابة الأهرام" تستعرض تزامنًا مع ذكرى رحيل الأستاذ جمال الغيطاني ، محاور من إبداعاته وتجلياتها. عاصر الكاتب الراحل حرب الاستنزاف على الجبهة وصولًا إلى نصر أكتوبر المجيد، مثلما صنع الغيطاني مجده الكبير في ساحة الأدب والفكر، فإن تاريخ الصحافة الحربية يسجل اسمه بحروف من نور، بعد أن أعطى لمهنة "المراسل الحربي" وهجًا خاصًا بقدراته الكبيرة ككاتب استطاع أن يحول المعارك العنيفة إلى حكايات عن البشر والمكان أصبحت جزءًا غاليًا في الذاكرة الجمعية للمصريين. "الغيطاني" صاحب مشروع روائي فريد، استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا نال فيه نجاحًا كبيرًا، ومحبة لا تغيب، ثقافته الموسوعية وسعة اطلاعه، فتحت الطريق لإحياء فصول مثيرة من تاريخ مصر وتراثها الذاخر، بعد بحثه المتفاني في النصوص العربية المنسية، وإعادة النظر في تاريخ الأدب العربي القديم. صعيدي الأصل ابن جهينة، جاء من محافظة سوهاج ليصنع الاستثناء من خلال مشروعه المبهر، السعي الجاد كان منهجه، منذ بداياته طفلًا في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، ثم مدرسة الجمالية الابتدائية، وصولًا إلى قيمته الكبيرة ك"عالِم بمصر". "الغيطاني" عصامي النشأة والثقافة، أحاطت به أرصفة الكتب والأزهر والمآذن وكل العناصر التي تخص مصر الحقيقية، هذه النشأة أثرت في الغيطاني من حيت التكوين، كان للكاتب الراحل نهم كبير للقراءة في كتب التراث منذ صباه، اعتمد في مقتبل حياته على باعة الكتب على سور الأزهر في الحصول على ما يريد قبل أن يعرف طريقه بعد ذلك إلى دار الكتب المصرية. تقول زوجته الكاتبة الصحفية ماجدة الجندي ل"بوابة الأهرام" إن قلب الغيطاني وعقله كانا مفتوحين تمامًا للكتاب والقراءة، وقد ظل ينسخ الكتب طوال حياته، وذات مرة نسخ كتابًا كاملًا لفرويد بخط يده. نشأ الغيطاني في خضم تجربة الرئيس جمال عبد الناصر، كانت تلك التجربة تنحاز للفقراء وتحلم بمصر القادرة المستقلة التي تستطيع البناء، أراد جمال الغيطاني الانحياز لهذه الحالة، منذ كتابه الأول "أوراق شاب عاش منذ ألف عام" عاش الغيطاني في أتون الفترة الناصرية بكل أحلامها وتطلعاتها. منذ كتابه الأول حقق الغيطاني نجاحا كبيرا، واهتمت به الأقلام النقدية في ذلك الوقت، حيث كتب عنه الأستاذ علي الراعي، والأستاذ "محمود أمين العالم". مع دخول الغيطاني في شبابه لأقسام التحقيقات والأخبار بدار أخبار اليوم، كان انشغاله كاملا بتاريخ مصر، في تلك الفترة بادر بالتردد على الجبهة، وقام بتقديم تحقيق صحفي من هناك، عرض فيه لنوع من المقاربة الأدبية عن الحرب، ثم بدأ ينشر عدة تحقيقات في نفس السياق، وذات مرة قرأ الرئيس جمال عبد الناصر بالمصادفة إحدى مقاربات الغيطاني، كان الغيطاني يقدم في تلك التحقيقات بانوراما للحياة المتداخلة بين البشر والسلاح الذي يمسكون به والوقائع التي تدور حولهم، لم يكن الغيطاني يكتب تقارير مجردة، ولكنه كان ينقل صورا للحياة، وعندما قرأ الرئيس عبد الناصر، قال إن هذا تحديدا ما نسعى إليه، وما تسعى إليه مصر، ونريد أن تكون هذه الكتابة حاضرة لدى جموع الناس. نجح الغيطاني مراسلًا عسكريًا للأخبار، وتم تخصيص مكان له على الجبهة، واصطحب معه سيارة بالتليفون، وهو الأمر الذي كان نادرًا وقتها، وصاحب الغيطاني في مغامراته المصور الكبير المرحوم مكرم جاد الكريم. صنع جمال الغيطاني معايشة كاملة لمدن القناة، نجح ومعه مكرم جاد الكريم في توثيق فترة نادرة من تاريخ مصر بزاوية مختلفة، استطاع خلالها نقل النسيج الإنساني للحرب. الشهيد أحمد منسي ومحمد جمال الغيطاني ماجدة الجندي والغيطاني في حفل زفافهم غلاف الرفاعي الشهيد إبراهيم الرفاعي في شبابه جمال الغيطاني على الجبهة جمال الغيطاني جمال الغيطاني