لو تعاونت الدول المانحة والمنظمات العالمية المختصة بمجال الصحة مع الحكومات الإفريقية لتنفيذ مبادرة الرئيس السيسي بتعميم مبادرة 100 مليون صحة في الدول الإفريقية لحقق هذا الاقتراح فوائد عظيمة للأفارقة الذين أنهكت الأمراض قوى الملايين منهم وتودى بحياة مئات الألوف سنويا، وأنهكت ميزانيات الأسر الضعيفة التى تدبر بصعوبة لقمة الغذاء فما بالك بتوفير الدواء، وأثرت بالسلب على الإنتاج الوطنى وأعاقت جهود التنمية. فقد حققت المبادرة التى تهتم بالكشف عن المصابين بالالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي) والأمراض المعدية نجاحا مشهودا أشادت به منظمة الصحة العالمية حيث جرى فحص ما يقرب من 60 مليون مصرى في أقل من عام وتم صرف العلاج بالمجان من خلال مراكز العلاج الحكومية لأكثر من مليون منهم تم اكتشاف إصابتهم بالفيروس. الرئيس قال إن مصر تسعى لتعميم المبادرة على الدول الإفريقية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، في إطار أجندة الاتحاد الإفريقي للتنمية 2063، وناشد الحكومات وشركاء التنمية العمل على إيجاد حلول سريعة ووافية لتعزيز الرعاية الصحية الأولية باعتبارها حقا رئيسيا من حقوق الإنسان لتوفير حياة كريمة، مؤكدا على أن جهود توفير الرعاية الصحية الشاملة لن تكتمل إلَّا بالوصول إلى الدواء وتكنولوجيا الصحة وبناء مشاركات وتحالفات بين الحكومات والشركات والمؤسسات الدولية لضمان توفير الدواء الآمن والفعال للجميع وبتعزيز أطر التعاون الدولي في مواجهة الطوارئ والأزمات الصحية. وأشار إلى أن نصف سكان العالم يعانون من عدم الحصول على الخدمات الصحية الأساسية والملائمة وهو ما يؤثر على جهود تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بضمان حياة صحية لا سيما تحقيق الرعاية الصحية الشاملة. فضلًا عن نجاحها فى مصر تنبع أهمية المادرة من واقع تردى الأحوال الصحية فى الغالبية العظمى من الدول الإفريقية وعدم كفاية المنشآت العلاجية وعدم توافر الأجهزة الطبية بالعدد أو الحداثة اللازمة لاكتشاف الإصابة بها ولا الأدوية الكافية أوالخاصة بالعلاج لضيق ذات اليد وكثرة الصراعات التى تستنزف ميزانيات الدول مما حرم ملايين الأفارقة من العلاج وتحسين مستوى معيشتهم وأدى إلى ارتفاع نسب الوفيات إلى أضعاف مثيلاتها فى الدول المتقدمة. وتحت شعار "الاستثمار في القضاء على التهاب الكبد" أعلنت منظمة الصحة العالمية فى يوليو الماضى أن التهاب الكبد الفيروسي ( B و C ) يؤثر على 325 مليون شخص في أنحاء العالم و يسبب وفاة 1,4 مليون سنويا.كما يُعد ثاني أكبر الأمراض المعدية القاتلة بعد السل ويبلغ عدد المصابين به 9 أضعاف المصابين بالإيدز ولا يجد أكثر من 80 % من المصابين خدمات الوقاية أوالاختبار أوالعلاج. كما لا يعرف 55 مليون شخص حول العالم أنهم مصابون بالتهاب الكبد (C ) ويجهل 9 من كل 10رجال مصابين بالتهاب الكبد B أمر إصابتهم ولا تعلم 100 مليون امرأة أنهن مصابات به.أما في إفريقيا يفقد أكثر من 200 ألف شخص حياتهم كل عام جرّاء المضاعفات التي تسببها أمراض الكبد المرتبطة بالتهاب الكبد الفيروسي B وC، بما في ذلك تليُّف وسرطان الكبد.ويُصاب أكثر من 10 ملايين شخص فى القارة السمراء بعدوى التهاب الكبد C ويُعزى ذلك غالبًا إلى ممارسات الحقن غير المأمون داخل المرافق الصحية أو المجتمعات المحلية ويعتبر المراهقون الأفارقة أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد B بدون علمهم مقارنة بأي فئة عمرية أخري فى وقت يجهل 42 مليون طفل أنهم مصابون به. قبل نحو ثلاث سنوات أعلنت منظمة الصحة العالمية أن إفريقيا ووسط آسيا وشرقها هى أشد المناطق تضررًا من فيروس سى وأن إجمالي عدد المتعايشين مع المرض في الشرق الأوسط حوالي 16 مليون شخص.ودعت بمناسبة اليوم العالمي لالتهاب الكبد،تحت شعار "اعرفوا التهاب الكبد.. افعلوا شيئًا الآن" إلى التوعية بهذا المرض الصامت الذي يصيب نحو أربعمائة مليون شخص على مستوى العالم، 95% منهم لا يعلمون بإصابتهم. وقالت المسئولة الفنية عن قسم الإيدز والتهاب الكبد والأمراض المنقولة جنسيًّا بالمنظمة إنه على الرغم من أن المرض يشكل عبئًا كبيرًا على المجتمعات في شتى المناطق في العالم إلاَّ أنه ومع الأسف قوبل بالتجاهل إلى حد كبير وإن وسائل تشخيصه وعلاجه ما زالت مكلفة وقد تتخطى إمكانيات الدول النامية، خاصة تلك التي تعاني عبئًا كبيرًا فيما يتعلق بمعدلات الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي B وC. الرئيس السيسي أطلق في أكتوبر 2018 مبادرة 100 مليون صحة للقضاء على فيروس سى والأمراض المعدية بهدف إعلان مصر خالية من الفيروس بحلول عام 2023 وخفض معدل الوفيات الناتجة عن الأمراض المعدية الذى يصل إلى 70 % من الوفيات السنوية. وتشمل الحملة فحوصات التهاب الكبد الفيروسي (سي) وإجراء فحوصات ارتفاع ضغط الدم والسكر وزيادة الوزن والسمنة وتوفر علاج فيروس (سي) مجانا لكل من الأجانب والمصريين على قدم المساواة. فلم تقتصر المبادرة على المصريين وإنما شملت الأجانب واللاجئين وطالبى اللجوء وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسى فى ختام ملتقى الشباب العربى والأفريقى منتصف مارس 2019 .ففي ختام الملتقى بأسوان أعلن الرئيس تقديم الدعم لعلاج مليون من أشقائنا وشقيقاتنا في 18 دولة أفريقية ممن يعانون من الفيروس في إطار الدور الذي تضطلع به مصر في القارة الإفريقية. فهذه البُلدان تواجه عبئا كبيرًا تجاه المرض وهي: بوروندي وتشاد والكونغو الديموقراطية وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وغينيا الاستوائية وكينيا ومالي وتنزانيا والصومال وجنوب السودان والسودان وأوغندا. وتقوم منظمة الصحة العالمية بتقديم الدعم الفني للمبادرة. وقال مدير المنظمة لإقليم شرق المتوسط إنه يشعر بالسعادة لأن يرى مصر توسّع نطاق مبادرتها الناجحة الرامية إلى القضاء على التهاب الكبد C لتشمل القارة بأكملها وهى خطوة واعدة كفيلة بأن تمضي بنا قُدُمًا نحو تحقيق هدفنا المتمثل في الصحة للجميع وبالجميع. وعن التجربة المصرية في مكافحة فيروس سي قالت جومانا هرمز المسئولة بمنظمة الصحة العالمية إنها تقدّم مثالاً يُحتذَى به للدول الأخرى، بدءًا من مفاوضة الشركة المصنعة للأدوية لإتاحة الأدوية المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر بأقل من عُشر ثمنها في الأسواق الدولية إلى تحريك خدمة العلاج في المرافق الصحية وتنظيمها وتجهيزها وتفعيلها ضمن خطة عمل محددة.وشددت على أنه بالإضافة إلى العلاج تأخذ مصر خطوات مهمة للوقاية من شأنها أن تساعد في الحد من الإصابات الجديدة لا سيما في القطاع الصحي مثل خطة الحقن الآمن التي تنفذها بدعم من منظمة الصحة العالمية. وعقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعا لتسعة مكاتب لها بالدول الإفريقية التي أعلنت مصر تقديم اختبار الكشف عن التهاب الكبد C والعلاج منه لمليون شخص في 18 دولة إفريقية، بالإضافة إلى ممثلين عن المكتب الإقليمي لإفريقيا والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط وبحضور وزارة الصحة والسكان المصرية لدراسة الوضع الوبائي والتحديات ووضع خطة عمل مشتركة لدعم علاج المليون إفريقي. 194 حكومة أقرت في عام 2016 الاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن التهاب الكبد الفيروسي متضمنةً هدف القضاء على التهاب الكبد ( B و C ) بحلول عام 2030 والوصول إلى معدل تشخيص بنسبة 30 % بحلول عام 2020 ولكن تبيَّن للمنظمة أن مجموعة من الدول فقط على المسار الصحيح لتحقيق هذه الأهداف مؤكدةً أن الالتزام العالمي بالقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي ممكن تحقيقه إذا توافرت لقاحات وعلاجات بأسعار معقولة ل 70 مليون شخص مصابين بالتهاب الكبد الوبائي المزمن في إفريقيا لم يتم اختبار 9 من بين كل 10 منهم بسبب قلة الوعي وضعف إمكانية الوصول إلى الاختبارات والعلاج. وقال مسئول كبير بالمنظمة إن لقاح التهاب الكبد B الذي يُعطي عند الولادة إلى جانب لقاح الأطفال يمنع أكثر من 95 % من الإصابات الجديدة التي تؤدي إلى سرطان الكبد في وقت لاحق من العمر. ودعا الدول الأعضاء إلى وضع خطط استراتيجية وطنية كخرائط طريق للقضاء على التهاب الكبد الفيروسي وحث البلدان على زيادة التمويل المحلي وتوفير مرافق الاختبار والعلاج والاستفادة من البنية التحتية الصحية الحالية لفيروس الإيدز وغيره من الأمراض المعدية. كما دعا الشركاء الآخرين لدعم مكافحة التهاب الكبد في إفريقيا.والكل يأمل الآن أن يتعاون الجميع لتنفيذ مبادرة الرئيس السيسى بسرعة.