حريق سنترال رمسيس يكشف المستور .. زحام وفوضى داخل البنوك وتوقف التحويلات عبر التطبيقات    بالصور.. حريق سنترال رمسيس| جهود مستمرة للتبريد وتحقيقات موسعة لكشف ملابسات الحادث    خبيران: تأثير محدود على تعاملات البورصة غدا وسهم المصرية للاتصالات    محافظ الجيزة: تفعيل منظومة ذكية لنقل وإدارة مخلفات البناء والهدم إلكترونيًا    56 شهيدًا في قصف إسرائيلي واسع على غزة    وزير الخارجية البريطاني: نريد وقفا دائما لإطلاق النار في غزة وليس هدنة لمدة 60 يوما    النص الكامل لتعديل قانون الرياضة بعد موافقة مجلس النواب بشكل نهائي    الشرطة الإسبانية: ديوجو جوتا كان قائد السيارة في الحادث المميت    وزير الشؤون النيابية ل النواب: استعدتم حصاد عملكم بتشريعات جسدت الصالح العام    المهرجان القومي للمسرح يختتم فعالياته ببورسعيد ويكرم المخرج سمير زاهر    أنشطة متميزة لرياض الأطفال بجناح الأزهر بمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    النواب يوافق مبدئيًا على اتفاق قرض المرونة الغذائية    مصر وروسيا توقعان بروتوكولاً مكملًا لاتفاقية التعاون فى بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية    الأهلي يرفض تخفيض مطالب بيع وسام أبو علي ويتمسك ب12 مليون دولار    خبر في الجول - اختبارات بدنية ومعسكرات لتجهيز الحكام للموسم الجديد    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    ترامب: أود رفع العقوبات الأمريكية الصارمة عن إيران    رئيسة المفوضية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي ملتزم بانخراط قائم على النتائج مع الصين    حالة الطقس في الإمارات اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    لليوم الثاني.. فرق الإنقاذ تواصل جهودها لانتشال جثتين سقطت بهما سيار نقل من «معديه» بنهر النيل في قنا    ريبيرو يتمسك بالرباعي الخبرة.. ورفض رحيل عبد القادر للسعودية    فرنسا تشدد الخناق على الإخوان.. ماكرون يطلق حزمة إجراءات صارمة لمواجهة التطرف    رامي جمال: عمرو دياب أسطورة حية.. وأنا مش من جيله علشان أتقارن بيه    إجراء احترازي بسبب الطقس.. مترو الأنفاق يعلن تقليل سرعة القطارات إلى 60 كم/س حفاظًا على سلامة الركاب    الطيران المدني: عودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة    الخميس.. غلق باب تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    فيضانات تكساس الكارثية تودي بحياة أكثر من 100 شخصًا    استمرار عمليات التبريد فى مبنى سنترال رمسيس لليوم الثانى وسط حالة استنفار    افتتاح قبة «سيدي جوهر المدني» في شارع الركبية بحي الخليفة    بتكلفة 2 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لوحدة «عناية القلب» بمستشفى الحسينية المركزي    فيلم ريستارت يقفز بإيراداته إلى رقم ضخم.. كم حقق في دور العرض الإثنين؟    «هتضحك معاهم من قلبك».. 4 أبراج يُعرف أصحابها بخفة الدم    الجبهة الوطنية: نؤكد أهمية خروج الانتخابات بصورة تليق بالدولة المصرية    المصرية للاتصالات تنعي شهداء الواجب في حادث حريق سنترال رمسيس    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    رسميًا.. صفقة الأهلي "الحملاوي" ينضم إلى كرايوفا الروماني    سؤال برلماني لوزير الاتصالات بشأن حريق سنترال رمسيس: خلل بالغ في البنية القومية سبب أضرارا جسيمة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    وزير الإسكان يتفقد المنطقة الاستثمارية ومشروع الأرينا بحدائق "تلال الفسطاط"    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين تطورات الرسوم الأمريكية    رئيس الرعاية الصحية: تطوير المنشآت الطبية بأسوان وربط إلكتروني فوري للطوارئ    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    التقديم الإلكتروني للصف الأول الثانوي 2025.. رابط مباشر وخطوات التسجيل والمستندات المطلوبة    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    البرازيل ونيجيريا تبحثان التعاون الاقتصادي وتفعيل آلية الحوار الاستراتيجي    هشام يكن : رحيل ميدو عن الزمالك ليس بسبب جون إدوارد    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمود الضبع يكتب.. خلل التحكيم في جوائز الثقافة والفنون
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 06 - 2018

يحتكم العالم كله إلى معايير ومقاييس في تحكيم الأعمال الأدبية والفنية وفي الجوائز والمسابقات، إلا نحن العرب، نحتكم إلى ذائقة أجيال سابقة تفرض نموذجها على أجيال معاصرة لها، وعيها مختلف، وذوقها الجمالي مختلف.
كيف يحكم مثلا من ينتمي ذوقه للشعر العمودي، على شعر ينتمي لقصيدة النثر أو الإبيجرام أو الهايكو؟.
كيف يحكم من ينتمي وعيه للسرد الكلاسيكي (القصة والرواية والمسرح)، على الرواية الجديدة والقصة القصيرة جدا والمسرح التجريبي؟.
كيف يحكم من ينتمي وعيه للسينما والفن الكلاسيكي، على أعمال تنتمي لما بعد بعد الحداثة؟.
كيف لناقد أدبي أو فني يمنح صكوك الولاية منذ الستينات من القرن الماضي (لم أكن قد ولدت حينها)، ويصدر الأحكام القطعية حتى على الأنواع الأدبية ذاتها، أو على الفنون والمسرح والسينما، وبالتالي يسفه كل كتابة تالية عليه؟.
وبالإجمال: كيف نحتكم للذوق ولا نحتكم للمعيار؟ كيف نحتكم لآراء بشرية لابد أن تتأثر بالأبعاد الشخصية، ولا نحتكم للوثيقة التي لا تعترف بالمشاعر والعواطف؟.
سيرى البعض أن الإبداع والفن والأدب لا يخضع للمعيار والمقياس، وأنه قائم على التجريب والتجديد والتطوير والابتكار والتحديث، وهم محقون تماما، لكن ربما لا يكون شائعا في ثقافتنا العربية، أن الإبداع يخضع عالميا لمقاييس مقننة، تحتوى في عناصرها هذه الأبعاد، وتراعي حداثة النوع الأدبي، وتحتفي بالتجريب والتجديد والتطوير، وهي بذلك تضمن الخروج من الذاتي الضيق المرتبط بالعواطف والانفعالات الإنسانية، إلى الموضوعي الرحب المرتبط بالحيادية وتغليب الأفضل.
نحن ما زلنا نحتكم في تقييم أبحاثنا العلمية والأدبية والفنية، لآراء الأشخاص، الذين يحتكمون بدورهم إلى خبرتهم العريضة بمجال التخصص، ولكن ماذا لو قلنا إن مجال التخصص ذاته اتسع ولم يعد في الإمكان أن يحيط به متخصص كائن من كان، وأن المنهج الصارم محدد المعالم، الذي كانت خطواته معروفة، قد انقضت أيامه، وصار العالم يدين إلى فلسفات ضد المنهج أحيانا، وإلى فلسفات المناهج البينية أحيانا أخرى، ناهيك عن الانفتاح الثقافي والتدفق المعلوماتي وتكنولوجيا العلوم والمعارف التي فتحت المشهد على مصراعيه.
ففي السينما مثلا، تدخلت آلاف التفاصيل والعناصر والمدخلات، التي لن يستطيع الإلمام بها شخص واحد، وفي الأدب والفن تعددت تيارات المنتج الواحد، بما لا يجعل متخصصا لديه القدرة على الإلمام بكل ما ينتجه الإبداع العالمي، أو بتوجهاته، فما مرجعية الحكم هنا على النص الأدبي أو المنتج الفني؟، هل سنكتفي بآراء الأشخاص، أم سنحتكم إلى ما يفعله العالم من معايير ومقاييس، تضمن الجودة والحيادية وسلامة الحكم؟.
لعلنا لو بحثنا قليلا، سنجد مراكز تقويم عالمية طورت أدوات تقييم لكل العلوم والفنون والآداب، وخصصت جزءا منها لحكم الفاحص وذوقه الشخصي، المستند على الخبرة (لا يزيد عادة على 10٪)، و جزءا لحداثة النوع، وما أضافه من تطوير، وجزءا لارتباط النوع بكلاسيكياته، و جزءا للمنهجية (وليس المنهج)، أو الحبكة والبناء الفني، وهكذا مما يسمح بالبحث عن هذه العناصر في العمل المراد تحكيمه.
ولعلنا لو اجتهدنا قليلا، لاستطعنا إنتاج أدوات تقييم متوافقة مع طبيعة آدابنا وفنوننا وبحثنا العلمي، بما يجعلها تنافس عالميا أيضا، بدلا من هذا التراجع الواضح الذي نراه فيها، بسبب سيادة الضعيف على حساب الجيد والأجود لاعتبارات لا تتعلق بالآداب والفنون ذاتها، ولكنها تتعلق في أحيان كثيرة بعدم القناعة الشخصية (الشخصية جدا)، المحتكمة إلى الرأي الشخصي جدا، والذوق الشخصي جدا في إصدار الأحكام.
العالم الآن يخضع لمعايير ومقاييس مقننة تضمن الجودة في كل ما ينتجه الإنسان ماديا كان أم فكريا، وهو ما أوجد شهادات الآيزو مثلا ( إحدى المعايير الدولية لقياس جودة المنتج)، وإن كان الإنتاج الفكري لن يقبل هذه الصرامة في تطبيق المعايير والمقاييس، فليس معنى ذلك التخلي عنها تماما كما نفعل في واقعنا، وإن كان العالم جميعه يعاني من الخلل في تطبيق هذه المعايير أحيانا، بحكم تدخل السياسة ورؤوس الأموال وصناعة الميديا في توجيه الأحكام ومحاصصة الجوائز وخلافه، فإن وجود معايير مقننة يقلل من ذلك وكثيرا ما يمنعه (كما حدث في نوبل للآداب هذا العام)، وهو في نهاية الأمر أفضل كثيرا من التخلي عن هذه المعايير كلية، بدعوى الاعتماد على خبرة المحكمين مهما كانت درجة تخصصهم وخبراتهم العريضة في مجالاتهم، فغلبة الأصوات عادة تكون للأكثر عددا والأقوى شخصية، وليس لمعيار الجودة، لأن المعيار غائب من الأساس.
لقد بلغ الأمر في بعض لجان التحكيم العربية، أن تعتمد معيارا لا أستطيع استيعابه حتى الآن، وهو قياس جودة العمل بما نشر عنه من مقالات ودراسات، وهو الأمر الذي أدركه كثيرون من الكتاب والفنانين على وجه الخصوص، واستطاعوا استثماره بطريقة أو بأخرى، فأين معيار الجودة عند القائم بالتحكيم، وقد خضع من البداية لسطوة الجهاز الإعلامي وليس للفحص الفني الدقيق؟.
ولا عزاء هنا للمفكرين والمؤرخين والنقاد والفلاسفة وأصحاب الرأي مثلا، إذ نادرا ما سيكتب عنهم أحد اللهم إلا خبرا أو عرضا لمؤلفاتهم في صحيفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.