لم تكن أجواء القمة الإفريقية التى أنهت أعمالها السبت الماضى فى العاصمة الاثيوبية أديس ابابا أقل توترا من الأوضاع السياسية والاقتصادية التى تشهدها القارة السمراء حيث سجلت أعلى معدلات النزاعات والحروب الأهلية فى العالم خلال السنوات الماضية وخاصة العام الماضى. فلم يشعر المواطن الافريقى فى العديد من دول القارة بأى قدر من الأمان فى ظل تردى الأوضاع الأمنية فى ليبيا ومالى وجنوب السودان وتصاعد وتيرة هجمات تنظيم "بوكوحرام" الإرهابى فى نيجيريا وجماعات الشباب الصومالية والتى امتد نشاطها إلى كينيا وأثيوبيا وهو ما دفع رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى د. دلامينى زوما للتأكيد على أهمية مواجهة الإرهاب وإدانة حادث سيناء الارهابى وضرورة سعى قادة القارة لتنفيذ أجندة 3602 للتنمية فى افريقيا وبالتالى مواجهة تلك الجماعات الإرهابية بصورة عملية من خلال التنمية والقضاء على الفقر والمجاعات والجفاف فى إفريقيا . ولذا فإن حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى الجلسة الافتتاحية للقمة الإفريقية وقطع مشاركته فى القمة بسبب الحادث الإرهابى فى سيناء كشف التضامن الكبير من دول القارة مع مصر فى مواجهة الإرهاب حيث أدان الاتحاد الإفريقى الحادث وعبرت الدول الافريقية عن تضامنها الكبير مع مصر ضد الإرهاب بل ورغبتها بصورة واضحة عن وضع استراتيجية إفريقية لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره خاصة وإن الإرهاب يدمر جميع الجهود المبذولة لتحقيق التنمية فى القارة السمراء التى مازالت تعانى كثيرا من مشاكل الفقر وعدم تحقيق التكامل الاقتصادى بين دولها. وأعتقد أن عودة الدور المصرى بقوة إلى القارة الإفريقية من خلال الزيارات والرسائل المهمة التى يبعث بها الرئيس السيسى لدول القارة تمثل دعوة للتضامن الإفريقى ضد الإرهاب الذى أصبح يمثل ظاهرة عالمية تهدد أمن واستقرار العالم وتقوض جميع الجهود الإفريقية والدولية لتحقيق التنمية فى القارة السمراء. فعلى الرغم مما يظهره المجتمع الدولى من تعاطف مع إفريقيا بشأن النزاعات والحروب وتنامى دور الحركات والتنظيمات الإرهابية فى القارة إلا أن هذا التعاطف وحده لا يكفى فلابد من دعم الدول الإفريقية اقتصاديا ولوجستيا سواء من خلال الأممالمتحدة أو الاتحاد الأوروبى والتعاون والتنسيق مع الاتحاد الإفريقى الممثل الشرعى لدول القارة وهو ما يبرز أهمية ودقة التصريحات التى قالها الرئيس السيسى فى أعقاب هجمات سيناء الارهابية من أن مصر تواجه "أخطر تنظيم سرى". والمؤكد أن الجهود المصرية لمواجهة الإرهاب لن تتوقف حتى يتم اقتلاع الإرهاب من جذوره رغم الثمن الباهظ لذلك، ولكن على نفس الصعيد لابد أن يتفهم الغرب ذلك الموقف بشكل كبير وان يتوقف عن دعم تلك الجماعات الارهابية سواء معنويا او ماديا وخاصة الخارجية الأمريكية والتى استقبلت مؤخرا وفدا من جماعة الإخوان المسلمين الارهابية فى إشارة إلى استمرار الدعم الأمريكى غير المبرر لهذه الجماعة. وأعتقد ان الموقف الدولى لابد أن يدعم الموقف المصرى لمواجهة الإرهاب حيث أن تلك التنظيمات لن يتوقف نشاطها على الشرق الأوسط فقط بل سوف يمتد الى دول أخرى من العالم.