«فيتو الرئيس».. ورسائل جولة الإعادة    الجامعات تستعد لامتحانات نصف العام الدراسي.. العاصمة: تكليف إدارة التكافل الاجتماعي بتقديم الدعم اللازم للطلاب.. القاهرة تحدد مواصفات الاختبارات.. ومحظورات على الممتحنين داخل اللجان    تنفيذ الصرف الصحى بأبو الريش بأسوان بتكلفة 975 مليون جنيه    دمياط تشهد حركة ملاحية وتجارية حيوية    جامعة قناة السويس ترسخ دورها المجتمعي بتدريب نوعي لمعلمي الكبار بالإسماعيلية    أردوغان يعرب عن أمله في مناقشة خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا مع ترامب بعد لقائه بوتين    «القاهرة الإخبارية»: منخفض جوي يٌغرق غزة.. تدمير 27 ألف خيمة وتضرر ربع مليون نازح    مصدر بالزمالك: صفقة حامد حمدان في طريقها للحسم بدعم رجل أعمال    فليك يعلن قائمة برشلونة للقاء أوساسونا بالدوري الإسباني    أزمة منتخب طولان فرصة لإعادة البناء    زوج يتهم زوجته بالاستيلاء على ثروته بعد تركها مسكن الزوجية في الهرم    تجديد حبس المتهم بالتعدي على مدرس بالإسماعيلية 15 يوما    الحكم على 6 متهمين بخلية المرج الإرهابية 9 فبراير    مأساة في قرية الدير شرق أسنا جنوب الأقصر.. انهيار منزل يؤدي إلى وفاة أم وطفليها وإصابة آخرين    وزير السياحة: استرداد 30 ألف قطعة أثرية خلال ال 10 سنوات الماضية    حين تصبح المرأة رمزًا وقيادة:    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين فى الدورة 32 للمسابقة العالمية للقرآن    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    الأمين العام للأمم المتحدة: نقدر التزام الحكومة العراقية بالمضي قدمًا في خطط التنمية    الصحف العالمية اليوم: مطاردة من القبر.. صور جديدة من تركة ابستين تقلق الكبار وأولهم ترامب.. ستارمر يستعد لاختيار سفير جديد لواشنطن وسط توتر العلاقات مع ترامب.. والإنفلونزا والإضرابات تهددان قطاع الصحة البريطانى    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    ضبط 121 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري خلال 24 ساعة    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    أسعار الفاكهة والخضراوات اليوم السبت 13-12-2025 بأسواق أسيوط    رئيس التعاون الإفريقى: زيارة الوفد المصرى لأنجولا خطوة لتعميق الشراكات الصناعية    غدا.. إزاحة الستار عن تمثال الملك أمنحتب الثالث في كوم الحيتان بعد 3 آلاف عام من الدفن    النقابة العامة للأطباء تعقد اجتماعًا موسعًا لمناقشة تطبيق قانون المسؤولية الطبية الجديد    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    روتين صباحي صحي يعزز المناعة مع برودة الطقس    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع التدريسي ال 19 بمركز سقارة غدًا    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحيرات
نشر في بوابة الأهرام يوم 13 - 08 - 2020


د. سمير فرج
عشت أجمل أيام حياتى فى مدينتى الحبيبة، معشوقتي، بورسعيد ، التى اعتاد أهلها، وأنا منهم، الاعتماد على الأسماك ، كغذاء رئيسي، حتى أن أشهى أطباقه كانت تحتل موائدنا لمدة خمسة أيام من كل أسبوع، بغض النظر عن القدرات المالية لكل أسرة، فكل منا يجد ما يناسب ميزانيته، من مختلف أنواع الأسماك الطازجة، فور دخوله سوق السمك الشهير بالمدينة. فقد اشتهرت مدينة بورسعيد بأسماك بحيرة البردويل ، من البورى والدنيس وسمك الموسى، حتى أن إسرائيل استغلتها خلال حرب الاستنزاف، لتصدير كامل إنتاجها لأوروبا، لارتفاع جودته، وبالتالى عائده.
أما لأصحاب الدخول المحدودة، فتتوافر أسماك البحر المتوسط، بأنواعها،إضافة لمراكب الصيد، التى تبحر من بورسعيد فى رحلة صيد، لعدة أيام، وتعود بالخير الوفير،كما يعتمدون على صيادى الشباك،على طول شاطئ بورسعيد ، بدءاً من لسان ديليسبس، وحتى بوغاز الجميل، الذين يبدأون نشاطهم مع شروق الشمس، ويسحبون شباكهم المليئة بالخير، يحاوطهم صيادو أم الخلول.
أما الغذاء الشعبي، الأقل تكلفة، فكان سمك الشبار، من بحيرة المنزلة، المتوافر فى ثلاث درجات, الشبارالمزقلط، صغير الحجم، ومع ذلك تحتل بطارخه نصف حجمه، ثم الشبار الأزرق، الأكبر حجماً، الصالح للشواء، وأخيراً الشبار الأبيض، للقلي، وهكذا توافرب بورسعيد أشهى أنواع الأسماك، المناسبة لكل الفئات.
وفجأة تغيرت الأحوال، إذ جارت العشوائيات على هذه البحيرات، وتوقف تطهير بوغاز بحيرة البردويل ، وبوغاز الجميل لبحيرة المنزلة، والتى كانت مسئولة عن تجديد مياه تلك البحيرات، كل عام، بمياه جديدة من البحر الأبيض المتوسط، فزادت ملوحة هذه البحيرات، وانخفض، بالتالي، إنتاجها من الثروة السمكية، لكن أخطر التعديات كانت فى تجاوز، البعض، بإنشاء مزارع سمكية داخل البحيرات،على مساحات كبيرة،وقيام، البعض الآخر، بردم مساحات من بحيرة المنزلة، واستقطاع أجزاء كبيرة منها،لتصبح أوكاراً للخارجين على القانون، والهاربين من الأحكام القضائية. وفى أثناء فترات الانفلات الأمني، التى أعقبت يناير 2011، ضُرب عرض الحائط بالعديد من القرارات المنظمة للصيد فى البحيرات المصرية، ومنها قرار حظر الصيد، لمدة ثلاثة أشهر، من كل عام، فى بعضها، والذى كان يهدف لنمو الذريعة الصغيرة من الأسماك، كما تجاوز الكثيرون عن الالتزام بقرار حجم فتحات شباك الصيادين، حتى لا يسمح بصيد الأسماك الصغيرة.
والحقيقة أننى لمست تلك التغيرات السلبية، بنفسي، فى آخر مرة توجهت فيها لسوق السمك، فى بورسعيد ، لشراء كمية تكفى استهلاك أسرتي، بالقاهرة، فوجدت السوق وقد تغيرت ملامحه للأسوأ، ولما سألت عن سمك الشبار، تلقيت نفس الإجابة، وكأن البائعين قد اتفقوا عليها مسبقاً، «انسى ...لقد ضاعت بحيرة المنزلة، فقد أصبحت مستقراً لنفايات المصانع، ومخلفات الصرف الصحي، من كل القرى، وتلوثت مياه المصارف المحملة بمخلفات الرى»، ولما سألت أين أسماك البردويل، علمت أن إنتاجها انخفض للغاية، وأصبح بالكاد يفى باحتياجات المطاعم الشهيرة. وعدت للقاهرة، فى ذلك اليوم، وأنا حزين على فقدان تلك الثروات المصرية، الكفيلة بتغطية حاجة جميع فئات المواطنين من البروتين.
لم تكن تلك صدمتى الوحيدة، فقد صدمت مرة أخرى، فى الفيوم، فى العام الماضي،عندما توجهت لمنطقة البحيرات، لشراء الأسماك، فجاءتنى الإجابة بأن البحيرة، الآن، فى أسوأ حالاتها، وعز إنتاجها، بعدما صارت مصباً للصرف الصحي، والمخلفات الزراعية، المحملة بالمبيدات، فضلاً عن التعديات عليها، وتقليص حجمها بفعل عمليات الردم، واستقطاع مساحات منها للبناء العشوائي، وإنشاء المزارع السمكية، فأصابها ما أصاب بحيرات بورسعيد ، من ارتفاع الملوحة، وانخفاض الإنتاجية. فتحسرت على ذكرياتى فى الفيوم، التى أقمت فى معسكر بها، فى أثناء حرب الاستنزاف ، للتدريب على استخدام المركبات البرمائية، الجديدة، فى بحيرة قارون، فكنا، حينها، نستمتع بأجمل وجبات الأسماك، خاصة سمك موسى، الذى لم أجد له مثيلاً فى العالم، حتى يومنا هذا.
وببعض البحث، علمت أن معظم بحيرات مصر، تعانى مما تعانيه منه بحيرات المنزلة، والبردويل، وقارون, تحتوى مصر على 11 بحيرة، يضم البحر الأبيض المتوسط خمس منها، هى مريوط، وإدكو، والبرلس، والمنزلة، والبردويل، مسئولة عن إنتاج 75% من إجمالى الثروة السمكية فى مصر... فلماأعلن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أخيرا، إزالة التعديات على البحيرات المصرية ، قائلاً أنا هارجع البحيرات فى مصر كما كانت من قبل، ومش هنعمل مزارع سمك فى البحيرات، ولازم نرجع مياه البحيرات لنظافتها, مضيفاً أن هذا التطوير معنى بالقضاء على الفوضى والإهمال، رأيت أن ألفت انتباه المواطن المصرى لأهمية ذلك القرار الحيوي، لما له من آثار إيجابية على الاقتصاد المصري، إذن سيتيح المجال لاستثمارات جديدة، وكبيرة، ليس، فقط، فى مجال تصنيع، وتعبئة وتغليف الأسماك، وما يرتبط بها من صناعات مكملة، وإنما سيفتح آفاقا جديدة لصناعة الملح، الذى سيتم استخراجه من هذه البحيرات، فى مراحل تنقيتها، واستعادة عزوبة مياهها، إذ يعتبر الملح،أو كلوريد الصوديوم، واحداً من أهم الصناعات الاستراتيجية، ومدخلاً إنتاجياً لمعظم الصناعات فى العالم، فمثلاً يستخدم الملح بنسبة 67% فى الصناعات الكيمائية، وبنسبة 8% فى إذابة الجليد، ويستخدم فى مجالات الزراعة بنسبة 6%، وفى الصناعات الغذائية بنسبة 6%.
وفى النهاية أؤكد أن مصر مليئة بالخيرات والإمكانات، لكن الأهم من ذلك هو حسن إدارة مواردها وثرواتها، وعزم إدارتها على تحقيق كل الخير لها ولأبنائها بإذن الله.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.