قبل أسبوع من الموعد المقرر لإجراء انتخابات الرئاسة المصرية، يحبس الساسة في أنحاء الشرق الأوسط أنفاسهم، فيما تستعد القوى الكبرى في المنطقة لتموجات جيوسياسية تمتد من البوسفور إلى مضيق هرمز، طبقا لمحللين. ومن المقرر أن تجري مصر انتخاباتها الرئاسية يومي 23 و24 مايو، وهي الأولى منذ اندلاع الثورة الشعبية، التي أرغمت الرئيس حسني مبارك على التنحي في فبراير 2011. ويقول يورام ميتال، من مركز الدراسات السياسية التابع لجامعة بن جوريون الإسرائيلية: "ينظر إلى تلك الانتخابات باعتبارها تتويجا (لثورات) الربيع العربي، التي يرى معظم الإسرائيليين أنها كانت ذات تأثير سلبي للغاية"، وكانت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979. وتصدى مبارك، الذي كان حليفا لإسرائيل طيلة فترة حكمه على مدار 30 عامًا، مرارا لدعوات من قبل المعارضة لإلغاء المعاهدة التي وقعها سلفه الرئيس أنور السادات الذي اغتيل عام 1981، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي إن المعاهدة تعود بالنفع على كلا البلدين ولابد من الالتزام بها. وبالرغم من أن قلة من الإسرائيليين يخشون من إمكانية تخلي مصر عن الالتزام بالمعاهدة التي تعهد معظم الطامحين للرئاسة بالتمسك بها، غير أن المحللين يرون أن من سيصبح رئيسًا لمصر، مهما كان، سيكون منتقدا لإسرائيل بشكل كبير. وقال ميتال لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "لقد ولت الأيام التي تستطيع إسرائيل فيها أن تضرب غزة وتتوقع أن تقصر مصر رد فعلها على بيان صحفي فقط"، والتزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت إزاء الانتخابات المصرية، غير أن ائتلاف يمين الوسط الإسرائيلي بزعامة نتنياهو يراقب عن كثب تلك الانتخابات. ويقول مراقبون إن الائتلاف يستعد لما تصفه وسائل الإعلام ب"السيناريو الأسوأ"، وهو فوز المرشح الأوفر حظا عمرو موسى، وزير خارجية مصر الأسبق الذي اشتهر بانتقاداته اللاذعة لإسرائيل، وعلى الرغم من أن موسى راهن بشكل كبير على انتهاج موقف معتدل إزاء العلاقات المستقبلية مع إسرائيل،يقول مراقبون إن نتنياهو "يبدي انزعاجه" إزاء إصرار الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية على الاستئناف الفوري لمباحثات السلام. وقال ميتال: "ربط موسى في خطاباته مرارا بين الأمن القومي لمصر والتوصل لحل دائم للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وسبب ذلك حالة من عدم الارتياح بين أولئك الذين يرون أن الآن ليس هو الوقت الصحيح لمباحثات السلام"، وبينما يدقق الإسرائيليون في تصريحات ومواقف كل من المرشحين ال 13 في سباق الرئاسة المصرية، يرى المحللون أجواء أكثر طمأنينة في تركيا،حيث ينتظر واضعو السياسات تحسنًا كبيرًا في العلاقات مع مصر. وتقول صبيحة جندوجار، رئيسة برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة "تي إي إس إي في" البحثية التي تتخذ من اسطنبول مقرا لها: "ثمة شعور في تركيا بأن الأمر لا يهم كثيرا إذا كان الفائز هو عمرو موسى أو مرشح الإخوان المسلمين أو أي متنافس آخر"، وتضيف: "الأمر الأكثر أهمية هو أن تصبح مصر دولة مستقرة وديمقراطية". وبينما تخشى قوى إقليمية أخرى تحولا في سياسة مصر الخارجية، تقول جندوجار إن تركيا تهتم بشكل أكبر بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي قالت إنها "ازدهرت" منذ الإطاحة بمبارك. وتقول: "هناك تقدم ملحوظ تم مؤخرا في العلاقات الاقتصادية مع مصر. وترغب الحكومة التركية في التأكد من أن الرئيس القادم مهما كان سيحافظ على تلك العلاقات". كما يرى المراقبون أن نتيجة الانتخابات المصرية ستستحوذ كذلك على اهتمام دولة قطر في ظل تنامي نفوذها الإقليمي، ويقول مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "ثمة اعتقاد بأن أي سوء تفاهم بين قطر والرئيس المقبل لمصر قد يسفر عن نتائج سلبية سريعة". ويضيف: "ترغب قطر في الاستمرار في توسيع نفوذها المتنامي في العالم العربي،وسيعتمد ذلك على وجود علاقات جيدة مع رئيس مصر الجديد"، وبغض النظر عمن سينتخبه المصريون لحكم البلاد للأعوام الأربعة المقبلة، يرى المحللون أن إيران ليست أمامها فرصة كبيرة للابتهاج. فلقد أخفقت إيران في الترويج لفكرة أن الثورات، التي انطلقت عبر العالم العربي منذ أواخر 2010 ، هي امتداد لثورتها الإسلامية التي اندلعت عام 1979، طبقا لمحللين. ويقول عريب الرنتاوي، من مركز القدس للدراسات السياسية في عمان: "بينما سعدت إيران بالتأكيد لرحيل مبارك،فإن مخاوفها من الانتقال الناجح إلى رئيس منتخب ديمقراطيا (في مصر) سيلقي الضوء على أزمتها السياسية الداخلية". كانت إيران قطعت علاقاتها مع مصر عام 1979 احتجاجا على توقيع الأخيرة على معاهدة السلام مع إسرائيل، كما توترت العلاقات المصرية - الإيرانية في ظل نظام مبارك بسبب ما وصفته مصر بتدخل إيران في الشئون العربية ودعم حزب الله اللبناني الموالي لها.