للأسف الشديد إن ما يشهده الشرق الأوسط التعيس من أحداث وتوترات هذه الفترة يٌنذر بالكثير من المصائب والكوارث التي قد تُزيد من تعاسته وانقساماته وشروخه، وها هي طبول الحرب تٌقرع بين إيرانوأمريكا ويتزايد التصعيد الأمريكي - الإيراني غير المسبوق والقوات الأمريكية يُعج بها الخليج العربي، بالإضافة بالطبع إلى القوات الموجودة بالفعل في أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخارج وهي قاعدة العٌدين العسكرية في قطر، والقابعة خلف قناة الجزيرة التي صدعتنا بمحلليها وإستراتيجييها عن التدخل الأمريكي وعن العدوان الأمريكي المٌحتمل على إيران.. ما علينا هذا ليس موضوعنا.. ونعود للصفيح الساخن الذي أصبح الشرق الأوسط ينكوي بناره.. وها هي إيران أعلنت التخلي عن بعض فصول الاتفاقية النووية مع الغرب، وهددت بإغلاق الممرات من وإلى حقول النفط في الخليج.. رأينا أيضًا ما تعرضت له السفن وناقلات النفط السعودية أمام سواحل دولة الإمارات من اعتداء وتخريب، وأيضًا ما تعرضت له بعض مخازن النفط السعودي من أعمال تخريبية، ويقف وراءها بالطبع عٌملاء إيران في المنطقة، والأمريكيون بعثوا بحاملة طائرات إلى المنطقة في حراسة أسطول حربي ويرافقه المستشفى البحري الأمريكي.. فهل ستنشب الحرب في المنطقة قريبًا؟ وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد قامت بتشديد العقوبات ضد إيران، وأصبحت صادرات النفط صعبة جدًا بالنسبة إلى طهران، وأكثر صعوبة من ذي قبل، كما أن واشنطن سبق لها وصنفت الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية وصادرت أمواله.. مما جعل إيران تشعر بأنها مٌهددة بشكل خطير؛ وذلك لأنها تخشى أن تتسبب العقوبات الأمريكية في انهيارات اقتصادية إضافية؛ وبسبب ذلك أصبح الخطاب السياسي لنظام الملالي أكثر تشددًا، ويتحدى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بشكل مستفز.. وهدد قائد البحرية للحرس الثوري الأيراني، وأيضًا الرئيس روحاني، هددا مؤخرًا بإغلاق مضيق هرمز في الخليج، وهو ما يعني صراحة إعلان حرب.. حيث يمر عبر هذا الممر البحري قرابة ال 30% من النفط الخام العالمي.. نعم إغلاق ممر مضيق هرمز سهل التنفيذ؛ حيث يبلغ عرضه 40 كيلو مترا، وحاملات النفط العملاقة لا تمر إلا من بعض المواقع المحددة في الممر، واذا تم وضع بعض الألغام فيه ستشل حركة عبور الناقلات، وإذا لجأت إيران لهذا، فإنه لا يمكن تفادي الحرب، واستعداء الولاياتالمتحدةالأمريكية مباشرة، وجميع الدول المُصدرة للنفط على ساحل الخليج.. ويبقى السؤال.. هل كل ذلك سببه انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران..؟ في رأيي الشخصي أن إيران وشركاءها في الاتحاد الأوروبي يتمسكون بالاتفاقية، ولكن يريدون تفادي العقوبات الأمريكية من جانب واحد ضد إيران؛ الساعية للحصول على كميات أكبر من اليورانيوم للتخصيب؛ من أجل مشروعهم النووي السلمي كما يزعمون.. الواقع - الذي لا يقبل أي شك - هو أن نٌذر الحرب قائمة بعد أن رفعت الولاياتالمتحدةالأمريكية من وجودها العسكري في الخليج، فالأسطول البحري "إبراهام لينكولن" وصل بالفعل إلى المنطقة، وطائرات "بي 52" جاهزة في قاعدة "العٌدين" القطرية؛ ليكون رد فعل الولاياتالمتحدةالأمريكية على أي استفزاز أو هجوم من الجانب الإيراني مضمونًا وفوريًا في أي لحظة.. ولا أحد يعرف مخططات إيران في هذه الحالة، قد يخططون لهجمات على وحدات أمريكية في العراق وسوريا، أو عبر الحوثيين في اليمن أو عبر حزب الله في لبنان. فإيران ليست دولة ضعيفة، ولديها أدوات للرد على أي ضربة أمريكية محتملة، ولا توقعات في هذا المجال، وطبعًا أمريكا قادرة على الرد الموجع؛ ولكن ما هي النتائج المترتبية على ذلك؟.. الله وحده يعلم.. الشيء الوحيد المؤكد - والمؤسف - هو أن منطقة الخليج والشرق الأوسط على صفيح ساخن جدًا جدًا جدًا.. وربنا يستر وهو المٌستعان.. وللحديث بقية وكل عام وأنتم بخير.