جاءت مشاركة مصر في القمة الإفريقية الحادية والثلاثين والتى أنهت أعمالها أمس في العاصمة الموريتانية الهادئة نواكشوط تحت شعار "مكافحة الفساد في إفريقيا"؛ لتؤكد الاهتمام الكبير الذى توليه القيادة السياسية بدعم علاقات التعاون مع القارة السمراء، وتأكيد عودة القاهرة إلى أحضان إفريقيا مجددًا، في ظل الجهود المكثفة، والزيارات المتعددة، والمشاورات واللقاءات المثمرة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي على مدار السنوات الأربع الماضية مع قادة القارة، سواء في القاهرة أو في العواصم الإفريقية أو حضور القمم الإفريقية التي عقدت سواء في مقر الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في عواصم أخرى. وبالتالي فإن القادة والزعماء الأفارقة أدركوا تمامًا التوجه المصري الصادق والصريح تجاه قضايا القارة المختلفة والسعي المصري لخدمة تلك القضايا، خاصة فيما يتعلق بدعم مصر للتكتلات الاقتصادية الثلاثة الكبرى؛ وهي الكوميسا والسادك والإيكواس؛ لتكون الركيزة الأساسية في دعم وتفعيل منطقة التجارة الحرة في القارة والتعاون بين تلك التكتلات أو ما يتعلق بالدور المصرى البارز في كيفية مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف في القارة ومحاصرة الجماعات الإرهابية والسعي لتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية في عدد من دول القارة. والمؤكد أن التواجد المصري في الفعاليات الإفريقية المختلفة، وفى مقدمتها القمة الإفريقية ينعكس على دعم العلاقات المصرية – الإفريقية في كل المجالات، سواء على المستوى الثنائي، أو متعدد الأطراف، ويعيد لمصر ثقلها ومكانتها الحقيقية في القارة، خاصة في ظل تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى العام المقبل؛ حيث سيتسلم الرئيس السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال القمة المقبلة في أديس أبابا. ولاشك أن " قمة نواكشوط " اكتسبت أهمية كبيرة في ظل العديد من المناقشات واللقاءات التي تمت في الجلسات الرسمية للقمة، أو على هامشها، خاصة أن الموضوع الرئيسي للقمة وهو "مكافحة الفساد في إفريقيًا" من الموضوعات الشائكة والمهمة لشعوب القارة؛ حيث تعتبر إفريقيا في طليعة الدول التي تعاني تفشي الفساد بها، وتقدر الأممالمتحدة كلفة الفساد في إفريقيا بنحو 148 مليار دولار سنويًا، من بينها 50 مليار دولار؛ جراء التدفقات المالية غير المشروعة، وبالتالي فإن الفساد وتهريب الأموال خارج القارة يؤدي – دون شك – إلى تقويض جهود التنمية وإعاقة المشروعات التي تسعى الدول إلى تنفيذها. ولذا فإن المناقشات التي شهدتها أروقة القمة؛ سواء في الجلسات العامة أو المغلقة، والتى شاركت فيها مصر بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، ركزت على كيفية مواجهة الفساد في القارة ووقف نزيف تهريب الأموال، بالإضافة إلى المطالبة بدعم دولى للتصدى للإرهاب، والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار في دول الساحل بعد تغلغل الجماعات الإرهابية بصورة واضحة في تلك المنطقة وتهديدها الأمن - ليس في الساحل فحسب - بل في القارة كلها، وارتباط ذلك بالجهود الإفريقية المبذولة لمواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة في القارة، سواء جماعة "بوكوحرام" في نيجيريا أو الشباب الإرهابية في الصومال، أو القاعدة وتنظيم داعش في الشمال الإفريقي. وأعتقد أن البيان الختامي للقمة، برغم أنه ركز على ضروة تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة الفساد في القارة، فإننا ما زلنا نفتقتد وجود آليات حقيقية وفعالة؛ لتفيذ تلك القرارات والبيانات التي تخرج عن اجتماعات القمم الإفريقية بصورة كبيرة، وبالتالي بات المواطن الإفريقى ينظر إلى تلك الاجتماعات واللقاءات بمزيد من الشك، وعدم الثقة في قدرتها على حسم ومواجهة القضايا الشائكة في القارة، خاصة تحقيق الأمن والاستقرار، ومواجهة الإرهاب، والتصدى للفساد، وهى العقبات الرئيسية أمام جهود تحقيق التنمية في القارة السمراء. [email protected]