إغلاق المجال الجوي في مطار بن جوريون بعد إطلاق صاروخ من اليمن    مصطفى عسل يحتفظ بصدارة التصنيف العالمي للاسكواش بعد التتويج ببطولة العالم للاسكواش    دراسة تكشف: المصابون ب مرض السكري عرضة لأمراض القلب    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب في السعوديه اليوم الأحد 18 مايو 2025    محتجون يغلقون الطرق في جنزور غرب طرابلس.. ما السبب؟    جريمة وحشية جديدة.. حماس تُدين المجزرة الإسرائيلية في مواصي خان يونس    لا سلام بلا فلسطين    ماذا طلب نتنياهو من الوفد الإسرائيلي المشارك في مفاوضات الدوحة بشأن غزة؟    السفارة الأمريكية في ليبيا: التقرير عن خطط نقل سكان غزة إلى ليبيا غير صحيح    الإسعاف الإسرائيلي: إصابة شخص خلال هروبه إلى الملاجئ في بات يامبعد إطلاق صاروخ من اليمن    الدولار ب50.41 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 18-5-2025    انقسام داخل مجلس الاتحاد السكندري حول مصير مجدي عبد العاطي    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    موجة حارة تضرب البلاد.. والأرصاد تُعلن تحسن حالة الطقس اليوم    محافظ الوادي الجديد: رفع درجة الاستعداد القصوى بالمراكز لمواجهة سوء الأحوال الجوية    أمن بني سويف يكشف لغز جثة رجل مكبل اليدين والقدمين داخل سيارة    ب 20 مليون.. جهود مكثفة لضبط تشكيل عصابي سرق مشغولات ذهبية في قنا    مصرع وإصابة شخصين في حادث سيارة على طريق المطرية بورسعيد    بالتردد.. تعرف على مواعيد وقنوات عرض مسلسل «المدينة البعيدة» الحلقة 26    الغرف التجارية تنفي نفوق 30% من الثروة الداجنة وتحذر: خلال الصيف سنواجه مشكلة حقيقية    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    مجلس أمناء التكافل الاجتماعي بالدقهلية يعتمد صرف مساعدات ل700 أسرة    «المحامين» تمتنع عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات لمدة يومين    «اللوائح هتطبق».. حسام البدري: «لو بيراميدز مكان الأهلي لتم خصم 6 نقاط»    أولى جلسات محاكمة الفنانة راندا البحيري بتهمة سب وقذف طليقها| اليوم    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية قبل كأس العالم للأندية 2025    حادث وقضية وكوميديا.. محطات في حياة الزعيم    الهجرة من الموت إلى الموت    استمرار قوافل «عمار الخير» بشربين للكشف المجاني على المواطنين بالدقهلية    جداول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني في جميع المحافظات    أمطار لمدة 24 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: «تغير مفاجئ»    هزيمة 67 وعمرو موسى    ملف يلا كورة.. تأجيل بطل الدوري.. ودية الأهلي الأولى قبل مونديال الأندية.. وصفقة محتملة للزمالك    الفرص متاحة لكن بشرط.. برج العقرب اليوم 18 مايو    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    كامل الوزير يكشف سعر تذكرة الأتوبيس الترددي للمواطنين (فيديو)    نقابة المهندسين تُسلّم 225 تأشيرة لأعضائها الفائزين بقرعة الحج بالإسكندرية    للحفاظ على سلامة الطعام وتجنب الروائح الكريهة.. نصائح لتنظيف الثلاجة في خطوات بسيطة    للحفاظ عليها من التلف.. 5 خطوات لتنظيف غسالة الأطباق    نتيجة مباراة باريس سان جيرمان وأوكسير في الدوري الفرنسي    قطاع الفنون التشكيلية يُكرّم القائمين على الأنشطة المتحفية في اليوم العالمي للمتاحف    نيس يكتسح بريست بسداسية ويحسم بطاقة دوري الأبطال بجدارة    ننشر تفاصيل تسهيلات الضرائب العقارية قبل عرضها على البرلمان نهاية يونيو (خاص)    بالصور.. جينيفر لورانس وروبرت باتينسون يخطفان الأنظار في مهرجان كان السينمائي    فيلا فيضي باشا ومبنى الشوربجي.. أسبوع القاهرة للصورة يعيد الحياة إلى أماكن وسط البلد التراثية    انقطاع الكهرباء بطور سيناء اليوم الأحد 5 ساعات للصيانة    بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف شريف رزق الله.. "جوهرة النقد السينمائي" الذي أنحنى له الجميع ليلة تكريمه| صور
نشر في بوابة الأهرام يوم 12 - 07 - 2019

من الصعب أن تحمل ذاكرة إنسان العديد من الأسماء والتواريخ وكأنه حفظها بالأمس فما بالك أن تكون هذه الذاكرة لصاحب عمر متقدم، الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله كان صاحب ذاكرة حيوية ونشاط دائم وثقافة بلا حدود، فاستحق لقب "الجوهرة" التي كلما تقادمت زادت قيمتها الثمينة وأزدادت تألقًا.
يوسف شريف رزق الله الرجل الذي عاش حياته منذ الطفولة غارقا في حب السينما يعشق مشاهدة أفلامها التي يتذكر تفاصيل كل عمل منها حتى اللحظات الأخيرة في حياته وكأنه شاهدها بالأمس، فالسينما لم تكن له مجرد وسيلة عمل أو مهمة يؤديها فينقضي تعلقه بها ما أن ينجزها لكنها بالأساس حياة تمده بالروح وكأنها دماء تجري في دمه تمنحه قبلة الحياة.
يوسف شريف رزق الله فى صورة فردية .
التفوق في حياة الراحل بدأ مبكرًا عندما حصد المركز الخامس على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة وكان أمنية حياته أن يدخل معهد السينما ليستكمل فيه حبه وعشقه للسينما ولكن لم يكن مستقبل هذا الكيان الفني واضحًا في هذا الوقت، حيث إنه كان قد مر عامين فقط على افتتاحه فأورد رزق الله في رغباته عددًا من الكليات الآخرى كان من بينها كلية السياسة والاقتصاد والتي تخرج فيها، وبعدها كانت بداية الرحلة، تخرج رزق الله والتحق بالعمل في وزارة الإرشاد القومي حينها "الإعلام" في قطاع الاستعلامات 1967 لكنه لم يحب العمل بها فألحقها بدبلومة آخرى في معهد التليفزيون ليدخل المبنى الشهير "ماسبيرو" من باب قطاع الأخبار والذي تدرج في مناصبه حتى وصل إلى رئيس تحرير.
لكن عمل الراحل في الأخبار لم يأخذه من عشقه الأساسي ل"السينما" فقد كان بالفعل يكتب مقالات سينمائية بعدد من المطبوعات الصحفية، بخلاف بعض الأنشطة السينمائية التي كان يشارك بها مثل نادي القاهرة للسينما الذي كان يعرض فيلمًا للجمهور ويفتح نقاشًا معهم، ومن هنا يبدأ الراحل انطلاقة جديدة عندما جاءته الفرصة ليعد برنامج "نادي السينما" والذي كان البوابة الأولى لعبور حب السينما العالمية للملايين من محبيها الذين تلقوا ثقافتهم السينمائية على يده.
عمر الشريف ويوسف شريف رزق الله
ويبدأ الناقد المخضرم رحلة نجاح جديدة مع برنامج "أوسكار" 1980 والذي كان يمزج فيه بين التجربة السينمائية والتاريخية والاجتماعية عندما كان يعمل معدًا له وتوالى إعداد وتقديم برنامج آخر عن السينما المصرية بعنوان "نجوم وأفلام" والذي سجل منه العديد من اللقاءات مع العديد من رموز السينما المصرية.
أما برنامج "ستار" فكان نقلة آخرى في حياة الراحل خصوصًا وأنه خرج في الوقت الذي لم تكن فيه مهمة الأقمار الصناعية ظهرت على الساحة، وخلاله كان يستضيف أحد نجوم السينما العالميين عن طريق كاميرا تصوره يرد فيها على الأسئلة التي تم إرسالها إليه في حين كان يقوم رزق الله بالتصوير مع ضيوفه هنا في الاستديو بالقاهرة ثم يرسل له الشريط من الخارج ويقوم بدمج الشريطين بعد أن يقوم بترجمتها ويليها عرضه لفيلم لضيف نجم الحلقة.
يوسف شريف رزق الله خلال احدى الندوات
البرامج التي قدمها الراحل في حب السينما منها : "تليسينما" 1981 - 1995، "سينما فى سينما" 1994 - 2004، "الفانوس السحرى على قناة نايل لايف" 2004 - 2008، "سينما رزق الله على قناة نايل لايف" 2008- 2010 لكن بعيدًا عن هذه البرامج وغيرها فإن النجاحات التي تركها يوسف شريف رزق الله داخل وخارج مصر لا يمكن حصرها في سطور فيكفي أنه كان أول من وضع اسم مصر في الكثير من المهرجانات العالمية الكبرى مثل كان وبرلين والذي كان يخص التليفزيون المصري برسائله منها بخلاف تواصله مع العديد من النجوم والذين كان يجري معهم لقاءات محورية ومهمة عن أعمالهم في الوقت الذي لم تكن فيه سطوة للأقمار الصناعية والفضائيات على الساحة ما نتج عنه وضع صورة مشرفة لمصر في العالم، يفصح عن مدى اهتمامها ومتابعتها غير المحدودة للسينما وتطلعها للتواصل مع المبدعين في الصناعة بالخارج.
يوسف شريف رزق الله فى احد الندوات
وبخلاف ذلك فإن رزق الله ترك الكثير من الثقافة السينمائية حتى لمن هم من أصحاب الثقافة البسيطة والذين كانوا يتفاعلون مع برامجه التي كان يقدمها بالتليفزيون حتى أنهم كانوا يستقفونه في الشارع ويتحدثون معه عن رغباتهم في مشاهدة فيلم كوميدي أو غيره من مما ينتمي للأكشن، أما محبي ودارسي السينما فقد كان سببًا في دخول الكثير من لمعهد السينما ودراسته لهذا الفن نظرًا لما كان يحمله الراحل من معلومات وقراءاته مطلعة فقد كان دائمًا يؤكد أن القراءة هي سر مفتاح العقل ونجاحه وتقدمه، ولهذا لم تكن ثقافة يوسف شريف رزق الله مقصورة على جيل القدامى من النجوم العالميين والمصريين فقد كان يتابع بصفة دائمة النجوم الجدد من مختلف الجنسيات والأقطار، ويطلع على الأفلام التي تحقق نجاحات في ال Box office.
ومن هذه الثقافة والخبرة وشبكة العلاقات المتشعبة، قدم رزق الله رحلته بمهرجان القاهرة السينمائي والذي عاصر رحلته منذ البداية حتى تكريمه به خلال دورته الأربعين الأخيرة في نوفمبر الماضي، هذا التكريم الذي أضاف لرئيسه الجديد محمد حفظي نقطة مشيئة في رصيد عمله الجديد خصوصًا وأن الراحل لم تحتفى به التكريمات المصرية من قبل، ما دفع الحضور في ليلة الافتتاح للانحناء والتقدير للناقد فور صعوده على المسرح واستلام جائزته والذين لم ينس فيها أن يشكر جميع العاملين معه في مكتب المهرجان بالأسماء تقديرًا واحتفاءًا بهم.
يوسف شريف رزق الله و مريم فخرالدين تتسلم جائزتها
لم يكن رزق الله مديرا فنيًّا عاديًا لمهرجان القاهرة السينمائي بل كان يتابع كل صغيرة وكبيرة ويلتزم المكوث في العمل بمكتب المهرجان ومشاهدة مئات الآفلام بصورة متواصلة تحديدًا خلال الست أشهر الأخيرة قبل انطلاق دورة المهرجان الجديدة في كل عام، وما أن يبدأ الحدث إلا ويبدو رزق الله في طاقة وقوة شابًا صغيرًا يبدأ عمله من الصباح الباكر متواجدًا في فعاليات المهرجان يتابع عرض الآفلام ونداوات المكرمين ويحاول حل المشكلات الفنية التي كانت تنتج في دورات سابقة ولا يتسنى في الرد والاستفسار عن أي أزمة بل أن الراحة وعدم إخفاء المعلومة كانت عنوانًا رئيسيًّا.
يوسف شريف رزق الله يظل من الداعمين للقيادات الشابة وقد ظهر هذا جليًّا على مدى السنوات الأخيرة في عمر المهرجان عندما دعم قيادة شابة مثل الناقد أحمد شوقي المدير الفني المساعد بمهرجان القاهرة السينمائي وكذلك في وقوفه مع تجربة رئاسة محمد حفظي لمهرجان القاهرة السينمائي بالعام الماضي.
يوسف شريف رزق الله .. رجل عشق السينما، وأصبح واحدًا من الرموز التي يندرج اسمه بها في الموسوعات السينمائية العالمية وكم كان يحزنه تراجع تذوق الجمهور المصري لفن السينما التي كان هو شديد الحرص على أن يقدم ثقافته بها من خلال القنوات الحكومية كالتليفزيون المصري ولم يفكر في نقلها لفضائيات خاصة حرصًا منه على نشر ثقافة وحب السينما في المجتمع المصري بين فئاته البسيطة أيضًا.
وفي حوار سابق مع "بوابة الأهرام" مع الناقد المخضرم عن أزمة الذوق العام لدى المصريين وعزوف الجماهير عن الذهاب للسينما، قال: " قديمًا لم يكن هناك سوى قناتين وكان التليفزيون لديه ميزانية وإمكانات تسمح بالتعاقد على أفلام وحينها كنت أقدم برامج كثيرة في هذا الاتجاه مثل نادي السينما، تلي سينما، ستار، سينما وسينما ونجوم وأفلام ثم توقفت هذه البرامج مع بداية الثورة ولم يعد هناك برامج للثقافة السينمائية وللثقافة بشكل عام كالباليه والأوبرا والموسيقى العربية، وللأسف الجيل الجديد ليس لديه فكرة عن تاريخ السينما وكنت حريصا على عرض تاريخ السينما قديمًا في الوقت الذي لم يكن هناك فيه نت أو شىء آخر، وكانت المعلومات تأتي من موسوعاتي الشخصية وما يسعدني أنه حتى هذه اللحظة أن جماهير كبيرة لا تزال متذكرة هذه البرامج.
مريم فخرالدين تتلقى التهنئة على تكريمها
أما عزوف الجماهير عن الذهاب للسينما فيعود لضغوطات الحياة وارتفاع سعر تذكرة السينما والمواصلات، وقديمًا كانت السينما منتشرة أكثر، وكنت أذهب إلى السينمات الصيفية التي اختفت أو الدرجة الأولى أو الثانية التي تعرض فيلمين وكان هناك نادي السينما الذي يعرض فيلم كل أسبوع وتوزع معه نشرة تشرح الفيلم لذلك الناس كان عندها وعي".
يظل اسم يوسف شريف رزق الله رمزًا وأيقونة للفن والسينما المصري بشقيها العالمي والمصري، تبقى برامجه ومقالاته علامة فارقة لأجيال رحلت وآخرى مستمرة وقادمة، ويظل الأهم في رحلة الراحل الذي وافته المنية صباح اليوم الجمعة بعد أن دهم مرض الفشل الكلوي جسده النحيل، "الإخلاص" و"التفاني" في عمله الذي لم يجعله يتأخر عنه يومًا واحدًا حتى في ظروف مرضه الأخيرة والتي كان يحضر فيها الاجتماعات التحضيرية لمهرجان القاهرة السينمائي حتى اللحظات الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.