سعر الين الياباني مقابل الجنيه في البنك المركزي اليوم الجمعة    بينهم أطفال، ارتفاع وفيات المنخفض الجوي في قطاع غزة إلى 13    حماس: شرعنة 19 مستوطنة بالضفة سرقة أراض وفرض وقائع استعمارية بالقوة    آخر تطورات سعر الليرة السورية أمام الدولار في مصرف دمشق المركزي    هل المقترح الأوكراني الأخير يهدف إلى السلام مع روسيا وإيقاف الحرب؟ الدكتور آصف ملحم يوضح    إصابة النعيمات وهدف ملغي، الأردن تتقدم على العراق بهدف في الشوط الأول    أول تعليق من أحمد سليمان بعد أزمة بنتايك مع الزمالك    ذهبية وبرونزية لأبطال المشروع القومي في ألعاب القوى ببطولة أفريقيا للشباب بأنجولا    غلق 8 منشآت طبية "خاصة" بالقنطرة غرب الإسماعيلية لمخالفة الاشتراطات ( صور)    لبلبة عن علاقتها ب عادل إمام:" توأم روحي ومفيش زيه في الكواليس (فيديو)    "الحلبسة" مشروب شتوى يمنح أسرتك الدفء ويقوى المناعة    مدرب برايتون: أتمنى رؤية صلاح في تشكيلة ليفربول أمامنا    غياب تام وحضور لا ينطفئ.. عبلة كامل تتصدر التريند بلا حسابات على السوشيال ميديا    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع بالإسكندرية    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    سبورت: الأهلي لن يجعل انتقال حمزة عبدالكريم إلى برشلونة مهمة سهلة    إقبال كبير للمشاركة في انتخابات مركز شباب الاستاد ببورسعيد    الثقافة تعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته ال37 بمدينة العريش    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    وزارة الصحة ترد على شائعة استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    بريطانيا تفرض عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    حملات ميدانية فى قطاعات الصحة والتعليم والنظافة ببنى سويف.. اعرف التفاصيل    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    ضبط 3 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آيا صوفيا والمياه والعثمانية الجديدة
نشر في بوابة الأهرام يوم 02 - 08 - 2020

شد حادث تحويل آيا صوفيا من متحف الى مسجد انتباه المسيحيين فى كل مكان، وكذلك المتنورون العارفون لقيمة العيش المشترك والتسامح بين كل الاديان. فقد كان الإجراء الذى اتخذه رجب طيب اردوغان، إرضاء للتيارات الاخوانية الارهابية، وتحديدا التقرب من جمعية شباب الأناضول الاسلامية السلفية وخروجا بنظامه من أزماته الداخلية، نموذجا صارخا لتوجهات العثمانيين قديما وحديثا، فالمكان ذاته آيا صوفيا هو رمز للثقافة العثمانية والبيزنطية وإن كان كنيسة ارثوذكسية. وفكرة تحويل دور العبادة من دين الى آخر عاشت قديما فى التاريخ الانسانى وكانت فى أوضح صورها بعد هزيمة العرب فى الاندلس وتحويل الجوامع والمعابد الى كنائس بعد طرد المسلمين واليهود كرمز لسيادة المسيحيين على البلاد. ولكنها تلاشت فى العصر الحديث مع تطور الانسانية ذاتها ورفع قيم المساواة والتعايش وقبول الآخر المختلف دينيا.ولكن يبدو ان أردوغان لا يزال يعيش فى فكر العصور الوسطى. فالعثمانيون كانوا مستعمرين لكل المنطقة العربية شأنهم شأن الفرنسيين والبريطانيين والايطاليين. لم يختلفوا عنهم كثيرا الا فى تفاصيل صغيرة حكمت تصرفاتهم بسبب طبيعتهم الاجتماعية. فالفرنسيون والبريطانيون كانوا مستعمرى الرأسمالية الصاعدة فى مرحلة تصدير الرأسمال سعيا الى السيادة لنشر نموذجها الاجتماعى والاستفادة مما تملكه المستعمرات من خيرات وخامات تعود على نموها أى فرنسا وبريطانيا بالازدهار الرأسمالي. اما الامبراطورية العثمانية فمثلت عسكرية الاقطاع الذى لم يمتلك الا اساليب النهب والقتل وسرقة الاصول الحضارية للمستعمرات وشعوبها. ولا يمكن ان تنسى الشعوب، ومنها الشعب المصري، حالة العنف الدموى الذى مارسه العثمانيون ولا الغطرسة والتكبر الذين كان الاتراك العاديون يتعاملون بها مع كافة الشعوب الموجودين تحت سيطرة دولتهم. فعبارة فلاح ابن فلاح كانت دائما على لسانهم كلما أرادوا إهانة انسان مصرى بالرغم من اعتزازنا الآن بانتمائنا لطبقة الفلاحين. وكأن الانتماء إلى طبقة الفلاحين يعنى الانحطاط الاجتماعى الذى لا ينعدل الا بالضرب بالكرباج. فالمصريون كانوا بالنسبة للعثمانيين الخدم الذين لا نفع منهم الا الخراج الذى يجمع قسرا وبشدة للإرسال الى عاصمة الخلافة التى غلفت حقيقتها ب الاسلامية لتخفى حقيقتها الاستعمارية المستنزفة لمقدرات ولخيرات الشعوب. فالحقيقة تؤكد ان فترة الاستعمار العثمانى للمنطقة العربية كانت فترة الانحطاط العام الذى وسع مساحة اللاتحضر بين العرب والبلدان الاوروبية وحرمها من كل عناصر التقدم لتجنب هذا الانحطاط، كما ان هذه الفترة عوقت النمو الذاتى للبلدان العربية بحيث كان التراجع العام هو السمة الاساسية لها.
كما أن العنصرية مكون اصيل من ثقافتهم فى تعاملهم مع الغير سواء كان مصريا او كرديا او سوريا أو ارمنيا. فأبناء المستعمرات كانوا خدما لسادتهم العثمانيين المستعمرين. وفى تاريخهم الاستعمارى الطويل لم يتركوا أثرا يميز عصرهم، لأنهم لم يتعودوا بطبيعتهم التى تشكلت طوال فترة استعمارهم للمنطقة العربية بالتحديد على العطاء. وإنما مارسوا سياسة نهب وسرقة تراث الآخرين. كان تاريخ العثمانيين تاريخا اسود بالنسبة للتاريخ المصرى فى مرحلته الوسطى التى سبقت بدايات العصر الحديث. استمرت مصر متخلفة لا علاقة لها بأى من الانجازات الحديثة فى اوروبا. استمرت مصر بلدا زراعيا متخلفا تحكمه علاقات السخرة وتعمل فى نشاطه الحرف الصناعية التى تخنقها الاستنزافات المالية التى تسهم فى تكوين الخراج للمستعمر العثماني. كما انها الحرف التى استطاع سليم الاول عند دخوله مصر ان يسلخ عنها ثلاثة آلاف من خيرة صناعها وحرفييها ونقلهم إلى انقرة واسطنبول ليتحولوا الى دعامة النهضة العمرانية فى بلاد الاتراك.
كان الأوروبيون يطلقون على الامبراطورية العثمانية على طول القرن التاسع عشر رجل اوروبا المريض الذى لا يقوى على مواجهة أزماته الداخلية والخارجية فى عالم يمر بتغيرات تسعى الى تشكيل الخريطة الاستعمارية. وفى الداخل التركى كانت التغييرات السياسية تتشكل لتوجد تركيا جديدة فى المنطقة. وكان المجتمع التركى يموج بالحركات التى تعى المأزق التركى وتحاول الخروج منه بصيغ كانت جديدة على الشعوب. وكانت اهم الحركات هى جمعية الاتحاد والترقى ثم حركة الاتراك الجدد. وكان مصطفى على رضا، مصطفى كمال اتاتورك, عضوا فى الاولى وعلى اتصال بالثانية. عزل هذا الحراك السلطان عبد الحميد وفى عام 1922 سقطت الخلافة وفى 1923 اعلنت الجمهورية. وكان احد التغييرات المهمة التى ادخلها مصطفى اتاتورك هى انه عزل تركيا الجديدة عن بلاد الشرق المتخلفة والحقها بأوروبا هكذا قال. فألغى العمل بالشريعة وبالحروف العربية واستخدم الحروف اللاتينية وأغلق المدارس الدينية وتدخل فى ملبس الاتراك بحيث باتوا وكأنهم دولة اوروبية. المهم ان تركيا انفصلت عن تلك البلدان المتخلفة العربية والاسلامية التى من وجهة نظر اتاتورك كانت السبب فى تخلفها. والآن، نظرة على البلدان العربية توضح الأطماع العثمانية القديمة التى عبر عنها اردوغان بشرحه أن حدود تركيا هى الحدود الروحية العثمانية القديمة. فهو ضد الدولة الوطنية العربية.
استغل حالة اللا استقرار فى العراق فأقام السدود على منابع نهر الفرات بحيث لم يعد يصل العراق وسوريا الا 30% من نصيبيهما من المياه مما يلقى الشبهات على ما تقوم به اثيوبيا بالنسبة لمياه النيل والاصابع التركية. واستمر يساند الحركات المسلحة المعادية للنظام السورى حتى بات إعادة الدولة السورية الموحدة عملا صعبا للغاية. وفى ليبيا لم يعد الجسر التركى الذى ينقل الميليشيات الى الغرب الليبى خافيا. فهو فى النهاية جسرا يثير القلق للشرق الليبى فحسب وإنما يشكل تهديدا لمصر الدولة. وحتى تونس لم تنج من مؤامراته وباتت الدولة التونسية مهددة. إنها العثمانية فى ثوب اردوغانى تسعى لإعادة السيطرة على المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.