«التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    جنوب إفريقيا: نتابع عن كثب تحقيق الجنائية الدولية بحق نتنياهو    الدفاع المدني الفلسطيني: 10 آلاف مفقود تحت ركام المنازل المدمرة في غزة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    التشكيل المتوقع لمباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ    حملات تموينية على الأسواق والمخابز في البحيرة.. صور    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس جامعة بني سويف يرأس اجتماع مديري الكليات    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بجامعة قناة السويس    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 667.250 مليار جنيه في ثاني عطاءات السوق المفتوحة بعد التعديل    وزير المالية: نتطلع للاستفادة من إمكانيات وقدرات مؤسسة «مورجان ستانلي»    شركة إير فرانس-كيه ال ام للطيران تتكبد خسائر خلال الربع الأول    بتخفيضات تصل إلى 440 ألف جنيه..«كيا» تعلن عن اسعار «سبورتاج» في مصر    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    الموضوع وصل القضاء.. محمد أبو بكر يرد على ميار الببلاوي: "أنا مش تيس"    معرض أبو ظبي للكتاب.. ريم بسيوني ل الشروق: سعيدة بتكريمي.. والجائزة تفرض على الكاتب مسئولية كبيرة    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عاجل.. تشافي يعطي لابورتا الضوء الأخضر لعرض ثنائي برشلونة على الأندية السعودية    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب وإجباره على توقيع وصلات أمانة    قرار قضائي عاجل ضد المتهم المتسبب في وفاة تسنيم بسطاوي طبيبة التجمع    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    دينا الشربيني ضيفة لميس الحديدي فى "كلمة أخيرة" على قناة ON.. الليلة    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    طريقة عمل السجق بالبطاطس بمكونات سهلة وطعم شهى    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء 30- 4- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفس عميق من الهواء النقىّ (8)
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 08 - 2020

يبدو أن هناك صلة عميقة بين شعر العيون وبين عيون الشعر. ولذلك تبارى رواد الشعر العربى الحديث فى وصف عيون المحبوبة، فجاءوا بلآلئ بقيت فى الذاكرة، ومنها ذاكرتى كقارئ للشعر ومحاول له تربّى على أشعار جيل الخمسينيات والستينيات، خاصة بين شعراء الفصحى، الذين بدأ رائدهم الشاعر العراقى بدر شاكر السياب هذه الصرعة، وسار على دربه كبار الشعراء، وبالذات شعراء الفصحى المصريون الذين تلوه فى الظهور بسنوات قليلة. وقد رأيت أن أختم مؤقتاً رحلتى فى التراث الأدبى بحثاً عن نفس عميق صاف من أكسجين الفن ينفعنا فى عام الاختناق العالمى 2020، أقول رأيت أن أختم سلسلة مقالاتى فى هذا الصدد، والتى لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، ولكن قد نعود إليها من حين إلى حين, أختمها بما تبقى فى ذاكرتى من عيون الشعر التى يمكن تسميتها بشعر العيون، حيث يتفنن شعراؤنا من جيل الرواد ومن جاءوا بعدهم مباشرة فى إبداع صور وتشبيهات جديدة غير مسبوقة لوصف عيون الحبيبة. ولنتبع فى استعراضنا لهذه الأوصاف والتشبيهات الترتيب الزمني. ولهذا لنبدأ بالسياب، فى قصيدته الأشهر أنشودة المطر، التى كتبها فى الخمسينيات فى منفاه بالكويت، واستهلها بهذه الأبيات: عيناك غابتا نخيل ساعة السَّحَر/ أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر/ عيناك حين تبسمان تورق الكروم/ وترقص الأضواء.. كالأقمار فى نهَر/ يرجُّه المجداف وهْناً ساعة السَّحَر ../
ومن هذا التخييل الرومانسى الذى ينهل من الطبيعة ويحن إلى نخيل العراق، لكنه رغم رومانسيته، التى تنتمى فى جوهرها لثلاثينيات القرن وأربعينياته، جاء بأوصاف للعيون وتشبيهات جديدة على الشعر العربي، أقول: من هذه البداية، فى تثوير الصورة الشعرية، ينقلنا شاعرنا المصرى أحمد عبد المعطى حجازى إلى قفزة جديدة فى ابتداع صور شعرية مبتكرة وطازجة فى وصف عيون المحبوبة، وذلك فى قصيدته موعد فى الكهف، ديوان لم يبق إلا الاعتراف، والتى ربما كتبها بعد أنشودة المطر للسياب بأعوام قليلة. يقول حجازى فى وصف عيون حبيبته: «عيناكِ.. يالكلمتين لم تقالا أبدا/ خانهما التعبير، حتى ظلتا كما هما/ راهبتين تلبسان الأسودا/ تنتظران ليلة العرس.. سُدَى.
وربما فى نفس التوقيت، كتب صلاح عبدالصبور قصيدته «أغنية لليل» التى ينتقل فيها فى وصف العيون انتقالاً حاسماً من الرومانسية إلى السيريالية وإلى أدب الرعب القوطي، فمن بداية تقليدية نسبياً تنفتح لنا فجأة فى نصه سراديب من الرعب، كما سنري: عينان سوداوان / نضاحتان بالجلال المُر والأحزان/ مرّت عليهما تصاريف الزمان/ فشالتا من كل يوم أسودٍ ظِلا..
ثم فجأة: عينان سردابان/ عميقتان مَوْتا/ غريقتان صمتا/ فإن تكلمتا/ تنَدَّتا تعاسةً ولوعةَ ومَقتا/ ينكشف السرداب حينما تدق الساعة البطيئة الخطي/ معلنة أن المسا قد انتصف/ تقول لى العينان..
والجزء الثانى من القصيدة هو كلام العينين، ولا تتسع له المساحة كله, لكنه ينتهى بهذا الرجاء المُر والمخيف: فى الساعة الليلية الأخيرة/ خذنى إلى البيت, فإننى أخاف أن يبُلَّنى الندي/ تذوب أصباغي.. ويبدو قُبْح وجهي!.
بهذه الومضات من شعر العيون وعيون الشعر، نتوقف مؤقتاً عن هذه السلسلة، لنتابع الجديد من الأعمال الأدبية, أو التى هى أرض لم أستكشفها بعد كقارئ وأحب أن تشاركونى متعة هذا الاستكشاف، لكن لنا عودة من حين لآخر إلى المنابع التى صنعت وجداننا، وهواء البحور والجبال الذى يشفى الصدور, لنستنشق معاً مرة أخرى نفساً عميقاً من الهواء النقيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.