د. حاتم عبدالمنعم أحمد تشير بعض الدراسات الميدانية والواقع المعاصر إلى أن معظم الأحزاب السياسية بعيدة عن قطاعات كبيرة من المواطنين، وأن هناك عزوفًا جماهيريًا واضحًا عن الانضمام لأنشطة الأحزاب السياسية بوجه عام، ما يعني غياب قطاعات كبيرة من الشعب عن المشاركة في أنشطة الأحزاب، وهذا يستلزم جهودًا ودراسات مكثفة من هذه الأحزاب لدراسة أسباب إحجام قطاعات كبيرة من المواطنين عن الانضمام والمشاركة في الأنشطة الحزبية، كما يقتضي البحث عن وسائل وقضايا مناسبة لجذب المواطنين للأنشطة الحزبية، وأعتقد أن مشكلات وقضايا البيئة تهم وتمس كل مواطن؛ سواء في الريف أو الصحراء أو الحضر وتعتبر وسيلة رئيسية لجذب المواطنين، وتدعيم الثقة بين المواطن والحزب؛ لأن المواطن المصري بوجه عام يعاني من مشكلات البيئة بمختلف صورها، والأحزاب بما لديها من اتصالات وتأثير على الجهات التنفيذية وخبرات وخبراء في المشاركة الشعبية وقيادة العمل الاجتماعي لحل مشكلات الجماهير، ومن ثم فالأحزاب هي من أهم الجهات القادرة على قيادة الجماهير في مجال حماية البيئة بوجه خاص؛ لأن المصلحة هنا مشتركة بين الأحزاب والجماهير والمسئولين والجهات التنفيذية، فالبيئة تجمع كل الأطراف ويستفيد الجميع من هذه الجهود، ولذلك نجحت أحزاب الخضر في الغرب بوجه عام. وفي الانتخابات الأخيرة من أسابيع حصل حزب الخضر فى ألمانيا على نحو 19% وهي نسبة عالية في الدول الغربية وتجعل انضمامه لأي حزب آخر فرصة مؤكدة لتشكيل الحكومة، كما تجعل اتحاده مع أي حزب آخر سمعة طيبة وشرف؛ لأنهم يدافعون عن حقوق الشعب في بيئة صحية، وهذا يعطي حزب الخضر قوة في فرض شروطه فيما يتعلق ببرنامج الحكومة للاهتمام بقضايا البيئة، ولذلك أصبحت أحزاب الخضر في الغرب من القوة؛ مما يجعلها قادرة على حسم الانتخابات عند انضمامها لأي حزب، ومن ثم تسعى جميع الأحزاب للتعاون معها وكسبها واستطاعت إلزام معظم المصانع بتركيب فلاتر ومرشحات لحماية المواطن من التلوث، بل إنها نجحت في تغير سياسات بعض الحكومات وإلزامها بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة مثل تغير المناخ، ومن هنا يستفيد الجميع، ومن جانب آخر الأحزاب السياسية هي القادرة على تعديل أو إصدار تشريعات مناسبة في كافة قضايا البيئة من خلال علاقتها بالسلطة التشريعية المسئولة عن إصدار القوانين، كما أن الأحزاب السياسية هي الأقدر على متابعة تنفيذ القانون والتقويم أو التعديل عند الحاجة، كما أنها الأجدر بنشر الوعي البيئي والثقافة البيئية بوجه عام بين الجماهير مثل ترشيد استخدام المياه؛ سواء في الزراعة أو المسكن وخلافه ومشكلات الصرف الصحي والكهرباء، كما أنها قادرة على تنفيذ مشروعات صغيرة صديقة للبيئة مثل جمع المخلفات أو مشروع البيوجاز وغيره. ونخلص مما سبق بأن حماية البيئة في حاجة لجهود الأحزاب السياسية وهذه الأحزاب في حاجة أشد لتبني قضايا البيئة، وهى قضية كل مواطن وأنه كلما اعتمدت الأحزاب على قضايا البيئة ونجحت فيها زادت شعبيتها وقاعدتها الجماهيرية، ويستفيد المواطن والحزب والوطن ويقل التلوث ويزداد الجمال ويختفي القبح وتزدهر السياحة والاقتصاد، والجميع رابح بإذن الله؛ لأن ماينفع الناس يبقى ويزدهر ويثاب عليه في الدنيا والآخرة إن شاء الله. وتبقى مسئولية كل مواطن عن حماية البيئة فكلكم راعٍ وكل راعٍ مسئول عن رعيته بداية من أصغر مواطن لأكبر مسئول، فكل فرد مسئول عن نظافة كل شبر فى نطاق قدرته، ثم الدعوة لمشاركة الجيران والأصدقاء لتنظيف وتشجير الحي، كما أن لكل فرد دوره في نشر الوعي البيئي وخطورة التلوث وكيفية مواجهته والحد منه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للعمل على إيجاد عرف بيئي ووعي شعبي بقضايا البيئة والتلوث. كما لابد من إعادة النظر في تشكيل وزارة البيئة؛ بحيث تضم ممثلين لكافة قطاعات الدولة؛ مثلما يوجد فى كثير من الدول الأخرى، حيث تضم وزارة البيئة أعضاء من وزارات الدفاع والداخلية والاقتصاد والمالية والبحث العلمي والزراعة والسياحة وغير ذلك؛ لتديعم الوزارة، وتكون قراراتها متسقة مع كل الجهات المعنية، مما يكسبها قوة ومكانة.. والله الموفق.