ربما حقق الفنان تامر حسني أرقامًا قياسية في نسب المشاهدة في عدد كبير من أغانيه سابقًا، تضاهي ذلك الرقم الذي حققه في أغنيته الأخيرة "عيش بشوقك"، والذي تخطى حاجز ال 15 مليون مشاهدة، لكن تبقى الأخيرة صاحبة البصمة الأهم في مشوار تامر حسني، بل إنها ربما تكون العمل الذي يمثل نقلة حقيقية في مشواره الذي بدأه مطلع الألفية الجديدة. "عيش بشوقك"، هي التجربة الآكثر وعيًا في مشوار تامر حسني، تلك الأغنية التي التحم فيها الفنان مع أصحاب الطبقة المتوسطة، والبسطاء، الذين لم يعبر عنهم إلا بعدد من المشروعات السينمائية المهلهلة التي قدمها في بداية رحلته، أبرزها "سيد العاطفي"، هنا يخوض تامر الذي حصر في السنوات الماضية بكونه مطرب الطبقات الأرستقراطية الذي تقتصر حفلاته على شريحة اجتماعية معينة داخل وخارج مصر، لذلك جاءت أغلب أغانيه تتحدث عن العاطفة والهجر، حتى أن أعماله أصابها عدوى التكرار والاستهلاك على مستوى الكلمات والألحان بخلاف التصوير واللوك الذي يظهر به في أغلبها. من عنوان الأغنية "عيش بشوقك"، يعلن تامر حسني تمرده على ذاته، يلتحم مع جمهوره، وكأنه لسان حال لهم يحدثهم، ويبعث لهم برسالة تفاؤل وأمل، تكون معينًا لهم وسط عدد من الأزمات والظروف اليومية الطاحنة التي يمرون بها، ويزداد وهج العمل بالحالة التي يقدمها حسني بها يجمع فيها بين شخصية الراوي الذي يتحدث بهدوء في مطلعها، وكأنه يفتح حوارًا بينه وبين صديق ويقول: "لو من تقل الهم عليك فاض بيك ..لو ليك أي شكوك متشكيش واسمع نصايحي..ولو الدنيا مغلباك ومشقياك ووهدات غسيل ومكواة إلبلسها الوش الفرايحي". يدخل تامر جمهوره في حالة سريعة من البهجة عقب هذا الكوبليه ويقول: "وإن كنت مفلس خالص خالص ومحلتكش جنيه..قول ع الجزمة الباتة اللي أنت لابسها أنها سينيه..مثل ع الدنيا في عز الفقر أن أنت سعادة البيه..متخليش حد يقولك شايل طاجن ستك ليه..وبشوقك عيش بشوقك ودماغك املاها على ذوقك"، وفي هذه الكلمات المصحوبة بإيقاعات مفرحة، يقترب تامر أكثر من شريحة أكبر وجديدة من الشباب لم تكن مدرجة ضمن قائمة اهتمامه سابقًا. ولأن هذه الكلمات تقترب من مزاج جماهيري كبير باتت هي أغنية الشارع حاليًا، فبالرغم من طرح عدد من الأغاني السينجل والألبومات، إلا أنها تبقى متصدرة المشهد الغنائي، ولعل تامر حسني كان أذكى هذه المرة بطرح أغنيته على عدد كبير من القنوات الفضائية غير متخصصة فقط في المزيكا، مما زاد من شعبيتها وتعلق أذن المستمعين بها. التصوير البسيط الذي صاحب أغنية "عيش بشوقك" تحت قيادة المخرج هادي الباجوري، كان أيضًا أحد عوامل نجاحها، حيث التصوير بالقاهرة داخل مدينة الإنتاج الإعلامي في شكل مبهج ومداعب للجمهور في خطوة تبتعد عن السفر والتصوير بالخارج كعادة أعمال الفنان بالفترة الأخيرة، مما يجعل الأغنية محلية الصنع تنسجم مع حالة الأغنية، لكن ربما يؤخذ على الفنان ملابسه فقط للأغنية التي بدا عليها الفخامة قليلًا، برغم أنه يتحدث عن أغنية تخالف موضوعها ذلك، مما كان يتطلب معه تفاصيل الملابس بالعمل بإرتدائه ملابس أقل فخامة، لكن رغم ذلك، فإن هذا لا يمنع جهد الفنان الذي بذله في إنتاج عمل ناجح ومشرف بمشواره. يُضاف لذلك، أن أغنية "عيش بشوقك" جمعت بين عدة ألوان موسيقية، بل إنها تدمج مثلًا شعبيًا في نهاية مقطعها "إصرف ما في الجيب" في مقطع مقسوم شرقي بحت، مما يزيد من جمالية الأغنية، بل إنه يكشف عن مساحات صوتية غير مستغلة من الفنان، الذي لربما يعلن تمرده كاملًا في مشروع ألبومه المقبل المقرر طرحه خلال أيام.