زراعة بنى سويف: حصاد 16 ألف فدان قمح بالمحافظة من إجمالي 119 ألفا    البنك المركزي التركي يبقى على أسعار الفائدة عند 50% رغم ارتفاع التضخم    توريد 22 ألف طن قمح للشون والصوامع الحكومية بالمنيا    في ذكرى تحرير سيناء ال 42.. التفاصيل الكاملة حول أول قطار تجريبي على كباري الفردان لدخول أرض الفيروز    حرب غزة.. كيف لها أن تنتهي بعد مرور 200 يوم على اندلاعها؟    الرئيس الفلسطيني يشدد على ضرورة وقف إطلاق النار فورا في غزة ومنع التهجير    ربيعة: نعلم حجم التحديات التي ستواجهنا أمام مازيمبي.. وهدفنا التتويج بلقب أفريقيا    قنصل مصر في غانا يستقبل بعثة الزمالك    مدرب الترجي: سنعمل على تعطيل القوة لدى صن داونز.. وهدفنا الوصول لنهائي إفريقيا    بعد إعلان استمراره.. ثنائي جديد ينضم لجهاز تشافي في برشلونة    ياسر إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    استدعاء شهود العيان في مصرع بائع نتيجة صعق كهربائي بأكتوبر    نقابة الموسيقيين تنعى مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    أكاديمية الفنون تنظم مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث بمشاركة 11 دولة منتصف مايو المقبل    منافسة قوية لأبطال مصر في البطولة الأفريقية للجودو.. ورئيس الاتحاد: الدولة المصرية والشركة المتحدة لا يدخرون جهدا لدعم الرياضة    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    وزيرة البيئة تترأس مع الجانب الألماني جلسة النظام العالمي لتمويل المناخ    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    صعق حتى الموت.. التفاصيل الكاملة للعثور على جثة «بائع» في سوق أكتوبر القديمة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    هشام الحلبي: إرادة المصريين لم تنكسر بعد حرب 67    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    كاتب أمريكي يتهم حماس بالوقوف وراء الاحتجاجات الطلابية بالولايات المتحدة    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات في المترو
نشر في بوابة الأهرام يوم 19 - 07 - 2018

لابد أن يراعى كل منا الله في علاقته بربه وضميره والناس، ربنا وحده مطلع على عملك وقلبك وداخلك، بهذه العبارات كان يحدث بها أحد الركاب بمترو الأنفاق من يجلسون أمامه، بصوت عال وبنبرة تشنج، أثارت حنقي وغيظي، ورجل آخر كبير السن يجلس أمامه، يقر له ما يقوله ويدعو إليه، قائلا له: نعم ربنا مطلع على عملي وعملك، وأنا عبد وأنت عبد، والآخر المتشنج يرد عليه قائلا: نعم ربنا مش مستنيك علشان تعرفني إننا عبيد له، وآخر يقول لهم: السعادة هنا، مشيرًا إلى قلبه، مستطردًا، إذا سعد القلب ارتاح الجسد كله، ولم يصب بتعب ووهن، وبين تراشق الحديث من هنا وهناك، وتفرع الحوار، كل يدلو بدلوه، في صخب متعالي الأصوات، جلس ركاب عربة المترو التي كنت أجلس بها عائدًا من عملي ينصتون إلى تلك الحوارات.
كما قلت آنفًا، أثار غيظىي هذا الرجل، عال الصوت، الذي يرى في فرض علو صوته على الآخرين، سبيلا للدعوة بالإقناع - كما يظن ويعتقد - وكم كنت أود أن أبارزه فكريًا، لأخرسه وصوته المستفز وطريقته المنفرة، معلمًا إياه أن الدعوة إلى الله لا بد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع الراقي الذي علمنا إياه ربنا سبحانه في قوله: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (125النحل)، وقوله تبارك وتعالى مشبهًا حال وخلق حبيبنا وقدوتنا "صلى الله عليه وسلم" في دعوته إلى ربه: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران 159).
ولكنى آثرت ألا أتحدث مصداقًا لقول وإقرار نبينا الحبيب "صلى الله عليه وسلم" القائل: "أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حَسُن خلقه"، فآثرت ترك المراء –الجدال - مع أمثال هؤلاء المنفرين من الإسلام، والدعوة إليه، المعجبين بأصواتهم العالية وفرضه على من حولهم بالقوة المستهجنة المنفرة.
ورد بموسوعة الأخلاق بالدرر السنية فوائد الحكمة في أنها سمة من سمات الأنبياء والصالحين، وعلامة للعلماء العاملين، ومزية للدعاة المصلحين، وتكسو العبد بثوب الوقار، وتحليه بحلية الهيبة، وتخلع عليه ثياب البهاء والإجلال، يكون صاحبها كالغيث حيثما حل نفع، وأينما وضع أفاد، فيتعلم منه الكبير والصغير، ويكون مصدر خير بإذن الله.
وهكذا ينبغي لمن يتصدى لدعوة غيره بالحكمة والموعظة الحسنة أن يتحلى ويتصف بما سبق ذكره، وإلا كانت دعوته مردا عليه، وإثمًا يحمله إلى يوم القيامة، يقول أبو بكر الخلال في كتابه "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، إلا من كان فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر عدل بما ينهى، عالم بما يأمر عالم بما ينهى).
وإذا كان ديننا يدعونا إلى الرفق والدعوة بالموعظة الحسنة، وأن نقول للناس حسنًا، فإنه يدعو متبعيه أيضًا ألا يحملوا أنفسهم من العبادة مالا يطيقونه، فإسلامنا دين يسر وسهولة، والمتبع له يوغل فيه برفق، يقول نبينا "صلى الله عليه وسلم": "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة، والروحة، وشيء من الدلجة"
من النماذج التي ضربها لنا رسولنا فخر الكون "صلى الله عليه وسلم" أسوة حسنة في الدعوة بالرفق والإحسان ولين الجانب مع الجاهل، ما رواه أنس بن مالك "رضي الله عنه" قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وسلم": مَهْ مَهْ - أي أكفف - قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": لا تُزْرموه - أي لا تقطعوا عليه بوله - دعوه، فتركوه حتى بال، ثُمَّ إنَّ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" دعاه، فقال له: إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنَّما هي لذكر الله عزَّ وجلَّ والصلاة وقراءة القرآن، قال فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنَّه عليه".
وها أنا ذا ختامًا، أوافق العلامة الشيخ ابن باز في وصيته بمجموع فتاويه، قوله - رحمه الله -: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه"، ولا سيما في هذا العصر، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة، وليس عصر الشدة، الناس أكثرهم في جهل، في غفلة وإيثار للدنيا، فلابد من الصبر، ولابد من الرفق حتى تصل الدعوة، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا".. فالرفق الرفق، واللين اللين، وغفر الله تعالى لنا جهلنا وقسوتنا وغلظتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.