ألقى انتشار فيروس كورونا مزيدا من الضوء على ضرورة الحفاظ على الماء، وأهميته في حياتنا اليومية، ليس فقط لأغراض الشرب، ولكن أيضا لأغراض الوقاية، حيث حدد الأطباء أحد سبل الحد من انتشار الفيروس المستجد، باستمرار غسل الأيدي باستخدام الماء والصابون، أو تخفيف المطهرات باستخدام المياه، في الوقت الذي يوجد فيه ما يقرب من 3 مليارات شخص في العالم لا يملكون سبلا لغسل أيديهم للوقاية من كورونا. ولا عجب أن تتزامن هذه التحذيرات باستخدام المطهرات، مع ذكرى إطلاق اليوم العالمي للمياه ، والتي أقرته الأممالمتحدة يوم 22 مارس من كل عام، للاحتفال به، وإلقاء الضوء على أحد الجوانب الهامة للمياه، وضرورة الحفاظ عليها من الإهدار، وتجديد التنبيه للحكومات بضرورة حسن إدارتها. التغيرات المناخية "المياه و التغيرات المناخية " هو العنوان الذي تم اختياره لعام 2020 موضوعا رئيسيا للاحتفال ب اليوم العالمي للمياه ، وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى توجيه الجهات المعنية في الدول إلى زيادة إجراءاتها فيما يختص بالعمل المناخي والاستثمار في تدابير التكيّف القوية الكفيلة بتحقيق الاستدامة المائية. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنه إذا تمكن العالم من الحد من ارتفاع درجة الحرارة بحيث لا تتجاوز 1,5 درجة مئوية، سيكون العالم في وضع أفضل بكثير لإدارة وحل أزمة المياه التي نواجهها جميعا. يأتي هذا في الوقت الذي يعيش فيه نحو ثلثي سكان العالم بدون مياه صالحة للشرب، وسط توقعات أنه بحلول عام 2040 سيزيد الطلب على المياه بنسبة تصل إلى 50% - بحسب بيانات صادرة عن الأممالمتحدة - بينما سيصل الطلب على الطاقة نحو 25%. الهدف السادس للتنمية المستدامة وفي سياق ذي صلة، حددت الأممالمتحدة 17 هدفا عالميا لتحقيق التنمية المستدامة في الدول، هدفها القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض، وضمان تمتع جميع الشعوب بالسلام والازدهار، وشدد الهدف السادس على ضرورة توافر المياه النقية وسهولة الحصول عليها للجميع، لا سيما وأنه - بحسب أجندة أهداف التنمية المستدامة - يموت كل سنة ملايين البشر - معظمهم أطفال - من جراء أمراض مرتبطة بقصور إمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة. إستراتيجية (4 ت) على المستوى المحلي، حددت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الري، إستراتيجية طموحة لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، تعرف بإستراتيجية (4 ت)، لمواجهة التحديات المائية، ترتكز على 4 محاور (تنقية وتحسين نوعية المياه، ترشيد استخدامات المياه، تنمية الموارد المائية، تهيئة البيئة الملائمة لتنفيذ الإستراتيجية). ويأتي تحسين نوعية المياه على رأس أولويات إستراتيجية الوزارة، التي تعمل عليها من خلال إعادة استخدام المياه بنحو 25% من الاستهلاك، ويلي هذه الأولوية، كفاءة استخدام المياه داخل إدارة منظومة المياه في مصر، وذلك من خلال العديد من المشروعات، مما يرفع من كفاءة استخدام المياه في مصر، والتي تعد الأعلى بين الدول الإفريقية. كما تتضمن الإستراتيجية المائية، البحث عن مصادر مياه أخرى، مثل المياه الجوفية، ويتم استحداث نظم جديدة للرى الحديث، لتوفير استهلاك المياه في قطاع الزراعة باستخدام التكنولوجيا الحديثة. ويعتمد المحور الثالث، على تنمية الموارد المائية من خلال تحلية مياه البحر، وإجراء البحوث والتطوير؛ لتعظيم الاستفادة من كل نقطة مياه، ويرتكز المحور الأخير من الإستراتيجية على تهيئة البيئة المناسبة، من خلال التشريعات والقوانين وحملات التوعية والترشيد. الخطة القومية للمياه (2017 – 2037) وفي السياق ذاته، شاركت وزارة الري مع 9 وزارات أخرى، في تحويل تلك المحاور إلى خطة قومية للمياه (2017 – 2037)، باستثمارات تتجاوز 50 مليار دولار، لمواجهة العجز المائي الحالي، والحفاظ على نوعية المياه، وإقامة مشروعات تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى إنشاء سدود حصاد أمطار، وإدخال طرق ري حديثة، وصيانة المنشآت المائية وحماية الشواطئ البحرية، فضلا عن الانتهاء من العديد من المشروعات والبرامج القومية خلال الخمس سنوات الأخيرة، بتكلفة تجاوزت 30 مليار جنيه. ولعل ما تعانيه مصر من نقص مواردها المائية، وضع المتاح منها حاليا سكانها تحت خط الفقر المائي المحدد ب 1000 متر مكعب من المياه سنويا، ليبلغ نصيب المواطن المصري ما يتجاوز 500 متر مكعب سنويا، فضلا عن زيادة سكانية تستهلك ما يمكن توفيره بحسن إدارة المورد، بالإضافة إلى حصة مائية ثابتة منمياه النيل، منذ كان عدد سكان مصر نحو 10 ملايين مواطن، لعل هذه الظروف تبرز أهمية إحياء ذكرى اليوم العالمي للمياه سنويا، لنتذكر من خلال الاحتفال أهمية الحفاظ على المياه، ومنع إهدارها، وترشيد استهلاكها، ليتوافر لأجيال قادمة بعض من هذا المورد المهم، ليحيوا عليه.