لم يكن الطريق إلى 25 أبريل سهلا، بل كان طريقا شاقًا عسكريًا وسياسيًا سالت عليه الدماء الطاهرة لشهداء الوطن الأبرار، وشهد بطولات خارقة للمصريين حطمت أسطورة "الجيش الذي لا يقهر". لقد كانت سيناء الساحة الرئيسية للصراع العربي الإسرائيلي وبالتحديد لأربع حروب متتالية بداية (1948- 1956- 1967- 1973)، إلا أن الدور الذي لعبته سيناء اختلف من حرب إلى أخرى. لقد بدأ الشعب المصري احتواء آثار الصدمة عقب نكسة 67، ويعد الصمود أعظم مراحل المقاومة وإغراق المدمرة "إيلات" في أكتوبر 67 أمام بورسعيد، وردود الفعل العالمية لهذا الحدث في الاستراتيجيات البحرية. ثم بدأت حرب الاستنزاف من مارس 69 إلى أغسطس 1971 وهى بكل المقاييس تجربة رائدة من تجارب المقاومة ضد الاحتلال ثم بدأت مصر بعدها مرحلة التخطيط والإعداد لمعركة المصير أعظم حروب التحرير في العصر الحديث في 6 أكتوبر 1973، وهى انتصار للعسكرية المصرية والعربية بصفة خاصة وللعسكرية في العالم الثالث بصفة عامة. وبعدها خاضت مصر حربها لتحرير سيناء ولم تيأس مصر أمام العناد الإسرائيلي حتى دفعت إسرائيل لقبول الانسحاب في 25 أبريل 1982، وكانت تلك الفترة قد شهدت أصعب مفاوضات أجريت والتي استغرقت 6 سنوات من عام 73 إلى عام 79، وتم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والتي نصت على "الانسحاب الاسرائيلى الكامل من سيناء حتى الحدود الدولية". وبعد إتمام عملية الانسحاب الإسرائيلي من سيناء على ثلاث مراحل تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا، التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة 7 سنوات، وانتهت باستردادها ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس 89 لتكتمل مسيرة النضال من أجل تحرير سيناء. ففي الحرب العربية الإسرائيلية الأولى في 15 مايو 1948 لم تكن أرض سيناء سوى معبر لقوات الجيش المصري نحو أرض فلسطين بعد يوم واحد من إعلان الزعماء الإسرائيليين عن تأسيس دولتهم وفتح أراضيها أمام هجرة يهود العالم من كل الدول. وكان قرار الرئيس جمال عبد الناصر بإغلاق مضايق تيران وخروج قوات الأممالمتحدة من الأراضي المصرية من الأسباب التي اتخذتها إسرائيل مبررا لها لشن حرب 1967، واستمر الاحتلال ست سنوات إلى أن عبر الجيش المصري قناة السويس 1973 ودمر خط بارليف وتم استرداد سيناء. وما أن انتهت معركة التحرير حتى بدأت معركة التعمير والعمران ، تم إعداد خطط متكاملة لتعمير سيناء كجزء غال على الجميع فقد قرر مجلس الوزراء في عام 1994 جعل سيناء منطقة جذب سكاني من خلال خطة تنمية شاملة وأعيد صياغتها في عام 2000، لتضم محافظات القناة وذلك بمقتضى مشروع بلغت تكاليفه 110.6 مليار جنيه، بما يسمى المشروع القومي لتنمية سيناء حتى عام 2017 لربطها بالوادي والعالم الخارجي. وخلال عدة أعوام من حركة التعمير والتنمية، تم تشييد 4 شرايين عملاقة لربط الواديبسيناء وهى: "نفق الشهيد أحمد حمدي وكوبري مبارك للسلام فوق قناة السويس وكوبري الفردان لعبور القطارات بين الفردان والعريش "والشريان الرابع هو ترعة السلام التي تعتمد على مياه النيل لرى واستصلاح نحو 500 ألف فدان. كما تم تجديد شبكة خطوط السكك الحديديةالتى امتدت من القنطرة إلى رفح وتمت توسعات كبرى فى مينائي نويبع والعريش، كما تم إقامة العديد من الطرق بإجمالي أطوال 1520 كيلو مترا وذلك لربط القرى والمدن ببعضها، وأقيمت عشرات القرى والمشروعات السياحية في الأماكن التاريخية فى سيناء، وتعددت المدارس والمستشفيات ومراكز الخدمات والإنتاج في شمال وجنوبسيناء وتحولت أرض سيناء لمناطق لاجتذاب المستثمرين. ويرى الخبراء رغم الخطوات الإيجابية التي تم إنجازها في مجال التنمية والتعمير في سيناء فلا تزال تحتاج إلى جهد أكبر، فإن سيناء التي تحمل فى إحشائها ذلك الكنز المدفون من الثروات المعدنية التى حباها الله بها إنها ليست صندوقا من الرمال وإنما هي، وبالدرجة الأولى، صندوق من الذهب الأسود الذي جعل منها إلى جانب الميزات الأخرى نعمة كبرى لمصر. وتتميز سيناء بالثروات المعدنية الهائلة، ففيها مناجم المنجنيز ومناجم الفحم والكبريتات ورمل السليكون والرمال السوداء بالإضافة إلى خامات مواد البناء مثل الإسمنت والجير والرمال والرخام والجرانيت، كما تتميز بثرواتها البترولية ومن أهم حقول البترول بلاعيم برى وبلاعيم بحري وأبو رديس وسدر وعسل وكلها توجد في القطاع الغربي فى جنوبسيناء بمحازاة خليج السويس. أما بالنسبة للسياحة، فسيناء تتمتع بمقومات دينية وطبيعية، كما أن طبيعة سيناء مناسبة لسياحة السفاري وتسلق الجبال، علاوة على انتشار ينابيع المياه والآبار ذات الخصائص الطبية ومن أهمها عيون موسى. وتسيطر سيناء على الطرق البحرية بين البحرين المتوسط والأحمر وهى الجسر الطبيعي بين قارتي آسيا وأفريقيا، وهى بوابة مصر الشرقية، ولذلك جاء معظم الغزاة عبر هذه البوابة منذ العصور القديمة، وتبلغ مساحة سيناء نحو 61 ألف كيلو متر مربع وأجزاء كبيرة من أراضى سيناء مغطاة بالجبال. وتعيش سيناء أزهى عصورها بعد أن انتهت عزلتها وعادت إلى أحضان الوطن، وستظل رمزًا على قدرة أبناء مصر على مواجهة التحديات في الحرب والسلام.